كشف مركز بحث سوري عن بدء ميليشيات مدعومة من الحرس الثوري بتأهيل كتيبة رادار شرق حلب تابعة لقوات النظام السوري، بغية اتخاذها مقراً لها، وهي الأنباء التي تؤكد في حال دقتها المعلومات التي نشرتها مجلة “نيوزويك” الأمريكية في مطلع كانون الثاني/يناير الماضي حول سعي إيران إلى إنشاء شبكة دفاع جوي شاملة في سوريا من خلال إرسال معدات وأفراد، وعن استمرار إسرائيل في عمليات إحباطها.
وأوضح مركز “نورس للدراسات”، أن ميليشيات تتلقى الدعم من الحرس الثوري الإيراني، بدأت أعمال صيانة قاعدة رادار الطعانة الواقعة على طريق حلب – الباب القديم، القريبة من مدينة الباب الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة المدعومة تركياً.
ويبدو أن الاتفاق على تسليم هذه الكتيبة للميليشيات المرتبطة بالحرس الثوري، جرى خلال زيارة وزير دفاع النظام السوري علي عباس إلى إيران أواخر كانون الثاني/يناير الماضي، حيث تسعى طهران بالتنسيق مع النظام السوري إلى تشكيل قوة ردع جوي لمنع الضربات الإسرائيلية في سوريا.
وباتت الضربات الجوية الإسرائيلية لدمشق تنفذ بشكل أسبوعي تقريباً واستهدفت على مدار الشهور الماضية مواقع للنظام السوري وحلفاءه من الميليشيات وقتل فيها عدد من ضباط الحرس الثوري الإيراني، وأمام الموقف الروسي الرافض حتى الان لمنح دمشق منظومات دفاع جوية قادرة على مواجهة الهجمات الاسرائيلية فإن خيارات طهران التقنية تبدو محدودة.
وكان الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي قد قال لدى استقباله وزير دفاع النظام عباس إن إيران هي الصديقة الحقيقية لسوريا، مؤكداً أن “إيران ستقف إلى جانب الشعب السوري في مرحلة إعادة الإعمار من خلال تعزيز التعاون الاقتصادي”. وأكد القائد العام لقوات الحرس الثوري اللواء حسين سلامي، خلال استقبال عباس استعداد إيران لنقل الخبرات في مجالات الحرب الإلكترونية وحرب المعلومات إلى سوريا، مضيفاً “من كان يسعى إلى تدمير سوريا عبر هجوم عالمي يمضي اليوم نحو الزوال والدمار”، مشدداً على الاستعداد لتقديم المساعدة لقوات النظام في مختلف الأبعاد والمجالات.
وقبل أيام، كان موقع “إيران إنترناشونال” المعارض قد أكد أن من يشرف على فريق نشر معدات الدفاع الجوي في سوريا حالياً هو الضابط في “فيلق القدس” التابع لـ”الحرس الثوري”، محمد رضا زاهدي.
وتابع بأن فريق المشروع يضم عملاء لوجستيين سريين، مطلعين على المعدات الحساسة في مجال الدفاع الجوي، مثل غلام حسن حسيني، وكان يعمل مع العقيد داود جعفري المعروف باسم مالك، المشرف على تطوير منظومة الدفاع الجوي الإيرانية في سوريا، والذي أعلنت إيران عن اغتياله قرب دمشق في 23 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. ويقول الكاتب المهتم بالشأن الإيراني عمار جلو، إن المؤشرات على الأرض السورية تدل على تسريع إيران لمراحل تنفيذ سياساتها الاستراتيجية، وتحديداً بعد التقارب التركي مع النظام السوري. ويوضح لـ”القدس العربي” أن المشروع الإيراني الاستراتيجي يعمل على دعم الميليشيات، وانتظار الظروف المناسبة لدمجها بالمؤسسة العسكرية، كحال الحشد للشعبي في العراق، حسب تعبيره.
ووفق تقديرات فإن إيران تتجه في سوريا إلى ترسيخ نفوذها بعد تجميد الصراع والمعارك في الساحة السورية، وهو ما يتفق معه المحلل السياسي فواز المفلح، الذي يؤكد لـ”القدس العربي “أن إيران تعتقد اليوم أن الوقت قد حان لترسيخ وجود طويل الأمد في سوريا. ويقول المفلح إن إيران بصدد زيادة هيمنتها العسكرية والاقتصادية وغيرها، مرجحاً أن “تزداد وتيرة توقيع الاتفاقيات الاقتصادية الإيرانية مع النظام السوري خلال الفترة اللاحقة، وذلك بهدف جني ثمار الدعم العسكري والاقتصادي الذي قدمته طهران للنظام السوري على نحو عقد”.
“القدس العربي”