دمّر الطيران التركي عشرات المنشآت الخدمية والمرافق الحيوية في الشمال السوري، في سياق حملة عسكرية بدأها الجيش التركي، الأحد الماضي، وما تزال مستمرة، مستهدفةً “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وذلك رداً على مقتل جنود أتراك في شمال العراق، في وقت يشهد الشمال الغربي من سورية تصعيداً من جانب قوات النظام والروس.
وقال وزير الدفاع التركي يشار غولر، أمس الأربعاء: “نفذنا غارات جوية على 71 هدفاً شمالي سورية والعراق، وأسفرت مع عمليات أخرى عن تحييد 59 إرهابياً”.
تركيا تستهدف البنية التحتية لـ”العمّال الكردستاني” في الشمال السوري
وبحسب وكالة “الأناضول” التركية، أول من أمس الثلاثاء، فقد دمّرت الاستخبارات التركية نحو 50 منشأة في مناطق: عين العرب (كوباني) في ريف حلب الشمالي الشرقي، والقامشلي وعامودا في ريف الحسكة أقصى الشمال الشرقي من سورية، قالت إنها تابعة لـ”حزب العمال الكردستاني”، مشيرة إلى أن الاستخبارات التركية استهدفت بهذه الهجمات البنية التحتية لـ”الكردستاني” خلال الحملة العسكرية التي بدأت الأحد.
قالت الاستخبارات التركية إنها دمّرت نحو 50 منشأة لـ”الكردستاني” في عين العرب والقامشلي وعامودا
وقالت إن الاستخبارات التركية “رصدت إنتاج التنظيم الإرهابي مستلزمات مختلفة داخل منشآت في سورية، بدءا من اللباس ومستلزمات الحياة اليومية وصولاً إلى الأسلحة والمتفجرات”، مضيفة أن الاستخبارات “لاحظت من خلال متعاونين ميدانيين، أن التنظيم الإرهابي كان يدير تحت غطاء مدني أنشطة منشآته العسكرية والاقتصادية واللوجستية في عين العرب والقامشلي وعامودا بسورية”، وفق الوكالة.
ونقلت عن مصادر أمنية قولها “إن عمليات الاستخبارات ساهمت بشكل كبير في تحييد التهديدات المحيطة بأمن الحدود وتعطيل الأهداف العملياتية وقدرة التنظيم على تنفيذ عمليات ضد تركيا”، مشيرة إلى أن المقرات والمنشآت المستهدفة “يؤوي بعضها قياديين في التنظيم وتم تدميرها بنجاح”.
وكان الجيش التركي قد رفع وتيرة التصعيد على شمالي العراق وشمال شرقي سورية ليل السبت- الأحد، بعد مقتل 12 جندياً تركياً وإصابة 13 آخرين في شمال العراق نتيجة هجوم تقول أنقرة إنه من تنفيذ “العمال الكردستاني” المصنف لدى عديد الدول في خانة التنظيمات الإرهابية. وتتعامل أنقرة مع “قسد” التي تسيطر على شمال شرق سورية، على أنها امتداد لهذا الحزب الذي يعتبره الأتراك التهديد الأهم لأمنهم القومي. ويلجأ الجيش التركي إلى حرب المسيّرات ضد هذه القوات بسبب رفض موسكو وواشنطن أي عملية برّية جديدة يمكن أن تغير خريطة السيطرة الميدانية في شمال وشمال شرقي سورية.
من جهتها، تؤكد “الإدارة الذاتية”، وهي الذراع الإدارية لـ”قسد”، أن الجانب التركي يستهدف المنشآت الخدمية والصحية في مناطق شمال شرقي سورية، ما أسفر عن دمار كبير في هذه المرافق فضلاً عن مقتل وإصابة مدنيين.
وبيّنت دائرة الإعلام في شمال شرقي سورية، في بيان وُزّع على وسائل الإعلام، أن الطيران التركي نفذ أول من أمس الثلاثاء، 18 هجوماً، و20 هجوماً آخر نفّذ بالأسلحة الثّقيلة، موضحة أن الهجمات استهدفت 6 منشآت، بينها معامل وشركات إنشاء ومحطَّة قطار وصوامع حبوب، ومنازل المدنيين ونقاط لقوى الأمن الداخلي التي تم استهدافها: 10 نقاط في كُلٍّ من مقاطعة الجزيرة ومدينة كوباني وريفها.
وقالت إن الجانب التركي وسّع نطاق حملته واستهدف بالأسلحة الثقيلة عدة قرى في منطقة تل رفعت في ريف حلب الشمالي وقرى أخرى في ريف عفرين الشرقي. وأكدت الدائرة الإعلامية في البيان، مقتل 8 مدنيين وإصابة العشرات في الحملة العسكرية المستمرة منذ الأحد، مبدية الاستغراب من “التزام القوى الدولية الفاعلة في سورية الصمت إزاء هذا العدوان، وخصوصاً قوات التحالف الدولي وروسيا الضامنتين لعملية وقف إطلاق النار”، وفق البيان.
بحسب “قسد”، فإن المنشأة الوحيدة التي تغذي المنطقة بالغاز والكهرباء، خرجت عن الخدمة
وبحسب موقع “نورث برس” الإخباري المقرب من الإدارة، استهدفت تركيا خلال قصفها، محطة السويدية في ريف ديرك/المالكية أقصى شمال شرقي سورية. وخرجت المنشأة الوحيدة التي تغذي المنطقة بالغاز والكهرباء، عن الخدمة بشكل كامل. ونقل الموقع عن الرئيس المشارك لمكتب الطاقة في إقليم الجزيرة (الحسكة)، أكرم سليمان، قوله إن “قطاع الكهرباء يعيش أكبر أزمة نمرّ بها منذ حوالي أكثر من 11 عاماً نتيجة التدمير الممنهج من المسيّرات التركية”، موضحاً أن “جميع مدن وبلدات وأرياف إقليم الجزيرة تعيش في حالة من العتمة التامة”. وقال: “لا توجد كهرباء لتخديم المؤسسات الخدمية الاستراتيجية من المشافي والمطاحن والأفران العامة وآبار ضخ المياه”.
النظام وروسيا يكثفان القصف على إدلب
وفي الشمال الغربي من سورية، شنّ الطيران الحربي الروسي ليل الثلاثاء – الأربعاء غارات على مناطق عدة، وفق الناشط الإعلامي مصطفى المحمد. وأوضح المحمد لـ”العربي الجديد”، أن القصف طاول الأطراف الغربية لمدينة إدلب ومحيط مدينة معرة مصرين شمال إدلب ومنطقة حرش جوزف في جبل الزاوية جنوبي إدلب، مشيراً إلى أن القصف لم يفض إلى مقتل مدنيين.
من جهته، قال الدفاع المدني السوري في بيان، إن غارات للطيران الحربي الروسي استهدفت أراضي زراعية على أطراف مدينة معرة مصرين في ريف إدلب الشمالي، بينما زعمت صحيفة “الوطن” التابعة للنظام السوري أن الغارات استهدفت مخازن أسلحة لـ”هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً) شمال بلدة القنيطرة وبين حرش الشيخ بحر وبلدة أرمناز شمالي وغربي محافظة إدلب.
وشهدت منطقة جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي، أمس الأربعاء، قصفاً مدفعياً من قوات النظام السوري، تزامناً مع تحليق طيران مسيّر فوق المنطقة وفوق ناحية الأتارب في ريف حلب الغربي.
إلى ذلك، قال “المرصد السوري لحقوق الإنسان” إن عنصرين من قوات النظام السوري قتلا الثلاثاء جرّاء استهداف من “هيئة تحرير الشام” على محوري كفرموس وكوكبا في ريف إدلب الجنوبي.
وقال العقيد مصطفى البكور، وهو قيادي في فصائل المعارضة شمال غربي سورية، لـ”العربي الجديد”، إن القصف الجوي الروسي ومن قوات النظام “بات طبيعياً”، مضيفاً أنه “لم يتوقف يوماً وإنما تشتد أو تخف وتيرته بحسب نشاط الطرفين على الأرض والموقف الدولي والإقليمي ومصالح الدول الفاعلة في الملف السوري”.
ويشهد الشمال الغربي من سورية تصعيداً من قبل قوات النظام والجانب الروسي منذ أيام عدة، ما أدى إلى مقتل مدنيين من بينهم عائلة كاملة (رجل وزوجته و3 أطفال)، قتلت الثلاثاء بالقرب من بلدة أرمناز بقصف من الطيران الروسي. وقال الدفاع المدني في إدلب، إن قوات النظام والطيران الروسي شنّت خلال العام الحالي 1232 هجوماً على الشمال الغربي من سورية “استهدف المدارس والمشافي والمساجد والمرافق العامة بغاية قتل الحياة وتقويض استقرار السكان وتدمير كل ما يساعدهم على الحياة”، وفق بيان.
“العربي الجديد”