اندفعت تدوينات حضارات الإنسانية جمعاء و منجزاتها من نُظم رُقُم سومر الكتابية، تبلورت ألسنتها عن أبجدية أوغاريت، انفتحت أعراقها على بعضها عبر خرائط قارات وإسطرلاب فينيقيا، أنشدت ترانيمها وتراتيلها الأسطورية من أسطوانات مكتبة آشور، صدحت آلات الأوركسترا وأبدعت مؤلفات الأوبرا عبر تدوين أمورو الموسيقي. شُيّدت العمائر ونُظّمت المدن من رواسي وقواعد آرام الشمس، طُوّعت الصخور والمعادن بأزاميل عاصمة الجبابرة الأنباط ناحتي مدن الجبال، ابتهلت وتضرّعت وقدّمت القرابين من مذابح معابد مورة الكنعانية دانت التوراة لألواح ماري، دان كنزا ربا لكوكب نيبيرو، دان الإنجيل لعمادة المسيح في نهر الأردن، ودان القرآن لابنة الشمس.
خطّ إله الشمس الآرامي على ألواح أقدار البشرية ولادة مسخ حاقد في عصر حديث، يعاني منذ طفولته تشوّهات طبائعية، إذ إنه أخو بهرز ابن أصفهان و ابن أخي العرب سليل الكلبية، وإذ أنه حفيد أخي الأشكيناز وليد الخزر، عانى حقيقة أن أمهاته المؤسسات، هن بنات ماجوج المنافق، وحيث أن أنسابه الخسيسة مجهولة، أراد ارتداء عباءة نسب الشمس عبثاً، فلا هو قادر على حياكة العباءة المهيبة بما يناسب مقاسه، ولا هو قادر على إعماء نظر شعب الشمس عن رؤية محيى الخزي والهوان يعرّي وجهه، ويضمّخ جسده وأجساد آبائه، لعنة النذالة والعار.
خطَّ سورية على ألواح أقدار البشرية، وغدٌ، وقام بإقحامه ضمن أزقة أرضه، فظنّ الوغد الشّره ذاته السفّاحة حاكمة لأرض سورية، متناسياً حقيقة أنه مسخ، رُبّي في حظائر أسياده الفرس والروس و أنظمة الأعراب الذاكرة أنهكت أوردته المتناسية المتأتّية عن أنسابه اللقيطة، فولدت إرهاصاتها نموذجاً سايكوباتياً أحمقَ، خُيّل إليه أنه قادر على دَمل مكاربه عبر تشويه أنساب واقع حضارات ابنة الشمس السورية السومرية الأمورية الآرامية الكنعانية الفينيقية النبطية تكوينه الإجرامي فصمَ بصيرته، فخُيّل إليه القدرة على فصل أعتى إمبراطوريات التاريخ عن تراب الشمس، واختصار مجد شعوبها على شرذمة صحراوية عقيمة حاول حصر حضاراته بين مخلبي ثقافة خاوية من كل سلم وعلم وجمال وإبداع، حاول حصر حضارته بين نابي ثقافة لا تنبت إلا النفاق والدمار.
خطّ إله الشمس على الألواح اندفاع حفنة من رجال يدّعون الكهنوت، يرتدون عباءات ودّ وسواعا ويعوق، ثم يتجوّلون في كنيس ابنة الشمس وكنيسة ابنة الشمس ومسجد ابنة الشمس، يعيثون فساداً وتقتيلاً بين روادها، محطّمين أذكار عشتار وتعامة وأنانا خنقاً، علّهم يسحرون أعين الناس، فيتمّ الاعتراف بالوغد حاكماً على شعب سورية المهيب، لقاء علف فاخر يقتاتون عليه من إحدى حظائر أسياد وغدهم.
لقد خطّ سورية الآرامي على الألواح إقحام ثقافة صحراوية قبيحة دخيلة على ثقافة حطّم سيفك وارفع معولك وازرع الأرض الخضراء التي لا تشحّ ولا تنضب، فأنت سوري، تمّ إقحام ثلة ظلاميين على رُقَع كنعان، فاقتلعت لغة آرام النبيلة، أُحلت لغة استيطان تصدح في المدارس والمعابد، في الجامعات ودور العبادة، في الفكر والنفس، فباتت ألسنة بني سلول تنضد كتب علم سومر البوكمال وباتت ألسنة بني خزرج تؤرشف مجلدات آشور دير الزور، وباتت ألسنة بدو خيبر تلحّن أنغام ماري اللاذقية، وأصبحت ألسنة القريشيين تستاح في فينيقيا أرواد، وأصبحت ألسنة أبي جهل ترنّم في مساجد أمورو حلب وأصبحت ألسنة حمّالة الحطب، تنظّم جيش أنباط تدمر، وأضحت ألسنة العابيرو تبني عمارة آرام دمشق، وأضحت ألسنة الأشكيناز تحرس هيكل كنعان أورشليم، وأضحت ألسنة الأعراب متصدّرة في كليّات ابنة الشمس.
فأعملت ألسنية المستوطنين تنكيلاً وتشريداً، نحلت السويداء كرباً، علّقت سارية الاستعمار على جثة بيت زالين، طافت جبلة دماء، أغرقت بانياس دمعاً، رمدت الرقة بكاء، حُطّمت حمص صراخاً، نزفت القلمون تعذيباً، نُحر الجولان غدراً، ورُفعت سورية العظيمة ببهاء.
انبثقت القِيم والمعارف والعطاءات منذ عهود سحيقة عن أرض ابنة الشمس، خُطّ في الأزل أن تربتها النقية ستكون مرتعاً تموج فيه جيوش الجشع الرومانية، تتناطح عليه شراذم الفرس الحاسدة، تتلاطم عبره قبائل الصحراء الحاقدة، حُتِم منذ الأزل أن حقولها الخصبة ترتوي بدماء شعبها الجبار، وأن شواطئها الذهبية ترسو عليها جثث بناتها الشهيدات، وأن جبالها العتيّة تُعلي في قممها محارق أبنائها المغاوير، وأن قمرها الفضي ينير شعوب البشرية قاطبة، وجموع الإنسانية مختلفة، فخَطَّ آرام على الألواح نصر الجبابرة والشهيدات والمغاوير، خَطّ إقحامَ وغد الفرس والروس وأنظمة الأعراب، خطّ حقيقة إرهاصات جنون عظمة وواقع عقدة العباءة المحال حياكتها، أيّده بأعوان أصحاب العمائم، أيّده بجهال متكلمي الألسنية الصحراوية، أيّده بأقران همج الدخلاء على ثقافة كلدان، أيّده بجيش ينتعل بسطاراً مدبوغاً بلحى شيوخ الطوائف، حصره ضمن تجويف أجرد، يكرّر فيه محاولاته اللاهثة لسحق شعب سورية.
خطّ آرام على ألواح القدر وجود مسخ قضّ مضجعه ذكريات أصله النتن المنحول، حتى أفرغ غلّه وغلّ صهيون من أصل شعب ابنة الشمس النبيل، متابعاً طموح أسياده الفرس والروس وأنظمة الأعراب في سحق الوطنية السورية، وطمسها بقومية الصحراء خطّ آرام كل هذا، إذ أوجد آلافَ تجسّدات “الأنوناكي” على أرض ابنة الشمس، إذ أوجد مئات تجسّدات “الإيجيجي” على قارات الأرض، إذ قضى أن نصر الوطنية السورية على استيطان بنى الصحراء كامن في حماقة الوغد، إذ أن غضب ملوك سورية القاهرين التَهبَ، احذروا.. إنهم يسيرون عبر القرون ولا يموتون، إذ أن حُنق عشتار الفينيق استعرَ، اهربوا.. إنها تتبدّى في السماء بعتاد “هابور”، ولا تزول.
• كاتبة سوريّة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شرح مفردات
*مورة: أرض المورة منطقة جغرافية أقام عليها شعب كنعان حضارتهم قديماً، تقع بين وادي الفرات والمتوسط وجبال طوروس والصحراء العربية وفيما تسمى حديثا “إسرائيل” أو فلسطين.
*كنزا ربّا: الكتاب العظيم للصابئة المندائية وفق اعتقادهم أنه صحف آدام في نظم التكوين وحساب الخليقة، إضافة لقصص وأدعية توجد منه نسخة كاملة في خزانة المتحف العراقي.
*ابنة الشمس استعارة لغوية للأرض السورية، حيث قامت حضارة آرام، اسم سوريا اسم آرامي لإله الشمس.
* ود وسواع ويعوق: من كبار آلهات العرب في العصر الجاهلي كبيرهم هو هبل.
* عشتار: آلهة الحب والجمال والخصب والحرب عند البابليين، زوجة الإله تموز، وهي عشتروت الفينيقية زوجة أدونيس، وعناة الكنعانية زوجة بعل، رمزها كوكب الزهرة، ولقبها نجمة الصبح.
* تعامة: تنين العماء البدئي والمحيط البدئي والهيولى الأصلية البابلية، وهي الخالقة الأولى تبدأ بتناسل زوجها آبسّو، ومن ثم باق الإيجيجي وصولاً للأنوناكي، ورمزها مياه المحيطات المالحة.
* إنانا: آلهة الحب والخصب عند السومريين، إنها مظاهر تبدل الطبيعة الضامنة لتعاقب الفصول واستمرار الحياة، زوجها هو ديموزي القتيل، ورمزها هو القمر.
* كوكب نيبيرو: اسم جرم سماوي غامض ورد كثيراً في الأساطير البابلية، ومنه عبر سكان السماء بما فيهم الأنوناكي إلى شعب بابل، ونقلوا لهم المعارف والعلوم المتطورة كثيراً ما رسم في أختام ونقوش بابل وسومر على شكل نجمة سداسية تحيط بكرة، ربما تشير لكوكب الأرض يشتبه بعض علماء الفلك اليوم أنه الكوكب إكس في حين أعلن آخرون أنه لا وجود لكل من الكوكبين.
* الأنوناكي: جيل الآلهة الجدد أحفاد الإيجيجي الذين انتزعوا الألوهية من آبائهم الأوائل، ونظموا الكون، أهمهم إيا آنو إنانا إنكي أريشكيجال سن مردوخ عشتار شمش نوديمو آنتو مسكنهم الأول هو كوكب نيبيرو.
• الإيجيجي: جيل الآلهة الكبار الأجداد في الترتيب الهيكلي الإلهي أشهرهم تعامة آبسو إنليل أنشار كنغو ننورتا، قام مردوخ في قتل بعضهم في حين استسلم له البعض الآخر، ونصبوه ملكاً على آلهة بابل.
• هابور: التنين ذو الوجه الشرس لآلهة العماء الخالقة الأولى تعامة، وهو التجسد الذي حاربت به الإله مردوخ حفيدها فشطر جسدها لقسمين، أحدهما صنع منه السماء، والآخر مياه المحيطات المالحة، كما ورد في ملحمة الإينوما إيليش البابلية.
• العابيرو أو الخابيرو: جماعة خليطة من أجناس متعددة تحركت إلى سورية في العصر البرونزي الوسيط، عملوا كجنود مرتزقة أو مأجورين في الزراعة أو الرعي أو كقطاع طرق، وهم فئة اجتماعية لا عرقية، كثيراً ما لجؤوا للسلب والنهب، يشتبه بأنهم الأصل القيادي للهكسوس.