نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريراً الجمعة، تناولت فيه ملف التطبيع بين الحكومات العربية وإسرائيل، وأشارت إلى أن هناك حالة انفصال منذ فترة طويلة بين العديد من الدول العربية ومواطنيها بشأن نهجها تجاه القضية الفلسطينية.
وسلطت الصحيفة الضوء على ما يحدث في البحرين من تحركات شعبية تتعارض مع الموقف الحكومي، وقالت إن “المتظاهرين في عاصمة البحرين المنامة لوحوا بالأعلام الفلسطينية وهتفوا بأعلى أصواتهم مطالبين حكومتهم الموالية للولايات المتحدة بطرد السفير الإسرائيلي الذي تم تعيينه قبل عامين”.
وأضافت: “في العديد من الاحتجاجات في جميع أنحاء المنطقة، ذهب الناس إلى ما هو أبعد من إدانة الاحتلال إلى الهتاف الداعم للمقاومة الفلسطينية وانتقاد حكوماتهم”.
ونقلت الصحيفة عن إلهام فخرو وهي سيدة بحرينية تعمل في مؤسسة بحثية قولها: “تريد حكومة البحرين أن يُنظر إليها على أنها صوت الاعتدال في الولايات المتحدة، وهي تستخدم بشكل متزايد علاقتها الجديدة مع إسرائيل لتشكيل هذا التصور في واشنطن. لكن في الوطن فإن لذلك تأثيراً مختلفاً”.
الإمارات العربية المتحدة
وفي أيلول/سبتمبر عام 2020، وقعت كل من إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والبحرين اتفاقيتين لتطبيع العلاقات في البيت الأبيض بحضور رئيس الولايات المتحدة السابق دونالد ترامب الذي قال حينها إن خمسة أو ستة بلدان عربية ستوقع اتفاقيات مع إسرائيل.
وبحسب صحيفة “واشنطن بوست” فإنه خلافاً للمواقف السياسية فإن “الحرب في غزة هيمنت على الحوارات في وسائل التواصل الاجتماعي، وفي الاحتجاجات وفي محادثات مائدة العشاء، حيث يقول العديد من المواطنين الخليجيين إنهم يريدون من قادتهم أن يفعلوا المزيد”.
وتمثل الموقف السياسي في الإمارات، بإعلان المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات أنور قرقاش، أن بلاده لها نفوذ على إسرائيل ولم تكن ستحظى به من دون علاقات. وبسؤاله عما إذا كان من الممكن لأي شيء أن يُقنع الإمارات بقطع علاقاتها مع إسرائيل، رد قرقاش بحذر: “اكتشفنا خلال العملية الدبلوماسية أن الإشباع الفوري ليس الحل في عالم السياسة، بل يكمن الحل في التواصل”.
المملكة العربية السعودية
أما السعودية التي اتخذت موقفاً متقدماً عن البحرين والإمارات، فقد دعت إلى وقف شامل لإطلاق النار في غزة، واصفةً الحرب بأنها “تطور خطير وكارثة إنسانية”، كما ترأس وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان الوفد العربي الإسلامي الذي شكلته القمة الإسلامية العربية المشتركة بالسعودية لمخاطبة القوى العالمية وحثها على وقف الحرب.
وعلى الصعيد الداخلي، فقد اتخذت المملكة خطوات للتعبير عن مظاهر التضامن الشعبي مع الفلسطينيين عبر جهود الإغاثة وجمع التبرعات.
وخلال حديثه في حوار المنامة في البحرين في 18 تشرين الثاني/نوفمبر، قال الأمير السعودي تركي الفيصل إن الأزمة في غزة أظهرت أن جهود السلام الإقليمي التي لا تعالج احتلال أراضي فلسطين هي مجرد وهم”، وأضاف: “تمثل هذه الحرب نقطة تحول في عملية البحث الجاد عن حلٍ عادلٍ للقضية الفلسطينية، وأي جهود مستقبلية يجب أن تتطرق لمطلب الفلسطينيين الشرعي من أجل الحصول على حق تقرير المصير”.
المملكة المغربية
وفي 10 كانون الأول/ديسمبر 2020، أعلنت تل أبيب والرباط استئناف علاقاتهما الدبلوماسية، بعد توقفها عام 2000، ليبدأ توافد المسؤولين الإسرائيليين إلى المغرب.
وفي 9 حزيران/يونيو، قال رئيس الكنيست الإسرائيلي أمير أوحانا أثناء زيارته للرباط، إن هذه المرة الأولى التي يدعى فيها مسؤول اسرائيلي إلى برلمان بلد مسلم، وفق وكالة أنباء المغرب الرسمية.
أما الموقف الشعبي، فقد عبر عنه منسق الهيئة المغربية للدعم والنصرة محمد الرياحي الإدريسي لوكالة الأناضول، الذي قال إن “رفع المتظاهرين شعار رفض التطبيع في كل التظاهرات الداعمة لغزة، يعتبر استفتاء واضحاً على الرفض الشعبي لكل تنسيق مع الاحتلال”، فيما حذر رئيس المرصد المغربي لمحاربة التطبيع أحمد أويحمان للوكالة، من المراهنة على التطبيع، “لأن إسرائيل خطر على المغرب وباقي الدول العربية والإسلامية الأخرى، وإن الرهان عليها هو رهان أثبتت الأحداث فشله”.
إخراج الرعايا
وأدت ردود الفعل الشعبية الواسعة والمناهضة للإحتلال الإسرائيلي إلى توجيه تل أبيب دعوة لرعاياها بالخروج من الدول العربية والإسلامية.
ومع بداية الحرب، دعا مجلس الأمن القومي الإسرائيلي الرعايا الإسرائيليين المقيمين في تركيا والإمارات والبحرين وماليزيا وإندونيسيا وجزر المالديف إلى المغادرة فوراً، بعد أن دعا إلى مغادرة الأردن ومصر، كما وجّه بالامتناع عن السفر إلى المغرب.
سلاح المقاطعة
وبالإضافة إلى التظاهرات التي خرجت في عشرات الدول وضمت مئات الآلاف، تصاعدت حملات الغاضبين من الجمهور العادي على الشركة العالمية وموقفها من الحرب على غزة، واستعملت الشعوب المناهضة لإسرائيل سلاح المقاطعة وهو ما أتى بنتيجة تُرجمت بخسائر تكبدتها تلك الشركات.
وكانت “ستاربكس” وهي شركة أميركية أعلنت انحيازها لإسرائيل، نموذجاً في سلاح المقاطعة، حيث تكبدت خسائر بلغت 12 مليار دولار في 20 يوماً فقط، وتراجع القيمة السوقية للشركة من نحو 122 ملياراً إلى 110 مليارات دولار.
ولم تقتصر حملات المقاطعة على منتجات وفروع الشركة، بل امتدت حتى الى أسهمها المدرجة في بورصة “وول ستريت” حيث بات المستثمرون عازفين عن حيازة سهم الشركة، بل سارع المئات للتخلص مما في حوزتهم من أسهم والتراجع عن تملّك وحيازة الأسهم.
“المدن”