تشهد مدينة الباب في ريف حلب الشمالي الشرقي منذ مساء الاثنين، اشتباكات متقطعة بين الفيلق الثالث، وبين فصيل «فرقة الحمزة» (الحمزات)، وذلك على خلفية الكشف عن تورط قيادات الأخير بعملية اغتيال الناشط محمد عبد اللطيف المكنى بـ»أبو غنوم» وزوجته الحامل قبل أيام في المدينة.
وأفاد الناشط عبد العزيز الخطيب لـ«القدس العربي» بأن الفيلق بسط سيطرته على مقرات تابعة لـ»الحمزة» أي الكلية العسكرية وسجن الصناعة في مدينة الباب، وأشار إلى أن قراراً باجتثاث الفرقة قد اتخذ، من قبل «الفيلق الثالث»، حيث يجري العمل حالياً على السيطرة على مقار الفرقة في مدينة بزاعة المحاذية لمدينة الباب، والتي تعتبر معقلاً للفرقة، كما يتم التحضير للهجوم على مقرات الفرقة في منطقة عفرين شمال حلب.
اشتباكات بين فصائل عقب اغتيال ناشط في مدينة الباب… وزيادة معدلات الانتحار شمال سوريا
ووفق الناشط الموجود شمال حلب، استهدفت «فرقة الحمزة» بقذائف هاون منطقة سجن الصناعة في مدينة الباب، ما أسفر عن مقتل سائق حافلة، وجرح آخرين، وذلك في إطار محاولتها استعادة مقراتها. في الأثناء، تم تداول أنباء عن دخول «هيئة ثائرون» كطرف محايد لفض الاشتباك، وسط أنباء عن التوصل لاتفاق على وقف إطلاق النار.
يأتي ذلك، بعد بث «الفيلق الثالث» اعترافات مصورة تثبت تورط عناصر وقياديين من «فرقة الحمزة» في عملية الاغتيال التي أثارت غضب الشارع في الباب. ووفق المقاطع المصورة التي رصدتها «القدس العربي»، يقول أحد عناصر الخلية التي نفذت عملية الاغتيال إنه تلقى الأوامر من القائد الأمني في «فرقة الحمزة». ويضيف العنصر الذي ظهر مكبل الأيدي، أن القيادي الأمني أعطى أمر تنفيذ عملية اغتيال أبو غنوم، وهو يقود دراجة وزوجته إلى جانبه، وبعد العملية سأل العنصر عن سبب عملية الاغتيال، وخاصة أن العملية أدت إلى مقتل امرأة لا شأن لها، ليأتيه الرد «هيك بدو المعلم».
ولم تُعرف للآن خلفيات عملية الاغتيال، لكن شهوداً لـ«القدس العربي» أكدوا أن خلافاً نشب قبل أيام بين المغدور أبو غنوم المعروف بمواقفه القوية وانتقاده شبه الدائم لتجاوزات الفصائل، والقيادي الأمني في «فرقة الحمزة»، وتداول ناشطون صوراً لأبو غنوم وهو يحتضن المتهم الرئيسي بقتله، وذلك بعد تسوية الخلاف بينهما.
وبعد الكشف عن المتورطين، دشن نشطاء سوريون على مواقع التواصل الاجتماعي وسم «#هيك_بدو المعلم»، تعبيراً عن غضبهم من تجاوزات الفصائل، ومطالبة بالمحاسبة وتوحيد فصائل «الجيش الوطني». وتحت هذا الوسم، غرد الصحافي علاء الدين يوسف: «ثلاث كلمات تختصر استشهاد الناشط أبو غنوم وزوجته، من هو المعلم، ومن الذي وضعه ليكون معلماً في قتل الابرياء، لا بد من وجود قائد يكون له شرف القضاء على هذه الأشكال المقيتة».
أما الناشط السياسي ياسر العمر، فتساءل «هل يُعقل أن يصل الأمر بإنسان يحسب نفسه على الثورة وينسب نفسه للإسلام أن يقتل نفساً بريئة فقط لأن هيك بدو المعلم». ثم أضاف «حقاً إنها عبارة تستحق ليس الوقوف عندها فقط، بل تستحق كتابة مجلدات عن أسبابها ونتائجها وكيفية التخلص منها على أرض الواقع».
آخرون، قارنوا بين سلوك قوات النظام السوري وقتلها للسوريين بتوجيهات قياداتها، وبين جريمة الاغتيال الأخيرة، وقال الناشط أمير أسود: «ما خلصنا من مخابرات الأسد وقطعانه طلعنا ناس أكثر إجراما من القاتل بشار الأسد، الكلمة حركت الشعب السوري قبل 12 سنة، والآن مافيا «الحمزات» من نفس الحاوية». وفي سياق الحديث عن الأحداث التي يشهدها الشمال السوري الخاضع لسيطرة المعارضة، سجلت الثلاثاء حادثة انتحار جديدة، أقدم عليها شاب من بلدة معرشمارين ومقيم في مخيم كفرلوسين.
وقبلها بيوم واحد انتحر شاب في قرية كفريحمول في ريف إدلب، وغالباً تكون الدوافع اقتصادية وفق فريق «منسقو استجابة سوريا». ووثق الفريق في بيان وصل لـ«القدس العربي» الثلاثاء، 75 حالة انتحار 25 حالة منها باءت بالفشل منذ مطلع العام الجاري 2022، في الشمال السوري.
وحسب البيان تشكل فئة النساء معظم حالات الانتحار، لعدم وجود من يساعدهم على تخطي الصعوبات التي يعانون منها واليافعون غير قادرين على التعامل مع المصاعب والضغوط المختلفة التي تواجههم. وأوضح الفريق أن أبرز أسباب حالات الانتحار تعود لسوء الأحوال المادية للأهالي والنازحين والضغوط الكبيرة التي تتعرض لها المدنيين في المنطقة من حالة النزوح المستمر واستمرار الضائقة المادية وحالة القلق الدائم المتواصلة من انقطاع مصادر الدخل أو النزوح من جديد نتيجة التهديدات المستمرة من قبل قوات نظام الأسد وروسيا، وعدم القدرة على العودة إلى مناطقهم.
“القدس العربي”