ردت رئيسة الجناح السياسي لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) إلهام أحمد على المبادرة الروسية التي دعت إلى احتواء «قسد» ضمن قوات النظام السوري، مركزة على الحل السياسي قبل إجراء أي عملية دمج للقوات، داعية النظام السوري إلى القبول بواقع الإدارة الذاتية القائمة حالياً من قبل «مسد» (الجناح السياسي لقسد).
وصرحت إلهام أحمد في اجتماع عقده مجلس سوريا الديمقراطية المعروف اختصاراً باسم «مسد» « في الرقة إنه «بدلا من الهجوم على هذه القوات الأجدر أن يتم الحديث عن كيفية الحل السياسي، وبالتالي دمج «قسد» مع الجيش السوري في آليات معينة هو الحل الصحيح، في ظل تشتت قوات النظام الضمني».
موسكو تجرب لعبة لي ذراع «مسد»… ورئيستها تغرد خارج السرب
وقالت في تصريحات نشرها الموقع الرسمي لـ «الإدارة الذاتية» إن «داعمي الحكومة السورية على تواصل ومصالح مع الدول الأخرى، فأي توقيع اتفاق داخل الجغرافية السورية سيكون لها تأثير على هذه الأطراف الدولية والإقليمية أيضاً، سواءً بشكل إيجابي أو سلبي، لذلك هم يتعاملون مع الملف السوري حسب مصالحهم وهذا ما يعقد الأمر».
«شرعية دولية»
واعتبرت رئيسة مجلس سوريا الديمقراطية «مسد» إلهام أحمد أن النظام والمعارضة السورية ليسا إلا أدوات في يد الفاعلين الدوليين، حيث قالت «الحكومة السورية غير قادرة على اتخاذ القرار والاتفاق الذي تعقده، كذلك الأمر بالنسبة للمعارضة فهي خاضعة للأجندات التركية، وبالتالي هم غير قادرين على اتخاذ قرارهم المستقل» مشيرة إلى «تواصل مجلس سوريا الديمقراطي الجناح السياسي للإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا مع شخصيات وجهات سياسية لا يخضعون للأجندات التركية»، وأضافت أن «مشروع التوطين الذي تسعى الدولة التركية لتنفيذه، هو مشروع استيطاني عثماني ضمن إطار الميثاق المللي، وتحاول الدولة التركية تنفيذه قبل انتهاء اتفاقية لوزان»، مضيفة أن «قوات سوريا الديمقراطية تحولت لرقم صعب لا يمكن تجاوزه، ومن أراد إن كان من جيش أو فصائل لن يفضلوا أن يكسبوا عداء قسد، التي حمت هذه المناطق من الاعتداءات الخارجية والداخلية، وبالتالي لهذه القوات (قسد) شرعية دولية».
وكان مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، قال إن موسكو تحاول إقناع الكرد بالتسوية مع النظام السوري، ودمج قوات سوريا الديمقراطية «قسد» في صفوف قوات النظام السوري، لتجنب مغبة التطور السلبي للوضع في سوريا، في إشارة إلى الحملة العسكرية التركية المرتقبة.
وفي تصريح لافرنتييف الجمعة، أشار إلى أن عملية تركية في شمالي سوريا «قد تدفع الكرد نحو إقامة دولة، وستكون لها عواقب بعيدة المدى». وأضاف «قلنا لزملائنا الأتراك إن هذا قد يؤدي إلى زيادة المشاعر الانفصالية بين الكرد وتحفيزهم على إقامة دولة، وهذا ليس في مصلحة سوريا أو تركيا أو إيران أو العراق»، مؤكدًا أن «الوفد الروسي في مفاوضات (أستانة) بذل قصارى جهده لمحاولة إقناع الجانب التركي بالنتائج المضادة لهذه الخطوة».
الحل السياسي أولاً… قبل الدمج
ولترجمة موقف قوات سوريا الديموقراطية من المبادرة الروسية، وسط مواصلة الضغط التركي، وتهديده المستمر بالتدخل العسكري، اعتبر عضو المجلس الوطني الكردي فؤاد عليكو، أن هناك فرقا شاسعا بين ما تقوله إلهام أحمد وما يطلبه الجانبان الروسي والسوري من قسد، حيث ركزت الهام أحمد على الحل السياسي بداية، قبل الحديث أو الولوج في أي تنسيق لدمج القوات.
وفسر في تصريح لـ «القدس العربي» الرد الكردي بأنه يعني في جوهره «على النظام القبول بواقع الإدارة الذاتية القائمة حالياً من قبل مسد، ثم الاتفاق على الترتيبات العسكرية وما يتبع ذلك من دمج قسد داخل الجيش وفق صياغات دستورية، وهذا ما يرفضه النظام بشكل قاطع وحتى مناقشة ذلك».
واعتبر المتحدث أن أقصى ما يقدمه النظام هو القبول بتسليم الإدارات المحلية في منطقة مسد لهم، أي «استبدال موظفين حكوميين بموظفين من مسد وتطبيق قانون الإدارة المحلية للنظام في تلك المناطق، إضافة إلى رفضها أي تعديل دستوري في الوقت الذي تحضر اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف لصياغة دستور جديد لسوريا».
وحول موقف قسد، وإمكانية إيجاد حل وسط بين الطرفين بواسطة روسية، استبعد عضو المجلس الوطني الكردي أن يتم الوصول إلى أي اتفاق سياسي، معتبراً أن «الروس يلعبون لعبة لي الذراع مع قسد، وبالتالي فإن قسد في وضع لا تحسد عليه الآن، بين استمرارية الضغط التركي بالتدخل العسكري وبين الابتزاز الروسي والنظام».
مراقبون وخبراء لـ «القدس العربي»: «قسد» بين مطرقة تركيا وسندان روسيا
وفي سؤاله عن الحل الأمثل ل»قسد» و»مسد» قال عليكو «الحل هو الانفكاك عن pkk عمليا والتفاهم مع المجلس الوطني الكردي ثم الذهاب باتجاه المعارضة كجزء من معارضة النظام، والتفاهم مع تركيا على الترتيبات الحدودية، بدلاً من قيام النظام بذلك يتم سحب كل مبررات التدخل وكل ابتزاز من قبل الروس والنظام وسيلقى هذا الموقف دعماً دولياً كبيراً ويبعد الجميع عن شبح الحرب الجديدة ومآسيها».
وتسعى الحملة التركية المرتقبة إلى القضاء على حزب العمال الكردستاني وامتداداته، حيث هدد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان أن بلاده سوف «تطهر تل رفعت ومنبج من الإرهابيين». وقال مطلع الشهر الفائت، خلال اجتماع برلماني في أنقرة، إن مرحلة جديدة تستهدف مناطق سيطرة «قسد»، لتأمين عمق 30 كيلومتراً في الدخل السوري المتاخم للحدود الجنوبية مع تركيا.
موقف النظام
وحول موقف النظام من «قسد» وتصريحاتها، يقول الخبير السياسي المقيم في موسكو محمود حمزة، إن دمج «قسد» في صفوف النظام السوري هو «حلم بالنسبة لقسد» وأبدى المتحدث اعتقاده بأن «قسد ومسد لن يتم قبولهما في جيش النظام، لاسيما أن لديهما مطالب كثيرة منها سياسية ومنها عسكرية وغير ذلك من مطالب تتعلق بالوضع الدستوري، كما أنها تطالب بدخولها بشكل جماعي بالجيش». وأضاف حمزة لـ «القدس العربي»: «النظام هو من صَنع قسد، وهو من سلمه المواقع والمؤسسات بموجب محاضر استلام وتسليم، بينما يستغل الروس الأكراد».
واعتبر المتحدث أن «الهام أحمد تغرد خارج السرب، وهي تقود عصابة مأجورة، تتبع لحزب العمال الكردستاني، تنهب خيرات الجزيرة وتنقلها إلى جبال قنديل وتمارس انتهاكات ضد حقوق الإنسان، ضد العرب والكرد والسريان، وسيأتي يوم تشعر بنفسها بأنها بين فكي كماشة من قبل النظام السوري وتركيا» لاسيما أن النظام «يتعامل مع قسد كما يتعامل مع المعارضة السورية، وهو الذي يشعر أنه منتصر عسكرياً ويدعمه كل من روسيا وإيران وحزب الله في ظل مجتمع دولي متواطئ».
“القدس العربي”