اقتحم قرابة 400 مستوطن إسرائيلي بلدة حوّارة الفلسطينية جنوب مدينة نابلس يوم الأحد الماضي. مجرمون علنيون وعنصريون وزعران ملثمون مسلحون بالبنادق والسلاسل الحديدية والهراوات ومجهزون بمواد قابلة للاشتعال ووسائل لإضرام الحرائق، أعلنوا على وسائل التواصل، صراحة، عن قرار اقتحام انتقامي للبلدة التي كانت قد شهدت هجوما سابقا أودى بحياة مستوطنين.
هل طبقت قوات الجيش والأمن الإسرائيلي إجراءات احترازية، ولو على سبيل حفظ ماء وجه «دولة الديمقراطية والسلام» المزعومة أمام العالم، أو لمجرد الادعاء أنها تمثل دولة تستطيع الحفاظ على أمن السكان الذين تحتل أراضيهم، وأنها تتحمل المسؤولية الأولى المفترضة بها، وهي احتكار العنف (والإجرام) لنفسها؟
ما حصل فعلا أن قوات الدولة العبرية لم تترك البلدة مفتوحة لدخول أشخاص مدفوعين بشهوة الانتقام الوحشية ومعززين بإرادة الإجرام حيث أعملوا في البلدة أشكال نهب وحرق المنازل والاعتداء على المدنيين ولكن تلك القوات شاركت أيضا في العملية بدورها وتسببت، حسب أقوال أهل قرية الزعترة المجاورة، في استشهاد الشاب سامح أقطش (37 عاما).
لا عجب، والحال كذلك، أن دخول قوات الأمن الإسرائيلية إلى البلدة لم يحرر السكان الذين ظلوا خائفين من الخروج من بيوتهم، وبقيت البلدة مفتوحة فقط لسيارات جهاز المخابرات الإسرائيلية «الشاباك» فيما تابع المستوطنون أشكال إظهارهم انتصار الإجرام المعمم وتابعوا التعبير عن بذاءاتهم وعن أشكال عنصريتهم.
أمام ضغط جهات دولية، أمريكية وأوروبية، ومطالبتها بوقف الهجمات واعتقال المتورطين فيها وتعويض سكان حوّارة عن منازلهم ومزارعهم وسياراتهم المحروقة، اعتقلت قوات الأمن الإسرائيلية ثمانية مستوطنين، ثم قامت بإطلاقهم بسرعة.
على المستوى الحكومي، قام «وزير الأمن القومي» العنصري المتطرف ايتمار بن غفير، وزميله «وزير المالية» بتسلئيل سموتريتش، كما أكدت مصادر إسرائيلية، بتأييد المهاجمين فزار بن غفير بؤرة «أفيتار» الاستيطانية ودعا من هناك لبناء المستوطنات على أراضي الفلسطينيين، كما قام سموتريتش بنشر تغريدة لمستوطن دعا فيها إلى «محو بلدة حوّارة» فيما نشر رئيس لجنة الأمن القومي في الكنيست، تسفيكا فوغل (وهو أيضا من حزب «القوة اليهودية» الذي يرأسه بن غفير) تغريدة أيد فيها «حرق البلدة فوق سكانها».
يمكن أن نعتبر واقعة حوّارة إعلانا عن اتفاق هرمي يعلن صراحة عن رغبته بـ«إبادة الفلسطينيين». يبدأ هذا الاتفاق من المستوى السياسي الإسرائيلي، ويمر بقوات الجيش والأمن والمخابرات، وصولا إلى قطعان المتطرفين العنصريين من المستوطنين.
أشارت بعض المصادر الإسرائيلية، بصراحة، إلى أن ما يجري شبيه بحملات الاستهداف الجماعي التي كان يتعرض لها اليهود أنفسهم في روسيا وبلدان أوروبا الشرقية، فيما تجرأ البعض الآخر لتشبيه ما يحصل بأحداث العنف الجماعي والإرهاب الذي تعرض له اليهود في بداية حكم النازيين في ألمانيا.
صار المشهد، بهذا المعنى، جاهزا لتنفيذ مجازر جماعية ضد الفلسطينيين، فمن سيحمي الفلسطينيين وكيف؟
“القدس العربي”