انقضت الجمعة التاسعة جمعة آزادي ( الحرية ) على انتفاضة الشعب السوري طلباً للحرية والكرامة . وكانت دامية كباقي الأسابيع الماضية ، إذ سقط برصاص القوى الأمنية أكثر من خمسين شهيداً وعشرات الجرحى في حمص ودرعا وبرزة والبوكمال وإدلب وبلداتها المنتفضة ، حيث تم اجتياح معرة النعمان وسقط فيها أكبر عدد من الشهداء . وصدحت آلاف الحناجر بالحرية في مظاهرات غطت أغلب المدن والمناطق في الجهات الأربعة من سورية .
كان الأسبوع التاسع دامياً وعنيفاً أيضاً . فاستمر حصار المدن وأعمال الاجتياح والقتل خاصة في تلكلخ والعريضة ، وتشريد السكان الآمنين إضافة إلى المجازر والمقابر الجماعية المكتشفة . وكذلك بتقطيع أوصال المدن بالحواجز العسكرية والأمنية ، وتوالي الاعتقالات التي طالت الآلاف من مختلف المدن السورية ، وهو ما يسم طريقة تعامل النظام مع انتفاضة السوريين الذين تقوى حركتهم وتتجذر وتتسع جغرافياً ، وتنضم كل أسبوع قوى جديدة ومناطق جديدة إلى حركة الشارع السوري على الرغم من تشديد الخيارات الأمنية .
ومن اللافت في انتفاضة هذا الأسبوع المشاركة الكثيفة للمواطنين السوريين الآثوريين إلى جانب إخوانهم العرب والأكراد في التظاهرات بصورة أوسع من الأسابيع الماضية ، ليرددوا ذات الشعارات المرفوعة من مختلف أطياف المجتمع السوري . إلا أن اللافت أكثر الموقف المتشدد وغير المفهوم لردة فعل النظام تجاه الآثوريين وقيادة المنظمة الآثورية الديمقراطية باقتحام مقرها ومصادرة وتحطيم محتوياته واعتقال ثلاثة عشر من قيادتها ( المكتب السياسي ) . فهل أزعج تحرك الآثوريين النظام إلى هذه الدرجة كون الآثوريين لا يعقل أن يكونوا جماعة سلفية ؟
على الصعيد الخارجي ، فإن المجتمع الدولي الذي يصدمه كل يوم حجم القتل والعنف الممارس وإصرار النظام على خياره الأمني ورفضه الخيارات السياسية مما يدفع بالوضع السوري نحو التدويل بخطا متسارعة ، وتزداد العزلة الدولية للنظام ، الأمر الذي يرتب تداعيات يصعب التكهن بعواقبها . فالعقوبات الأمريكية الخجولة تركت الباب موارباً أمام النظام في محاولة منها لإعطائه فرصة لاعتماد خيار الإصلاح وتجنب العنف . وهي المرة الأولى التي تطال فيها العقوبات رئيس النظام ، أو تلك العقوبات التي يهدد الاتحاد الأوروبي بفرضها على ذات الدوائر داخل النظام ، تشير إلى دلالات صعبة وهي تضع النظام أمام احتمالات عسيرة أقلها أن يصبح أسيراً لخياره الأمني ، وعندها سيكون خياراً انتحارياً ومدمراً لسورية والسوريين . وبالتالي لا مفر أمام النظام من القبول بضرورة الانتقال السلمي من دولة الاستبداد إلى دولة مدنية ديمقراطية . وهنا يتحمل النظام المسؤولية الكاملة مادام يشيح بوجهه عن الحلول السياسية ، ويطلق العنان لعقله الأمني لاجتراح الحلول الفاشلة ، وبات يتنقل وسط اختبارات القوة العارية ، ينقلها من مدينة إلى أخرى ، ويداري عليها بتضليله الإعلامي وحديثه العائم والضبابي حول الإصلاح ، او حتى الحوارات الواهية التي دحضتها ممارساته القمعية على الأرض منذ انطلاقة الانتفاضة المباركة في الخامس عشر من آذار الماضي .
ما برحت المعارضة السورية ، وهي أحد أشكال التعبير السياسي عن ضمير الشعب المنتفض ، تحذر من أن الفرص تضيق أمام الحلول السياسية ، وتضيق أيضاً أمام النظام للخروج من الأزمة بسبب التمادي في الحلول الأمنية ، وهذا ليس فقط لأن المعارضة تدرك موازين القوى السياسية والاجتماعية الحاكمة للحالة السورية ، بل لأنها تعي بشكل أدق المآلات التي تنتظر سورية والشعب السوري ، وسوف تكون كارثية . الأمر الذي يرتب على المترددين من المجتمع السوري أفراداً أو جماعات أو مدناً أن يحسموا موقفهم ويكونوا على مستوى المسؤولية الوطنية وينخرطوا إلى جانب المنتفضين ، كيما يمكن إنقاذ سورية ، ويسهلوا عملية انتقالها سلمياً نحو الديمقراطية بأقل التكاليف بشرياً ومجتمعياً ، تكاليف يبدو جلياً أن النظام لا يكترث لها .
تحية لأرواح الشهداء
عاشت سورية حرة وديمقراطية
دمشق في 22 / 5 / 2001
إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي
الأمانة العامة