النموذج الجنوب أفريقي

محمود ممداني/ ترجمة أحمد عيشة

ما يمكن للولايات المتحدة وغيرها من المجتمعات الاستيطانية أن تتعلمه من خطوة جنوب أفريقيا لخلق ديمقراطية غير عرقية

في سياق الكفاح ضد الفصل العنصري، قام سكان جنوب أفريقيا بعمل رائع، حيث حاولوا، بنجاح غير كامل، تدمير المستوطن والمواطن الأصلي، من خلال إعادة تشكيلهما بوصفهما ناجين. وقد فعلوا ذلك باعتماد ردة فعل على العنف الشديد الذي تحدّى منطق نورمبرغ (منطق الفصل بين الجناة والضحايا، ومعاقبة الجناة، وإيجاد مجالات منفصلة يمكن أن يعيش فيها الاثنان من دون إيذاء بعضهما البعض في حلقة مستمرة من العنف).

ومن خلال التفكير في العنف الشديد، بوصفه عملًا سياسيًا لا عملًا إجراميًا، تمكّن سكان جنوب أفريقيا من تحويل التركيز من الانتهاكات الفردية للقانون إلى المسائل التي توجه العنف واحتياجات الأشخاص الذين نجوا منه. وبدلًا من الذهاب إلى المحكمة، جلسوا حول طاولة المؤتمر. وبدلًا من اللجوء إلى المحاكمة للتوصل إلى الحقيقة ومعاقبة الجناة، تفاوضوا على إجراء إصلاحات لجعل النظام السياسي أكثر شمولًا، مع الاعتراف بأنه يتعين أيضًا إدخال الجناة في الجماعة/ الحظيرة السياسية.

قبل كل شيء، توصل سكان جنوب أفريقيا إلى الاعتراف بأنّ الهويات السياسية ليست دائمة أو طبيعية. فقد تغلب الناشطون على الاختلافات العرقية المفروضة عليهم (الاختلافات الموسومة بأنها أفريقية، وملونة، وهندية، وبيضاء) للانضمام إلى قضية واحدة، وهي إنهاء الفصل العنصري. وبذلك أصبح الأفارقة، الذين كانوا ذات يوم أبطال الفصل العنصري، جزءًا من الحركة ضده. وقد تشكلت هذه الجماعات في ظلّ الاستعمار بوصفها جماعات متميزة ومنافسة في كثير من الأحيان، وقيل إن مصالحها متباينة بطبيعة الحال. ونظرًا للاختلاف العنصري الذي يُعزى إليهم، فهم يخضعون لقوانين مختلفة ويمنحون فرصًا مختلفة للمشاركة في المجتمع السياسي، أو أحيانًا لا تتاح لهم أي فرصة على الإطلاق. ولكن ردًا على التمييز العنصري (الأبارتهيد)، تعلّم هؤلاء الناس أن يفكروا من جديد في علاقتهم السياسية ببعضهم البعض: ليس كآخرين أو منافسين، بل بكونهم متساوين أمام القانون.

بكلمات أخرى: حاولت جنوب أفريقيا إنهاء الاستعمار، من خلال تحطيم التمييز الاستعماري بين المستوطنين والسكان الأصليين، ودعوتهم للمشاركة في نفس المجتمع السياسي، مع إعادة تكوين المستوطنين كمهاجرين. كانت هذه المحاولة جزئية. خلقت السلطات الاستعمارية، واستغلت كل من السلطات الاستعمارية وسلطات التمييز العنصري (الأبارتهيد)، نوعين من التمييز بين المستوطنين والسكان الأصليين: التمييز العنصري والتمييز القبلي. لقد حقق النضال ضد التمييز العنصري، وجنوب إفريقيا الجديدة التي نتجت، طريقًا ضد تسييس العرق. ومع ذلك، لا تزال القبيلة اليوم تقليدًا أفريقيًا مفترضًا. وهكذا، تم تفكيك هويات المستوطنين والهويات الأصلية في بعض النواحي والاحتفاظ بها في جوانب أخرى.

تختلف قضية جنوب أفريقيا بصورة تعليمية عن قضية الولايات المتحدة. للبلدين تاريخ استعماري مماثل، لكن بلدًا واحدًا فقط حاول إنهاء الاستعمار. وكلاهما اتحادات للأراضي المستعمرة؛ فالولايات المتحدة تشكلت من اتحاد المستعمرات البريطانية خلال الثورة، وتشكلت جنوب أفريقيا في أوائل القرن العشرين من اتحاد مستعمرات كيب وناتال وترانسفال وغيرها من المستعمرات البريطانية، التي كان بعضها في السابق تحت السيطرة الهولندية أو البويرية (الألمانية). وخصصت الغالبية العظمى من الأراضي للمستوطنين.

ما يعرّف المستوطنين في كلا البلدين ليس لون بشرتهم، على الرغم من أنّ المراتب العليا لهيكل السلطة في معظم المستعمرات كانت ولا تزال محتلة بشكل ساحق من قبل السكان ذوي البشرة البيضاء. (باستثناء ليبريا). ولم يتم تعريف المستوطن بحسب اللغة، أو الثقافة، أو الدين، أو نوع الجنس (الجندر)، أو المكانة الاجتماعية -الاقتصادية، مع أن تلك التصنيفات كانت موضع تفكير، ولا بحسب مدة الإقامة أو مركز الهجرة أو حتى وضع الجنسية. كان هناك مستوطنون بريطانيون في جنوب أفريقيا، فضلًا عن الأفارقة؛ المستوطنون الأوروبيون البيض في أميركا، الذين أتى بعضهم بشكل غير إرادي، كخدم مستعبَدين، إضافة إلى السود المستعبَدين والأحرار. وما يعرّف المستوطن هو القانون الذي يخضع له. لنسميه “القانون المدني”. إن المساواة في الخضوع للقانون المدني لا تعني المساواة بين الأشخاص؛ حيث لم يعامَل المستوطنون ولا يعاملون على قدم المساواة. وقد يكون القانون تمييزيًا، فقد يتم تصميمه بطرق تجعله أكثر فائدة لبعض الأفراد من الآخرين، وأكثر فائدة لبعض المجتمعات من غيرها. ولكن جميع هؤلاء الأفراد والمجتمعات يخضعون على قدم المساواة للقانون المدني.

وفي حدود كل اتحاد (فيدرالية)، ما زال السكان خاضعين لنوع آخر من القانون: القانون العرفي. والشعب الذي يحكمه ذلك القانون هو أفراد من القبائل الأصلية، هكذا التسمية، لأن القانون المدني يجمعهم على هذا النحو. وإذا كان هذا يبدو دائريًا عامًا، فهو يعني أن المواطنين ليسوا من السكان الأصليين، بسبب أي شيء أساسي فيهم، ولكن لأنهم خلقوا كسكان أصليين في القانون. والقانون العرفي، مثله مثل القانون المدني، غير متكافئ، وبإمكانه أن يقدّم لمنفذيه الأصليين سلطة الاستبداد والاستبداد على المواطنين الأصليين الآخرين.

ولكن القانون العرفي، في كل من أميركا وجنوب أفريقيا، ليس تقليديًا بأي حال من الأحوال. إنه ليس ممارسة سابقة (تسبق) للاستعمار. والقانون العرفي، مثله مثل القانون المدني، يضعه المستوطنون. فالممارسات والقواعد الخاصة المرتبطة بالقانون العرفي تستلَهم أحيانًا من ممارسات وقواعد عصر سابق للاستعمار، ولكن سلطة القانون العرفي على المواطنين، وسلطة المواطنين في ممارسته، مستمدة من النظم الأساسية للقانون المدني. ويحدد الذين يكتبون القانون المدني في نهاية المطاف ماهية القانون العرفي، بينما يعمل المواطنون الأصليون أنفسهم كأوصياء على القانون العرفي، وينفذونه داخل الأراضي القبلية. ويُحدّد كلٌّ من مؤلفي القانون والقائمين على إنفاذه معًا، على سبيل المثال، من الذي سيكون عضوًا قبليًا، وما الذي يمكن للعضو أن يمتلكه أو يستخدمه، وما هو الدين الذي يمكن للعضو ممارسته، وكيف يمكن للعضو أن يلبس ويرتدي ملابسه، أو هل العضو حرّ أم محتجز/ أسير.. وبهذه الطريقة، يكفل/ يضمن المستوطنون أن السكان الأصليين متحضرون، وفقًا لمعاييرهم. وكما قال مسؤول استعماري بريطاني في جنوب أفريقيا في عام 1849، فإن القانون العرفي سيظل قائمًا، ما دام “غير منكرٍ للمبادئ العامة للإنسانية المعترف بها في جميع أنحاء العالم المتحضر”. وقد أكد هذا الإعلان أن كل قوة استعمارية تعد نفسها ممثلة للعالم المتحضر، وحامية للمبادئ العامة للإنسانية.

وفي مجال القانون المدني، قامت الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا بإخضاع السكان من الناحية العنصرية. وفي مجال القانون العرفي، قامت كلتا الدولتين المستوطنتين بإخضاع المقيمين بصورة قَبلية. وتداخلت نظم السيطرة العرقية والقبلية هذه، التي لم تكن قادرة على اختزال بعضها البعض، ولا يمكنها ذلك أصلًا. فالنظام العنصري المضمَن في القانون المدني يفرض على كلّ من المجتمع العرقي المميز والمجتمع العرقي المحروم المشاركة في نظام يستفيد فيه أصحاب الامتيازات من عمل المحرومين. فالنظام القبلي المضمَن في القانون العرفي لا يلزم إلا المواطنين الأصليين. وفي جنوب أفريقيا، يطبّق القانون العرفي على جميع السكان الأصليين، ولكن لا يتمتع بالحقوق العرفية إلا السكان الأصليون الذين يعدون أصليين داخل أوطان قبلية معينة. ويحُرَم مواطنون آخرون، يعدون مهاجرين داخل هذه الأوطان القبلية، من حماية القانون العرفي، من ضمن ذلك الحقوق العرفية في الأرض. وفي الولايات المتحدة أيضًا، يُحرَم السكان الأصليون الذين يعدون غير أصليين في إطار تحفظ معين من العضوية، وكذلك من الحقوق العرفية. وهكذا أصبح القانون القبلي/ العرفي في حد ذاته تمييزيًا.

يشكل القانون العرفي والمدني واختصاصاتها القضائية المختلفة العمودَ الفقري للنظم الاستعمارية في الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا. وهذا النظام محتفظ به في الولايات المتحدة اليوم، إلى حد كبير من دون تغييرات. وفي جنوب أفريقيا، تم تغييره بشكل كبير بإدخال نظام التمييز العنصري في أواخر الأربعينيات. ومن وجهة نظر الدولة التي يهيمن عليها البيض، كان الفصل العنصري ضروريًا، بسبب انهيار النظام المزدوج للسيطرة القبلية والعرقية في ظل التصنيع. ومع ازدهار الاقتصاد، كان الأفارقة ينتقلون إلى المدن للعمل. وعندما وصلوا، انتظم بعضهم في نقابات تطالب بأجر وعلاج أفضل.

وكان وجود المحرضين الأفارقة في جنوب أفريقيا الحضرية -والتهديد الذي يشكلونه على المصالح الاقتصادية للبيض- أزمة تحتاج إلى حل. وكان التمييز العنصري هو ذلك الحل: محاولة مصطنعة لإعادة تقييم الملايين من السكان الأصليين، من خلال توطينهم قسرًا في أوطانهم، التي أعيدت تسميتها باسم البانتوستانات [منطقة تتمتع بالحكم الذاتي جزئيًا تمت إقامتها خلال فترة التمييز العنصري لشعب أفريقي أصلي معين؛ وسموها وطن]، والتي سوف تدار تحت قبضة مشددة من السلطات الأصلية/ المحلية. ويمكن أن يعود الأفارقة إلى المدن كعمال مهاجرين، ولكنهم سيحرَمون من الحق في الإقامة هناك. وإذا كان اقتصاد السوق قد ألغى صفة القبلية عن العمل، وأجبر القبيلة على الخروج من القرى إلى الصناعة، فإن الحل السياسي للتمييز العنصري هو إعادة تقييم تلك العمالة بإرسالها إلى “البيت/ الوطن”.

وفي نهاية المطاف، أثار التمييز العنصري القلاقل والأزمات. ولكن في هذه المرة كان للأزمة حل مثمر: اتفاقية جنوب أفريقيا الديمقراطية (CODESA)، والمفاوضات الرامية إلى إنهاء التمييز العنصري التي جرت بين عامي 1990 و1994. وعلى وجه الخصوص، رفضت اتفاقية جنوب أفريقيا الديمقراطية نموذج نورمبرغ. ولم يكن هدف الميثاق تحديد الجناة واستهدافهم، بالتوصيف وإلحاق العار، على شاكلة نظام حقوق الإنسان المعاصر الذي ألهمته نورمبرغ، إنما كان هدف اتفاقية جنوب أفريقيا الديمقراطية هو إنشاء نظام سياسي جديد يشمل جميع أعضاء النظام السابق: أعداء ومناصري التمييز العنصري على حد سواء.

لم يُنشأ في أوروبا، بعد الحرب العالمية الثانية، نظام سياسي جديد، فقد تم فصل الضحايا والجناة عن طريق التطهير العرقي، وإقامة دولة إسرائيل. وبُنِيت الدولة الألمانية في مرحلة ما بعد الصراع من قبل الأجانب، في حين تم حرمان المقاومة الداخلية للنازيين من المشاركة. وفي جنوب أفريقيا، فرضت حركات المقاومة الداخلية مسألة ظلم التمييز العنصري، مما استلزم التسوية التي أنهته (التمييز العنصري). وبطرق حاسمة، عكست تلك التسوية التحوّل الرئيس الذي أحدثته المقاومة. وقد تجاوزت حركة الوعي الأسود والمنظمات العمالية والجماعات الطلابية المعارضة للتمييز العنصري الهوية السياسية المرتبطة بالعرق. وشجعوا الأفارقة الكولورادويين [مجموعة متعددة الأعراق موطنها جنوب أفريقيا، ينحدرون من أصول مختلف السكان الذين يسكنون المنطقة، من ضمن ذلك خويسان أو البانتو أو الأوروبي أو الأسترونيزي أو جنوب آسيا أو شرق آسيا] والهنود والبيض، على أن يعدّوا أنفسهم قادرين على السكن في نفس المجتمع السياسي. أظهروا أن الهوية السياسية قابلة للتحول، وليست نتاج المولد؛ أي أنها نتاج للتاريخ.

أثبتت الدولة التي تلت التمييز العنصري ذلك من خلال توحيد جنوب أفريقيا تحت حكومة واحدة وتحت القانون، وإن كان ذلك مع كثير من التنازلات للبيض، بهدف إبقائهم على طاولة المفاوضات. غير أن المقاومة الداخلية من الجماعات المناهضة للتمييز العنصري لم تكن هي التي قادت المفاوضات. ووقعت هذه المهمة على عاتق ممثلي المنظمات الرئيسة، مثل المؤتمر الوطني الأفريقي، بزعامة نيلسون مانديلا. وفي الستينيات من القرن الماضي، انخرط حزب المؤتمر الوطني الأفريقي وأحزاب أخرى في البداية، في “حركة تحرير” ناشطة، على غرار حركة دول أفريقية أخرى كانت تكافح لإنهاء الاستعمار، مثل موزامبيق وأنغولا والجزائر. ولكن الجهود الرامية إلى التحرر المسلح في جنوب أفريقيا أسفرت عن قمع الزعماء المقاتلين مثل مانديلا، الذين كانوا مسجونين أو مبعدين. وفي السجن والمنفى، فقَدَ المحررون المسلحون صلتهم بالجهات التي التزموا بالتصدي لتحدياتها ومصاعبها. لقد حصلوا، مثلهم مثل الدبلوماسيين، على تأييد السياسيين الدوليين وحركات المقاطعة، واكتسبوا الهيبة.

وربما يمكن من خلال هذه الالتزامات الدولية أن يتعلموا بأن يصبحوا ليبراليين جدد أي أن يقلّصوا عمل النظم السياسية بالنسبة إلى عمل الأفراد، كما فعلت نورمبرغ. وكانت النتيجة هي الآلية الأكثر شهرة، ولكنها الأقل بناءة في مرحلة ما بعد التمييز العنصري: الحقيقة والمصالحة. فبينما ردت اتفاقية جنوب أفريقيا الديمقراطية على التمييز العنصري بتخيّلها مجتمعًا سياسيًا جديدًا أصبح فيه الأعداء خصومًا، سعت لجنة الحقيقة والمصالحة إلى إلقاء اللوم على مرتكبي الجرائم الأفراد وتقديم رد الاعتبار للضحايا الأفراد. وقد حولت لجنة الحقيقة والمصالحة، التي تشكلت في عام 1995، العنف السياسي للتمييز العنصري إلى عنف إجرامي، وفقًا لنظام حقوق الإنسان الذي ألهمته نورمبرغ. كانت النتائج سيئة. تجاهلت لجنة الحقيقة والمصالحة ملايين السجناء السياسيين السود وضحايا التطهير العرقي، والذين هُجرِوا من ديارهم إلى البانتوستانات. وصنفت اللجنة فقط (20.000) حالة من حالات الإيذاء. وفي هذه الأثناء، برّأت لجنة الحقيقة والمصالحة دائرة التمييز العنصري البيضاء، عن طريق إلقاء كل المسؤولية على مرتكبي الجرائم الأفراد.

كان على سرديّة لجنة الحقيقة والمصالحة للتمييز العنصري أن تُخبر سكان جنوب أفريقيا بضرورة تجاهل تاريخهم. إنها تقول إن العنف ما هو إلا خيارات شخصية للناس (أي أنه ليس مسألة كيفية عمل الدولة، أو نتاج للطرق التي تفكر بها الدوائر السياسية في القضايا التي تهمهم). وتساعد هذا السردية في الحفاظ على الامتياز العرقي حتى في جنوب أفريقيا التي تتمتع بالمساواة العرقية الرسمية؛ فالبيض، متجاهلين تواطؤهم كمستفيدين من الفصل العنصري، ما زالوا يعملون كنخبة اجتماعية. والنتيجة هي تزايد التوتر بخصوص نظام سياسي ينص على منح حق الامتياز للجميع، ولكنه لا يستطيع توفير العدالة الاجتماعية.

تضمن التنازلات التي قدّمت للبيض خلال المفاوضات لإنهاء التمييز العنصري -التنازلات المنصوص عليها في الدستور الوطني والقوانين التي تحكم الإدارة المحلية- عدم حلّ مشكلة العدالة الاجتماعية في أي وقت قريب. لكن من المهم أن ندرك أنه مقابل تلك التنازلات، تم تحقيق شيء حاسم. ربما تم حل أزمة التمييز العنصري مع إراقة الدماء الجماعية، وأدى ذلك إلى أشكال جديدة من القهر القانوني أو إلى الفصل السياسي والمكاني. كان من المحتمل أن تؤدّي كلتا النتيجتين إلى مزيد من العنف في دائرة مستمرة. وبدلًا من ذلك، أصبح لدى جنوب أفريقيا الآن دوائر سياسية متنافسة تعمل على تحقيق أهدافها تحت رعاية نظام يعدّه المشاركون شرعيًا. هذا ممكن لأنه، على الرغم من لجنة الحقيقة والمصالحة، كان هناك عدد كافٍ من مواطني جنوب أفريقيا على استعداد لإعادة التفكير في الهوية السياسية. لقد توصلوا إلى إدراك أن الهويات السياسية العرقية في الماضي لم تكن أبدية، بل تم خلقها بواسطة العمليات السياسية. وبالتالي، يمكن تفكيكها من خلال العمليات السياسية أيضًا.

وعلى هذا، فقد قام سكان جنوب أفريقيا بإسقاط أحد أعمدة التمييز بين المستوطنين والسكان الأصليين في بلادهم: وهو العرق بكونه هوية سياسية. وهذا هو الاختلاف الرئيس عن الوضع في الولايات المتحدة. لقد قامت الولايات المتحدة أيضًا بإزالة عنصريتها (نزع الطابع العرقي عنها) جزئيًا، لكن هذا في حالة الولايات المتحدة لا يشكل إنهاءً للاستعمار، لأن العنصرية في الولايات المتحدة لا تميز المستوطن من السكان الأصليين. في الولايات المتحدة، أصبحت العوامل المحددة للتمييز بين السكان الأصليين والمستوطنين راسخة الجذور اليوم أكثر من أي وقت مضى، وعميقة جدًا في نخاع القانون والمجتمع إلى الحد الذي يجعلها غير مرئية. وفي جنوب أفريقيا، أصبح نصف تلك المحددات بارزًا ومحلّ اعتراض عليها.

إن الركيزة الأخرى للتمييز بين المستوطنين والسكان الأصليين -القبيلة- تظل قائمة في بنية دولة جنوب أفريقيا، كما هي الحال في الولايات المتحدة. في جنوب أفريقيا، تم توطين/ تجنيس القبيلة، على افتراض أنها جزء من ثقافة وطنية سرمدية/ بلا زمن -أي الأفريقية. وفي البانتوستانات السابقة، لا يزال نظام القانون العرفي من دون إصلاح إلى حد كبير. وفي ريف جنوب أفريقيا، لا يزال العنف مستمرًا بين الأفارقة الذين يعدّون أنفسهم متميزين من الناحية القبلية. وسيظلّ الأفارقة محرومين من حقوقهم بموجب النظام العرفي، ما داموا يعيشون في الوطن القبلي “الخاطئ”. وفي المناطق الحضرية في جنوب أفريقيا، يُنظر إلى الأفارقة وغيرهم من الأشخاص الملونين على أنهم غرباء قبليّون، ومن ثم دخلاء، على أنهم الهدف بصورة دورية لما يسمى بالعنف القائم على كراهية الأجانب. تحكي لنا قصة جنوب أفريقيا الكثير عن كيفية قيام المجتمع بإنهاء الاستعمار، ولكنها تتحدث أيضًا عن التحدي الهائل الذي يمثله ذلك المشروع الجدير بالاهتمام.

وفي 2 شباط/ فبراير 1990، افتتح دو كليرك، رئيس جنوب أفريقيا، جلسة جديدة للبرلمان بالإعلان عن انتهاء الفصل العنصري. وبفعله هذا، أعلن رسميًا عمّا كان قد أصبح واضحًا على أرض الواقع، بفضل الانتفاضات التي حدثت في العقدين الماضيين. ومهما كان الداعمون والمستفيدون من نظام الفصل العنصري يرغبون في ذلك، فإن النظام لم يعد يعمل. الفصل العنصري، الذي كان ذات يوم دعامة من دعائم مجتمع جنوب أفريقيا، قد أصبح محور التركيز الرئيس لما هو في الواقع حرب متمردة. إن إدامة الفصل العنصري تنطوي على خطر التدمير الوطني.

كانت نهاية فترةٍ ما بدايةَ فترة أخرى: فترة التفاوض. ولكن عندما بدأت المفاوضات في أيار/ مايو، تجاهلت البنيةَ التنظيمية للانتفاضة. وعلى غرار السلطات الاستعمارية التي تحالفت مع السلطات العرفية في بداية الحكم غير المباشر، لجأت حكومة جنوب أفريقيا إلى شركاء قيل إنهم الزعماء الشرعيون لجنوب أفريقيا السوداء، على الرغم من أنهم كانوا هامشيين في حركة مناهضة الفصل العنصري الداخلية التي فرضت بالفعل التغيير الذي يجري الآن.

هذه المرة، يكون الشريك التفاوضي هو حزب المؤتمر الوطني الأفريقي في المنفى، وأحد قادته المسجونين: مانديلا. أُطلِق سراح مانديلا من السجن بعد أسبوع من خطاب دو كليرك، ولكن دوره كزعيم للمفاوضين المناهضين للفصل العنصري أُسِسَ في وقت سابق. داخل السجن، كانت هناك كل محاولة لعزله عن الناشطين الآخرين، وخاصة أولئك المرتبطين بالانتفاضة الحضرية -المتشددين الذين قد يغرسون فيه دروس الوعي الأسود والأمل في مجتمع غير عرقي. وكانت زوجته (ويني) على الأرجح من بين الذين تبنوا الفلسفات والأساليب الجديدة التي تهدد نظام الفصل العنصري. على عكس نيلسون مانديلا، الذي كان في السجن طوال فترة الانتفاضة الحضرية، كانت ويني نتاج تلك الانتفاضة إلى حد كبير، حيث تبنت موقفها الجريء والمواجه.

لم يعد نيلسون وحزب المؤتمر الوطني الأفريقي (الذي بدأ في نبذ التمييز العنصري الناتج عن الفصل العنصري قبل أعوام قليلة فقط من إطلاق سراحه) في طليعة السياسة. في الواقع، تم التنصل من أساليبهم. جاءت شرعيتهم من الموافقة الدولية وشهرة نيلسون مانديلا كسجين سياسي، وليس من قيادتهم. كتب مانديلا عن اجتماعه الأول مع “مجموعة العمل السرية” الحكومية في أيار/ مايو 1988، “في نادي ضباط فاخر”، داخل سجن بولسمور. كان السؤال الأساسي لمجموعة العمل هو: “كيف سيحمي حزب المؤتمر الوطني الأفريقي حقوق الأقلية البيضاء؟”. في العام التالي في آذار/ مارس، أرسل مانديلا مذكرة إلى رئيس الدولة (بوتا) تتعلق بمسألة الأقليّة وبأمور أخرى. كتب مانديلا: “سيتعين معالجة قضيتين سياسيتين: الأولى المطالبة بحكم الأغلبية في دولة موحدة؛ والثانية قلق جنوب أفريقيا البيضاء من هذا المطلب، فضلًا عن إصرار البيض على ضمانات بنيوية بأن حكم الأغلبية لن يعني هيمنة السود على الأقلية البيضاء. تتمثل أهم المهمات التي ستواجه الحكومة وحزب المؤتمر الوطني الأفريقي في التوفيق بين هذين الموقفين”. عند إطلاق سراحه في عام 1990، أثار مانديلا القضية في مؤتمره الصحفي الأول:

أردتُ أن أؤكد للمراسلين الدورَ الحاسم للبيض في أي نظام جديد. لقد حاولتُ ألا يغيب هذا عن بالنا البتة. لم نكن نرغب في تدمير البلد قبل أن نحرّره، وإن طرد البيض سيدمر البلاد/ الأمة. قلت إن هناك حلًا وسطًا بين مخاوف البيض وآمال السود، ونحن في حزب المؤتمر الوطني الأفريقي سنجده. وقلت: “البيض هم جنوب أفريقيين، ونريدهم أن يشعروا بالأمان، وأن يعرفوا أننا نقدّر المساهمة التي قدّموها لتنمية هذا البلد”. إن أي رجل أو امرأة يتخلّى عن الفصل العنصري سيتم احتضانه في نضالنا من أجل جنوب أفريقيا ديمقراطية وغير عنصرية.

ومن اللافت للنظر أن مانديلا كان يتمتع بمفهوم الأغلبية والأقلية نفسه، كما فعلت حكومة الفصل العنصري: فكلاهما كان يتقبل الفكرة العنصرية المتمثلة في الأغلبية السوداء والأقلية البيضاء. وعلى الرغم من أن مانديلا كتب وتحدث عن “جنوب أفريقيا الديمقراطية غير العرقية”، فإنه لم يصُغ بعد فكرة المواطنة الديمقراطية غير العرقية. ومع ذلك، تطورت سياساته بوضوح.

وقد قال مانديلا إنه كان ذات يوم معجبًا بالجزائر وموزامبيق، حيث كانت قيادة ما بعد الاستعمار لا تتزعزع في مطالبتها بـ “العدالة”، حيث فرّ منهما معظم المستوطنين بدلًا من أن يصبحوا مواطنين في الدولة الجديدة. وهو قلق اليوم من أن “طرد البيض بعيدًا سيدمّر البلد/ الأمة”. فما الذي تغيّر؟ متى كانت لحظة استيعاب ووعي مانديلا؟ وهل توصل ليرى موزامبيق كما خبرها إيمي سيزار [شاعر ومؤلف وسياسي، كان أحد مؤسسي حركة السود في الأدب الفرنكفوني] من هايتي في الأربعينيات -وهو تحذير من ترك العدالة تتحول إلى انتقام- ولذلك؛ فقد عقدَ العزم على تجنب مثل هذه النتيجة في جنوب أفريقيا؟ وإذا سلّطت دول مثل موزامبيق الضوء على إمكانية تحول العدالة إلى انتقام، فإن منتقدي مانديلا المتطرفين سوف يجادلون بأن المرحلة الانتقالية التي أعقبت الفصل العنصري لم تكن انتقامية بالقدر الكافي؛ فقد تحولت المصالحة على ما يبدو إلى احتضان للشر. وعلى وجه التحديد، جادل هؤلاء النقاد بأن مانديلا أخطأ في التركيز حصرًا على مسألة المساواة السياسية، في حين تجاهل التفاوت الاجتماعي الشديد.

ولكن الاعتقاد بأن الفصل العنصري يمكن أن يفسح المجال ببساطة للمساواة الاجتماعية هو تجاهل التوترات الحرجة في لحظة جنوب أفريقيا. وقد ترسيخ توطيد حركة مناهضة الفصل العنصري الأزمة وليس الانتصار. كان الخيار في أوائل تسعينيات القرن العشرين يتلخص في الاستمرار في القتال، والإبقاء على كسر الدولة وتحريض الأعداء ضد بعضهم البعض، أو التوصل إلى بعض الحلول التوفيقية التي قد يعيش بموجبها الأعداء معًا كخصوم سياسيين. وقد استند نجاح الحركة المناهضة للفصل العنصري إلى مثل هذه الحلول التوفيقية، حيث يقبل البيض بأنهم لن يكونوا موضع اتهام، ويقبل السود أن البيض لديهم ما يقدمونه، وأن مشاركتهم لا تعني الاستسلام للفصل العنصري، بل مقاومة له.

ألقى ثابو مبيكي، الذي خلَف مانديلا في عام 1999 كرئيس لجمهورية جنوب أفريقيا، خطابًا لافتًا للنظر، “أنا أفريقي”، أوضح فيه أن الخطوة الجذرية حقًا هي إقامة نظام سياسي جديد وشامل للجميع، وهو ما عناه بـ “المصالحة”. وشهد الخطاب اعتماد الدستور الجديد في 8 أيار/ مايو 1996، وتناول مسألة مستوطني الأمس هل سيُقبَلون (يُعتَرَف بهم) كمواطنين في جنوب أفريقيا الجديدة، أم أنهم سيُبعدون من المستعمرة ليفسحوا المجال لبلاد مستقلة مطهرة عرقيًا؟! كانت إجابة مبيكي لا لبس فيها:

أنا تشكلتُ من المهاجرين الذين غادروا أوروبا للعثور على منزل/ وطن جديد على أرضنا الأصلية. مهما كانت أفعالهم الخاصة، فإنها لا تزال جزءًا مني… أنا الحفيد الذي يضع أزهارًا جديدة على قبور البوير في جزر سانت هيلانة وجزر البهاما، والذي يرى بعين العقل، ويعاني معاناة الفلاحين البسطاء: الموت، ومعسكرات الاعتقال، وتدمير المنازل، وخراب الحلم. أنا أفريقي.

وأشار مبيكي إلى معسكرات الاعتقال التي بناها البريطانيون لإيواء السجناء البوير، خلال حرب البوير الثانية، عندما غزا البريطانيون رفاقهم البيض واستولوا على مستعمراتهم. كان مبيكي يعلن عن مراجعة جذرية للتاريخ، حيث لم يقتصر استعمار البريطانيين والبوير (الهولنديين) على الأفارقة وحدهم، بل شمل البويريين (الهولنديين) أيضًا. كان يتحدى جنوب أفريقيا لإعادة تخيل الهوية السياسية، لترى أن من الممكن إعادة تخيل الهوية السياسية، لأنها نتاج التاريخ، وليست نتاج الطبيعة. إذا كان من الممكن أن يكون البيض أيضًا أفارقة مستعمَرين، فيمكن أن يكونوا مواطنين في دولة ما بعد الاستعمار.

ولا ينطوي هذا على العمى للمشكلة الصارخة المتمثلة في عدم المساواة الاجتماعية. وفي خطاب آخر، بعد ذلك بعامين، عنوانه “أمّتان”، وفي افتتاح مناقشة الجمعية الوطنية بخصوص المصالحة وبناء الدولة، تحدث مبيكي عن “التحديات الصعبة، ولكن الحتمية التي فرضها امتياز الطبقة البيضاء”. ورحّب البعض من اليسار بالخطاب الذي ألقاه لمعالجة هذا القدر الهائل من الأعمال غير المنجزة؛ ورفضه آخرون كونه بادرة بلاغية جاءت متأخرة جدًا. ولكن هذا الرأي يفترض بشكل غير واقعي أنه كان من الممكن القيام بالمزيد في وقت سابق. وليس من الواضح على الإطلاق أن أكثر الناشطين تشددًا في مناهضة الفصل العنصري كان لديهم شيء أفضل ليقدّموه. ورفض مؤتمر البلدان الأفريقية الحل الوسط تحت شعار “مستوطن واحد، ورصاصة واحدة” [صرخة حاشدة وهتاف تناقلته أجيال من السود في جنوب إفريقيا. الشعار دعوة لقتل المستوطنين البيض، الطبقة الحاكمة البيضاء].

الحقيقة هي أن الفصل العنصري وزخارف الامتياز الأبيض كانت شائعة بين البيض في جنوب أفريقيا. ولهزيمة كل ذلك دفعة واحدة وعلى الفور، كان يجب إنشاء حركة سياسية أقوى بكثير من تلك التي بنتها القوى المناهضة للفصل العنصري. وصل الحزب الوطني، حزب الفصل العنصري، إلى السلطة في مجلس النواب المكون من البيض فقط، من خلال انتخابات عام 1948، وعاد إلى السلطة في كل انتخابات بعد ذلك على مدار الأربعين عامًا التالية. ومع اكتساب الحركة المناهضة للفصل العنصري زخمًا في السبعينيات، اكتسب الحزب الوطني دعمًا شعبيًا. وعلاوة على ذلك، فإن العملية التي أدت إلى حل نظام الفصل العنصري السياسي والقانوني تضمنت استفتاء للبيض فقط. كان من الضروري أن تسمح غالبية السكان البيض لحكومتها بالتفاوض مع ممثلي الأغلبية السوداء.

وربما كان الدفع الراسخ الذي لا هوادة فيه نحو العدالة الاجتماعية سببًا في تقويض الاستفتاء الأبيض في اتجاه الرافضين، الذين كانوا في السلطة مع اقتراب الفصل العنصري من نهايته. حصل حزب المحافظين (المؤيد للفصل العنصري) على مقاعد، على حساب الحزب الوطني، في أواخر الثمانينيات من القرن العشرين، فظهر كمعارضة رسمية. وهناك خطر حقيقي يتمثل في قيام منظمات مثل منظمة (أفريكانر ويرستاندسبوينغ/ حركة المقاومة الأفريقية)، وهي منظمة انفصالية من ذوي الادعاء بتفوق البيض، بتحريك القلوب والعقول. حتى المثقفون الليبراليون أشعلوا مخاوف البيض. على سبيل المثال، فاز كتاب (قلب الخائن) الذي أصدره الصحفي ريان مالان (1990) بأرقام مبيعات كبيرة، وحاز إعجابًا واسع النطاق مع إجراء تحقيق مفصل حول ما وصفته الصحافة المؤيدة للفصل العنصري بـ “عنف السود ضد السود”. إن مالان، المتحدر من سلالة رئيس دولة سابق في جنوب أفريقيا، الذي يعدّ نفسه ليبراليًا، تصارع مع إسهامات أسرته في الفصل العنصري حتى وهو يسرد قصة رجل المطرقة: وهو زولو ضخم كان يمسك بمطرقة ثقيلة حطم بها جماجم ضحاياه السود، من أجل تحقيق مكاسب كانت في أغلب الأحيان ضئيلة. يسأل مالان: إذا كانوا قد فعلوا هذا بأنفسهم؛ فماذا سيفعلون بنا، إذا أُعطُوا نصف فرصة؟!

ومع ذلك، فإن خوف البيض لم يستمر. لماذا؟ لأن أقسامًا مهمة من حركة التحرير تعلّمت التفكير بمصطلحات بديلة. قالوا لأي شخص يستمع -وتزايدت هذه الأعداد بمرور الوقت- إن النضال ليس ضد المستوطنين، بل ضد سلطة المستوطنين. من دون دولة تضمن امتيازات المستوطنين قانونًا، سيكون المستوطنون مهاجرين عاديين. كان هذا هو قلب لحظة جنوب أفريقيا: إعادة تعريف العدو على أنه ليس مستوطنين، بل دولة المستوطنين، وليس البيض، بل السلطة البيضاء. من خلال القيام بذلك، أدخلت حركات التحرير في جنوب أفريقيا البيض إلى فكرة الديمقراطية غير العرقية.

(*) – الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي المركز

اسم المقال الأصلي The South African model
الكاتب* محمود ممداني، Mahmood Mamdani
مكان النشر وتاريخه عيون، Aeon، 17 آب/ أغسطس 2021
رابط المقال https://bit.ly/3bRWmDT
عدد الكلمات 4100
ترجمة وحدة الترجمة/ أحمد عيشة

*- محمود ممداني: أستاذ هربرت ليمان في الحكومة بجامعة كولومبيا في مدينة نيويورك، والمدير التنفيذي لمعهد ماكيري للبحوث الاجتماعية في كمبالا، أوغندا. تشمل مؤلفاته “منقذون وناجون: دارفور والسياسة والحرب على الإرهاب” (2009) وكتابه “لا مستوطن ولا أصلي: صنع الأقليات الدائمة وتفكيكها” (2020).

Next Post

اترك رد

منتدى الرأي للحوار الديمقراطي (يوتيوب)

أبريل 2024
س د ن ث أرب خ ج
 12345
6789101112
13141516171819
20212223242526
27282930  

Welcome Back!

Login to your account below

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Add New Playlist