أثار إعلان روسيا إنشاء قاعدة عسكرية مشتركة مع النظام السوري، في مدينة عين العرب (كوباني)، شمال شرقي حلب، والخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديموقراطية (قسد)، تساؤلات حول التوقيت، خصوصاً أنه جاء فيما تُوحي كل المعطيات باقتراب موعد اللقاء بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس النظام السوري بشار الأسد، برعاية وتنسيق روسي.
وبالنظر إلى قِدَم الوجود الروسي في منطقة كوباني، والذي يعود لأواخر العام 2019، يتضح أن الخطوة تؤسس لترتيبات لاحقة مُتفق عليها غالباً بين تركيا وروسيا والنظام السوري، ضمن تنسيق مسار التطبيع، لا سيما أن تركيا تولي هذه المدينة القريبة من حدودها أهمية خاصة.
وكالة “تاس” الروسية التي نشرت الخبر، اعتبرت أن إنشاء القاعدة يأتي في إطار الإجراءات المستمرة للرقابة على وقف العمليات القتالية بين الأطراف المتنازعة.
وقال نائب مدير “المركز الروسي للمصالحة” في سوريا، العقيد أوليغ إيغناسيوك، إن القوات المسلحة التابعة لروسيا الاتحادية والسورية، أنجزت إقامة قاعدة “كوباني”، في المنطقة القريبة من الحدود السورية التركية.
الضامن الروسي
ويدرج مدير مركز “رصد للدراسات الاستراتيجية” العميد عبد الله الأسعد، توقيت الخطوة الروسية، في إطار محاولات روسيا تذليل العوائق التي تؤجل لقاء أردوغان-الأسد المُرتقب، موضحاً أن “روسيا تريد التأكيد لتركيا التي تتخوف على أمنها القومي، أنها هي ستكون الضامن للحدود، لإدراكها بعجز قوات النظام”.
ويرى الأسعد أن روسيا تهدف من وراء القاعدة، إلى تركيز وجودها عند حدود تركيا، الدولة العضو في حلف شمال الأطلسي (ناتو) أولاً، وهو ما يخدم الحسابات المتعلقة بصراعها مع الغرب بسبب أوكرانيا، وثانياً تُسهل القاعدة على روسيا مهمة التوسط بين تركيا والنظام السوري، كما حصل مع الأردن في درعا، بعد اتفاق التسوية في العام 2018.
ويوضح لـ”المدن”، أن روسيا ستظهر اهتمامها بالحدود السورية-التركية، في حال أفضى مسار التطبيع إلى انسحاب عسكري تركي من الشمال السوري، وبعد ذلك في مراحل لاحقة تُسلم الحدود لقوات النظام السوري. ويقول: “لكن يبقى هذا في إطار التكهنات، ومن المستبعد أن تنسحب تركيا دون ضمان أمن الحدود”.
وكانت مصادر صحافية تركية قد تحدثت عن قبول رئيس النظام السوري، بتأجيل طلب الانسحاب العسكري التركي من سوريا. وقال الصحافي التركي غوربوز إفران، إن الأسد تخلى بشكل مؤقت عن طلب انسحاب القوات التركية، واعتبر أنه “يمكن مناقشة هذا الملف بعد انتهاء الوجود العسكري الأميركي في سوريا”.
التضييق على واشنطن
في المقابل، يُفسر الباحث المختص بالشأن العسكري في مركز “جسور للدراسات”، النقيب رشيد حوراني، الخطوة بأنها هدف روسي وتركي مشترك، وهو التضييق على الولايات المتحدة في سوريا.
ويقول حوراني لـ”المدن”، إن موسكو وأنقرة تريدان زيادة الضغط على واشنطن، صاحبة النفوذ في مناطق سيطرة “قسد”، ويمكن أيضاً أن يكون هدف القاعدة حل قسد في مرحلة لاحقة، كونها لم تستجِب لأي مطلب من مطالب النظام في المفاوضات معه، والنظام والروس يقدران أن نقطة ضعف قسد، يتمثل بعدم تقديم واشنطن أي وعد سياسي لها.
كذلك، يمكن وفق حوراني، أن يكون هدف القاعدة مراقبة الدوريات وتعزيز الوجود العسكري الروسي، مشيراً إلى الأنباء عن موافقة بشار الأسد على الاجتماع بأدروغان، لإجراء محادثات بينية، ويقول: “قد تكون القاعدة الروسية في إطار الترتيبات المتعلقة بتطبيع النظام مع تركيا”.
وتطالب تركيا بشكل دائم، روسيا والولايات المتحدة، بسحب قوات قسد من الشريط الحدودي مع سوريا، وكانت رؤيتها أن النظام لا يستطيع سد الفراغ، لكن وجود القوات الروسية “القوي” قد يدفع بتركيا إلى تغيير نظرتها.
– المدن