نفذت عمان تهديداتها بشن عمل عسكري في الداخل السوري لوقف عمليات تهريب المخدرات التي تشغل حرس الحدود الأردني يومياً منذ أن سيطر النظام على الجنوب السوري عام 2018، وقتل في غارات جوية شنها الطيران الحربي الأردني فجر أمس الإثنين أحد أكبر تجار ومهربي المخدرات في الجنوب السوري مع عائلته، كما استهدفت غارة ثانية مصنع إنتاج مخدرات في ريف درعا الغربي.
وأكدت مصادر محلية في الجنوب السوري مقتل تاجر المخدرات مرعي رويشد الرمثان وزوجته وأطفاله الستة في غارة أردنية استهدفت منزله في قرية الشعاب جنوبي السويداء قرب الحدود الأردنية، في حين استهدفت غارة ثانية محطة التنقية بين مدينة درعا وبلدة خراب الشحم، والتي تحتوي على مصنع لإنتاج المخدرات تشرف عليه ميليشيات مدعومة من “حزب الله” اللبناني، بحسب تجمع أحرار حوران، ويتم استخدامه كموقع تخزين مؤقت ومنطلقاً لعمليات التهريب.
وبذلك استهدف الأردن منطلق ومنتهى خط تهريب المخدرات التي تصل حدوده يومياً، دون أي تدخل من النظام السوري لتلبية مطالب عمان المتكررة.
الأردن يهدد بشن عملية عسكرية في الداخل السوري
وكان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، قد هدد يوم الجمعة الفائت بشن عملية عسكرية في الداخل السوري بهدف وقف عمليات تهريب المخدرات.
وقال الصفدي في تصريحات لمحطة “CNN” الأميركية، إن العديد من الأشخاص عانوا من عواقب “الأزمة السورية”، بما في ذلك الأردن، وسيحرصون على القيام بكل ما يلزم للتخفيف من أي تهديد لأمن الأردن.
وتابع: “نحن لا نتعامل مع تهديد المخدرات باستخفاف”، مشيراً إلى أنه “في حال لم نر إجراءات للحد من هذا التهديد، فسنقوم بما يلزم لمواجهته، بما في ذلك القيام بعمل عسكري داخل سوريا”. مضيفاً أن تهريب المخدرات لا يشكل خطراً على الأردن وحده، بل يهدد دول الخليج العربي وبلدان العالم كافة.
وتأتي الضربات الجوية الأردنية بعد شهر حافل بالتطورات للتطبيع مع النظام السوري وإعادته للجامعة العربية، ورسَمَ اجتماعا جدة وعمّان الخطوط العريضة لمسار التعامل مع النظام السوري.
وجاءت تهديدات الصفدي ضمن خطاب أكثر تصعيداً ضد النظام السوري، حيث برز هذا الخطاب بعد زيارة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إلى دمشق ولقائه رئيس النظام بشار الأسد، حيث أفادت حينذاك مصادر دبلوماسية لتلفزيون سوريا بأن الأردن اشتكى من زيارة الفرحان لأنه لا يريد تطبيعاً مجانياً مع النظام على النمط الإماراتي، وإنما وفق ورقته لحل “الأزمة السورية” الصادرة عام 2021، وضمن نهج “خطوة بخطوة” الذي سبق أن عرضه على الدول المعنية بالملف السوري، إذ تحاول عمَان تحصيل ضمانات ومكتسبات بحكم وجود مليون و300 ألف لاجئ سوري، بالإضافة إلى التهديدات الأمنية على الحدود وأبرزها تهريب المخدرات وانتشار الميليشيا متعددة الانتماءات في الجنوب السوري.
دلالات القصف الأردني على الجنوب السوري
تظهر في القصف الأردني داخل سوريا دلالات عدة على المستويات السياسية والأمنية، أبرزها:
النظام السوري فاقد للسيطرة على مناطق خاضعة لسيطرته وفشل في ضبط سيطرته على محافظة درعا بعد مرور قرابة 5 سنوات على انتهاء حالة الفصائل العسكرية المعارضة والتي لم يسجل الأردن في ظل سيطرة هذه الفصائل أي عمليات تهريب أو تهديد أمني على حدودها
تتبجح الدول بضرورة الحفاظ على سيادة سوريا، كما فعلت عمّان منذ تطبيع علاقاتها مع النظام السوري، لكن عند وجود تهديد على هذه الدول، تتدخل حتى عسكرياً.
النظام غير قادر على ضبط تاجر مخدرات محلي مثل الرمثان، وبالتالي هو غير قادر على تنفيذ المطلوب منه في القرارات الأممية ومسارات الحل السياسي وكذلك مخرجات اجتماع عمان، وهذا يفترض أن يبدد الآمال العربية بأن يقدم النظام على أي خطوة وفق منهج “خطوة بخطوة”.
من المؤكد أن الأردن شن غاراته على الجنوب السوري فجر الجمعة بعلم النظام السوري، تجنباً لأي رد فعل عسكري من قبل النظام قد يصل إلى مرحلة الاشتباك بين المضادات الأردنية والطائرات الأردنية، وهذا يعني أن النظام السوري غير موافق على العملية العسكرية فقط، بل يدل على أنه مجبر على الموافقة.
لم تعلن عمّان مسؤوليتها عن الغارات لأن الغارة تسببت بمقتل 6 أطفال من أولاد الرمثان وزوجته وإصابة طفل سابع، وهو انتهاك ما كان ليحصل لولا أن النظام السوري جعل الدم السوري رخيصاً وجريمة القتل أكثر سهولة.
الأردن مستاء من التطبيع المجاني مع النظام السوري، وتصل نسخ من رسالته النارية للأطراف المنخرطة بهذا التطبيع بأن عمّان جدية في مواجهة التهديدات، وقادرة على التدخل عسكرياً إن لم تراعِ عمليات التطبيع هذه المصالح الأردنية.
“تلفزيون سوريا”