بينما تعيش إسرائيل في أزمة داخلية، فإن سياقات إقليمية مختلفة تستوجب انتباهاً من جانبنا. أزمة المناخ، والأثر المتراكم لجائحة كورونا، والآثار المتواصلة للحرب في أوكرانيا، كلها فاقمت وضع عدد من الدول العربية، بعضها محاذية لإسرائيل.
حضرت الأسبوع الماضي اجتماعاً لزعماء عرب. كان الرئيس المصري، أحد المتحدثين المركزيين، كرس كلمته لوصف الوضع الصعب لـ 105 ملايين من مواطني دولته، واستطرد بالشكر لرئيس الإمارات، دولة من 1.5 مليون مواطن، كان يجلس أمامه، على المساعدة السخية التي منحها لبلاده.
بينما وضع دول مثل مصر ولبنان والأردن يزداد سوءاً، فإن الوضع الاقتصادي لبعض من الدول العربية المنتجة للنفط في الخليج لم يكن أفضل مما هو عليه، وبكلمتها تتقرر الأمور. بفضل هذه المساعدة، تتمتع دول الخليج بتأثير متزايد، بينما يصبح وجود الدول الفقيرة متعلقة بها.
وبالفعل، فبدون مساعدة مكثفة من جانب دول الخليج سيزداد وضع مصر، وهي الدولة العربية الأكثر سكاناً والجيش الأكبر. وهي ليست وحدها؛ فاستطلاعات عميقة أجريت في الأشهر الأخيرة في 14 دولة عربية، تبين أن المواطنين قلقون جداً من التحديات الاقتصادية والبطالة والفقر وغياب أي جواب من جانب الأنظمة.
دول الخليج العربية هي الأخرى ليست معفية من مشاكل بنيوية وفساد وبطالة الشباب، لكن قياساً لمواطنيها فإنها تشكل الكتلة المزدهرة والأكثر استقراراً في المنطقة العربية. ازدهارها مهم لاستقرار دول كمصر والأردن وتونس والمغرب وتركيا، التي تدق بابها بسبب وضعها الاقتصادي الصعب.
الوضع صعب، ومن المتوقع أن يتفاقم. أولاً، المساعدة الاقتصادية التي تقدمها دول الخليج لجيرانها ستغير وجهها. تتجه دول الخليج حالياً لشراء ذخائر الدولة، وتتوقع مقابلاً لما تراه كاستثمار مجز. فلم تعد هناك وجبات بالمجان، كما صرح وزير المالية السعودي في المنتدى الاقتصادي في دافوس: “درجنا في الماضي على إعطاء الأموال بدون شروط، وسنغير هذا”.
ثانياً، الحرب في أوكرانيا ستستمر في السنة القادمة، لذا ستبقى أسعار الغذاء والطاقة عالية بشكل نسبي، ما سيزيد الضغوط الاقتصادية على الدول العربية الفقيرة. وستجد صعوبة في تمويل الدين الذي راكمته في محيط فائدة عالٍ بينما يواجه مواطنوها تضخماً مالياً متعمقاً.
إضافة إلى ذلك، فمن شأن 2023 أن تكون السنة الأكثر حرارة منذ بداية القياس. هذا الموضوع حرج على نحو خاص في الشرق الأوسط، الذي ترتفع درجة حرارته بوتيرة شبه مضاعفة عن باقي العالم، وسيواجه جفافاً متزايداً ونقصاً في المياه. وهذا وضع يفاقم توترات اجتماعية اقتصادية ويؤثر على الاستقرار السياسي. الشرق الأوسط فقير، وربما يكون أكثر فقراً – والآن هناك ظروف مؤاتية لاحتجاجات شعبية، قد لا نتوقع موعد نشوبها بدقة، على نحو “الربيع العربي”، فضلاً عن نتائجها، لكن يمكن محاولة الاستعداد لها بشكل أفضل.
علينا نحن في إسرائيل، البحث في كيف يمكن مساعدة الأردن ومصر، لأن استقرارهما حرج لأمننا القومي. إن التعميق الدراماتيكي في الفقر في دائرة الدول المحاذية لإسرائيل – لبنان وسوريا والأردن ومصر – قد يؤدي إلى آثار اجتماعية وهزات سياسية كبيرة ربما تصل إلى عتبتنا أيضاً.
بقلم: يوئيل جوجنسكي
يديعوت أحرونوت 21/2/2023
“القدس العربي”