دمشق ـ «القدس العربي»: كشف الداعية الإسلامي الشيخ محمد نعيم عرقسوسي أن اللقاء الذي جمع الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع ومجموعة من رجال الدين مساء الثلاثاء، تركز على الأحداث الأخيرة التي جرت في الساحل السوري ومنع التجييش الطائفي والدعوة إلى وحدة الصف ومنع إذاعة الجهاد بشكل صريح من على المنابر.
واكتفى الخبر الذي نشرته الرئاسة السورية على صفحاتها الرسمية بالإعلان عن أن الشرع «اجتمع مع ثلة من المشايخ وطلبة العلم في العاصمة دمشق» من دون أي إضافات أخرى، لكن الصور التي تم توزيعها أظهرت الحاضرين وفي المقدمة منهم رئيس المجلس الإسلامي السوري، ورئيس رابطة علماء الشام الداعية أسامة الرفاعي الذي تم انتخابه أيضاً مفتياً لسوريا في الخارج قبل سقوط نظام بشار الأسد، وإلى جانبه الشيخ عرقسوسي وشيوخ من كافة المحافظات السورية إضافة إلى وزير الأوقاف في حكومة تسيير الأعمال حسام حاج حسين. وجاء لقاء الشرع مع علماء الدين المسلمين في ظل أحداث دامية جرت في الساحل السوري، وهددت بانفجار الوضع الداخلي، على أثر نصب كمين من قبل فلول من نظام الأسد البائد لعناصر من الأمن العام في بلدة في ريف مدينة جبلة الأربعاء الماضي وأسفر عن سقوط 16 قتيلاً، ما أدى إلى إعلان وزارة الدفاع السورية الخميس عن «توجه تعزيزات عسكرية ضخمة إلى منطقة جبلة وريفها لمؤازرة قوى الأمن العام وإعادة الاستقرار للمنطقة» لكن العملية التي شارك فيها مقاتلون من فصائل مختلفة ومن مدن سورية عدة ترافقت في الأيام الثلاثة التالية مع تجاوزات من القوات المشاركة وصلت إلى حد ارتكاب مجازر ومقتل مئات من المدنيين، حسب منظمات حقوقية دولية.
وفي تصريحه لـ»القدس العربي» لفت عرقسوسي إلى أن الشرع «استمع خلال اللقاء الذي امتد لساعة ونصف الساعة إلى الأفكار والملاحظات التي طرحها العلماء في اللقاء والتي تناسب المرحلة الحالية» مشيراً إلى أن الرئيس «ركز على ضرورة عدم التمييز ومنع التجيش الطائفي، كما أنه ركز كثيراً على ضرورة الوحدة الوطنية والالتزام بالقيم الأخلاقية باعتبار أنها تضمن مسارنا وتصرفاتنا».
وبين عرقسوسي أنه تم التطرق إلى «ضرورة الحاجة إلى وحدة الكلمة والصف، وألا تقال أي كلمة تكون سبباً للتفرقة بين طوائف البلاد» لافتاً إلى أن الشرع «وجه وزير الأوقاف حسام حاج حسين بتعميم ذلك على الخطباء في سوريا، وتوجيههم إلى ما يقال وما لا يقال، مثل التجييش الطائفي أو الدعوة إلى الجهاد على المنابر» لافتاً إلى أن «الأحداث الأخيرة في الساحل السوري نالت حيزاً هاماً في الاجتماع».
عرقسوسي لـ«القدس العربي»: الشرع يوجّه بمنع إذاعة نداءات الجهاد صراحة من على المنابر
ومع استمرار العمليات في الساحل السوري، أقر الشرع، أكثر من مرة، بحصول التجاوزات ووعد بمحاسبة المتورطين، وفي أول كلمة له يوم الجمعة الماضي طالب قوات الجيش والأمن «بالتزامهم بحماية المدنيين وتأمينهم وسرعتهم في الأداء، وألا يسمحوا لأحد بالتجاوز والمبالغة في رد الفعل، وأن يعملوا على منع ذلك» مشددا على أنه «لن يبقى سلاح منفلت في سوريا وسيحاسب حساباً شديداً كل من يتجاوز على المدنيين العزّل» مؤكداً أن «أهلنا في الساحل ومناطق الاشتباك جزء من مسؤوليتنا والواجب علينا حمايتهم وإنقاذهم من شرور عصابات النظام الساقط».
ورأى عرقسوسي أن «التطوير الدائم للخطاب الديني هو أمر جيد، حتى ينبه الخطباء إلى الأخطاء التي من الممكن أن يقعوا فيها وتوجيههم نحو الأفضل، وخصوصاً أن الخطباء في النهاية هم بشر وبالتالي فإن الوقوع بالخطأ ممكن» معتبراً أن «التوجيه المستمر له أثر كبير جداً في تقويم المسار وتحديد الرؤية وتصويب العمل» معرباً عن تفاؤله بالمرحلة القادمة».
وبعد انتشار أنباء عن عمليات قتل وتصفية للمدنيين وظهور مطالبات دولية من الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وفرنسا بمحاسبة مرتكبي «المجازر» أعلن الشرع الأحد الماضي، عن «تشكيل لجنة وطنية مستقلة للتحقيق وتقصي الحقائق في الأحداث التي وقعت في الساحل السوري بتاريخ 6 آذار/ مارس الجاري» على أن ترفع تقريرها إلى رئاسة الجمهورية في مدة أقصاها ثلاثون يوماً.
ومساء اليوم ذاته أعلن الشرع أيضاً عن «تشكيل لجنة عليا للحفاظ على السلم الأهلي، تعمل على التواصل المباشر مع الأهالي في محافظات الساحل» بما يضمن «سلامة أمنهم واستقرارهم، ويعزز الوحدة الوطنية في هذه المرحلة الحساسة» متهماً من وصفهم بـ»أطراف خارجية» بمحاولة جر البلاد إلى حرب أهلية.
وفي كلمة متلفزة له مساء الأحد، أكد الشرع على «المحاسبة بكل حزم ودون تهاون لكل من تورط في دماء المدنيين، أو أساء لأهلنا ومن تجاوز على صلاحيات الدولة أو استغل السلطة لتحقيق مآربه الخاصة». وأضاف: «لن يكون هناك شخص فوق القانون وكل من تلوثت يداه بدماء السوريين سيواجه العدالة عاجلاً غير آجل». ودعا الرئيس السوري من وصفهم بـ»فلول النظام الساقط» إلى تسليم أنفسهم فوراً، مؤكداً أنه «لن نتسامح مع الذين قاموا بارتكاب الجرائم ضد قوات الجيش ومؤسسات الدولة، وهاجموا المستشفيات، وقتلوا المدنيين الأبرياء في المناطق الآمنة». وعاد الشرع وأكد الإثنين الماضي، مواقفه السابقة. وفي لقاء له مع «رويترز» قال: «لقد قاتلنا دفاعاً عن المظلومين، ولن نقبل أن تُسفك أي دماء بغير حق أو أن تمر دون عقاب أو محاسبة، حتى لو كان الجاني من أقرب الناس إلينا».
- القدس العربي