دمش«القدس العربي»: يتمّم الشهر الجاري مارس/ آذار 13 عاماً منذ أن خرج الشعب السوري بثورته في ربيع 2011 بمظاهرات جماهيرية سلمية في عموم المناطق السورية تطالب بالانتقال السياسي الديمقراطي، ووضع حد للفساد والدكتاتورية، لكن سرعان ما قمع النظام السوري المظاهرات الشعبية الغفيرة بالسلاح والرصاص المباشر، فسقط أكثر من 200 ألف من الضحايا، وتشرد قرابة 14 مليون سوري نزوحاً في الداخل السوري ولجوء في مختلف دول العالم، وتحولت الثورة السورية إلى قضية خاسرة على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، بعد سنوات من الصراع السياسي – العسكري العقيم.
لكن بعد 13 عاماً لا يزال النظام السوري مستمراً في بطشه، وقد ارتكب عدداً لا يُحصى من الفظائع التي بلغ بعضها حدّ جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، كما أن النظام السوري، مع حليفته روسيا، مستمران في ضرب المدنيين في هجماتٍ جوية وأرضية شهد بعضٌ منها استخدام الأسلحة الحارقة والعنقودية.
وتشير تقديرات الشبكة السورية لحقوق الإنسان إلى أن عدد الضحايا منذ بداية الحرب التي شنها النظام ضد شعبه، يناهز 550 ألفاً، بينما بلغ عدد المعتقلين تعسّفياً والمختفين قسرياً 155 ألفاً على الأقل كان النظام السوري مسؤولاً عن اعتقال وإخفاء الغالبية العظمى منهم. كما أن النظامين السوري والروسي مستمران في ضرب المدنيين في هجماتٍ جوية وأرضية شهد بعضٌ منها استخدام الأسلحة الحارقة والعنقودية.
وبمناسبة الذكرى السنوية الثالثة عشرة لانطلاق الثورة السورية، وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 231،278 مدنياً بينهم 15،334 بسبب التعذيب واعتقال تعسفي وتشريد قرابة 14 مليون سوري.
ووفقاً للتقرير، فقد أدَّت انتهاكات النظام السوري الفظيعة، والتي بلغ بعضها مستوى الجرائم ضد الإنسانية، والفشل التام للمجتمع الدولي بما فيه مجلس الأمن في حماية المتظاهرين المدنيين، في تحفيز تحول الاحتجاجات السلمية إلى نزاع مسلح داخلي، وتسَّبب ذلك في خسائر بشرية ومادية هائلة.
مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، يقول إن هذا التقرير هو بمثابة شهادة على الشجاعة المنقطعة النظير للشعب السوري في نضاله إلى الحرية والكرامة والديمقراطية، كما يكشف عن لوحة قاتمة من المعاناة والظلم المستمر، الذي تعرض له، وعلى الفشل الذريع للمجتمع الدولي في إنقاذ الشعب السوري. كل ذلك يؤكِّد على الحاجة الملحة لإعادة الاعتبار إلى القضية السورية وإيجاد حلٍّ سياسي وفق قرار مجلس الأمن 2254.
14 مليون نازح
وذكَّر التقرير أن أزيد من نصف الشعب السوري بين نازح ولاجئ، لافتاً إلى تقديرات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين التي تشير إلى أن قرابة 13.4 مليون سوري قد أجبر على النزوح داخلياً أو اللجوء إلى دول أخرى منذ آذار 2011. وقال التقرير إن التعذيب على يد النظام السوري ليس له حدود زمانية، والوفيات بسبب التعذيب مستمرة حتى بعد صدور قرار محكمة العدل الدولية. وأضاف أن معضلة الاختفاء القسري شبح يلاحق ذوي المختفين، وهناك تخوف على مصير قرابة 113 ألف مواطن سوري لا يزالون حتى الآن قيد الاختفاء القسري على يد أطراف النزاع في سوريا، قرابة 86 % لدى النظام السوري. وتحدث التقرير عن إخضاع المعتقلين لمحاكم استثنائية شاذة مثل محكمة قضايا الإرهاب ومحكمة الميدان العسكرية، وقدم الأخيرة أنموذجاً، مشيراً إلى ما لا يقل عن 7872 حكم إعدام و24،047 حالة إخفاء قسري نفذتها محكمة الميدان العسكرية منذ آذار 2011 حتى آب 2023.
واستعرض التقرير تحديثاً لحصيلة أبرز انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا منذ آذار 2011 حتى آذار العام الحالي، حيث سجل مقتل من 230 ألف مدني بينهم 30 ألف طفل على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا، منهم 201،260 على يد قوات النظام السوري. فيما قتلت القوات الروسية 6969 بينهم 2055 طفلاً.
وأظهر تحليل البيانات أن 91% من الضحايا قد قتلوا على يد قوات النظام السوري وحلفائه. كما أن قرابة 52 % من حصيلة الضحايا المدنيين قد قتلوا في محافظات ريف دمشق وحلب وحمص. ومن بين الضحايا 876 من الكوادر الطبية، قرابة 83 % منهم قتلوا على يد قوات الحلف السوري الروسي، و717 من الكوادر الإعلامية قتل نحو 78 % على يد قوات النظام السوري.
أكثر من 150 ألفاً قيد الاعتقال
ووثق التقرير ما لا يقل عن 156757 شخصاً، بينهم أكثر من 5 آلاف طفل و10 آلاف سيدة لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا، معظمهم على يد قوات النظام السوري. كما قضى أكثر من 15 ألف شخص تحت التعذيب، بينهم 199 طفلاً و115 سيدة.
واستعرضت الشبكة في تقريرها حصيلة الأسلحة الكيميائية والذخائر العنقودية والأسلحة الحارقة والطيران، مبيناً أربعة أنواع من الأسلحة: البراميل المتفجرة، الأسلحة الكيميائية، الذخائر العنقودية، الأسلحة الحارقة، وقال إن طيران النظام السوري المروحي وثابت الجناح ألقى ما لا يقل عن 81916 برميلاً متفجراً، وذلك منذ أول استخدام موثق لهذا السلاح في صيف 2012؛ تسببت في مقتل 11087 مدنياً، بينهم 1821 طفلاً و1780 سيدة.
وسجل التقرير 222 هجوماً كيميائياً في سوريا، منذ أول هجوم موثق لهذا السلاح في كانون الأول 2012، نفَّذ النظام السوري 217 هجوماً، فيما نفَّذ تنظيم داعش 5 هجمات. وقد تسبَّبت جميع الهجمات في مقتل 1514 شخصاً بينهم 214 طفلاً و262 سيدة جميعهم قضوا في هجمات شنَّها النظام السوري.
وعلى صعيد الذخائر العنقودية، قال التقرير إن النظام السوري وحليفه الروسي قد استخدما هذه الذخائر بشكل مكثف، وسجل 497 هجوماً منذ أول استخدام موثَّق لهذا السلاح في تموز 2012، كان 252 هجوماً منها على يد قوات النظام السوري، و237 هجوماً على يد القوات الروسية، إضافةً إلى 8 هجمات روسية/ سورية. وحسب التقرير فقد تسبَّبت تلك الهجمات في مقتل 1053 مدنياً بينهم 394 طفلاً و219 سيدة.