خطر آخر يتهدد حياة آلاف السوريين بعد القتل بسلاح الجو والأرض، من قبل النظامين السوري والروسي، لا سيما في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام شمال سوريا، في ظل محدودية الإمكانيات الطبية للمرافق الصحية القليلة، وعدم قدرتها على مواجهة مثل هذا الوباء، في ظل ضعف نظام المياه والصرف الصحي والنظافة العامة والبنى التحتية المتعلقة بهذه النقاط، وضعف إجراءات ضبط العدوى ضمن المجتمع، وشح الخبرات الطبية للحيلولة دون تفشي هذا الوباء شمال البلاد.
وتخطى العدد الإجمالي للحالات المشتبه بها في عموم شمال سوريا عتبة 12 ألف حالة، حسب إحصائيات برنامج الإنذار المبكر والاستجابة للأوبئة. وقال مدير صحة إدلب الدكتور زهير قراط في تصريح لـ «القدس العربي» الأربعاء «لدينا اليوم 58 حالة جديدة، من أجمالي 1013 حالة شمال غرب سوريا، ولدينا 92 عينة إيجابية، تتراوح بمجملها بين المتوسطة والخفيفة شمال غرب سوريا، وبعض الحالات يتم علاجها في البيت». ولفت قراط إلى أن مديرية الصحة بدأت تلمس «استجابة دولية وتجهيز مراكز عزل ومشافي لاستقبال الأطفال والبالغين جميعها تشرف عليها مديرية الصحة بالتعاون مع منظمة دولية».
وحول عدد المراكز التي يتم تجهيزها وأماكن انتشارها قال مدير صحة إدلب «حاليا يتم العمل على أكثر من 10 مراكز عزل ومستشفيات لاستقبال الأطفال والبالغين، تنتشر في عدة مناطق منها إدلب ودركوش وجسر الشغور والدانا وما حولها، إضافة إلى مركز على الحدود السورية – التركية، وكلها قيد التجهيز» لافتا إلى وجود منظمات تتواصل مع مديرية الصحة حالياً لإنشاء مراكز جديدة أخرى ليكون العدد أكبر من أجل احتواء الوباء.
انتشر في مصادر مياه دمشق وحلب والرقة ودير الزور
ويعرف الكوليرا بأنه مرض ناجم عن إصابة بكتيرية يمكن أن يتسبب في الإصابة بإسهال مائي حاد، ويستغرق فترة تتراوح بين 12 ساعة و5 أيام لكي تظهر أعراضه على الشخص عقب تناوله أطعمة ملوثة أو شربه مياهاً ملوثة. وتصيب الكوليرا الأطفال والبالغين على حد سواء. ومعظم من يُصابون بعدوى المرض يبدون أعراضاً خفيفة أو معتدلة، بينما تُصاب أقلية منهم بإسهال مائي حاد مصحوب بجفاف شديد، ويمكن أن يسبب ذلك الوفاة إذا تُرك من دون علاج. مدير الرابطة الطبية للمغتربين السوريين «ٍسيما» في إدلب الدكتور واصل الجرك، أكد في تصريح لـ «القدس العربي» تعاظم الإصابات شمال شرق، وشمال غرب سوريا، في ظل ضعف نظام المياه والصرف الصحي والنظافة العامة – WASH – والبنى التحتية المتعلقة بهذه النقاط.
وقال الجرك «مازالت الارقام في زيادة في ظل ضعف نظام الووش، بينما يتم إنشاء وتجهزي منشآت للاستجابة للكوليرا لعلاج الحالات وتدريب الكوادر الطبيب، لعدم وجود خبرة في هذا المجال». ولفت مدير الرابطة الطبية للمغتربين السوريين إلى أن «الدعم الدولي يتركز حاليا على رصد الوباء، وخطط الاستجابة بشكل أساسي» لافتا إلى «توجيه طلبات إلى أغلب المنظمات المحلية السورية بضرورة إنشاء مراكز للاستجابة وتجهيزها، ليتم في الخطوة التالية تزويد هذه المراكز بالأدوية والمستهلكات والكلف التشغيلية من قبل منظمة الصحة العالمية والمانحين الدوليين».
وتوقع زيادة الأرقام خلال الأيام المقبلة، وانتشار المرض بسرعة بسبب الظروف الحالية وضعف إجراءات ضبط العدوى ضمن المجتمع، واستمرار مشكلة الصرف الصحي المكشوف، فضلا عن وجود الأراضي الزراعية والمزروعات والخضار المروية من الصرف الصحي والتي تصل إلى المواطن مع ضعف إجراءات الوقاية. في غضون ذلك، أكد التقرير الأسبوعي لمنظمة الصحة العالمية حول الكوليرا والإسهال المائي الحاد في سوريا، انتشار المرض في مصادر مياه عدة بدمشق وحلب والرقة ودير الزور، والعثور على عينة إيجابية في مياه نهر الفرات. ورصدت المنظمة في تقريرها المنشور الثلاثاء، 4 آلاف و899 حالة إسهال مائي حاد (وهو أحد أبرز أعراض الكوليرا) توفي منهم 39 حالة.
وفي الفحوص التشخيصية السريعة تأكدت إصابة 691 منهم بالكوليرا، في حين أكدت اختبارات الزرع إصابة 31 آخرين، في حلب ودمشق وحماة وحمص. في حين تم الإبلاغ عن حالات الإسهال هذه في 13 محافظة، بالإضافة إلى 54 حالة إسهال مائي حاد في 10 مخيمات للنازحين شمال شرقي سوريا (بما في ذلك مخيم سري كانيه في الحسكة)، لم يتم تأكيد انتشار الكوليرا سوى في 11 محافظة حتى الآن. وكشفت المنظمة أن الذكور يشكلون معظم حالات المرض بأكثر من 52 بالمئة، في حين تشكل الإناث أكثر من 47 بالمئة من الإصابات، وذلك منذ 6 من تشرين الأول الجاري فقط.
وأشار التقرير إلى أخذ 205 عينات من مصادر مائية وبيئية عدة في حلب ودير الزور والرقة ودمشق، 168 عينة منها مأخوذة من مياه الشرب، و21 عينة من مياه الصرف الصحي، و12 عينة من الخضراوات. واتضح في النتائج الخاصة بمحافظة حلب، وجود عينة كوليرا إيجابية في شبكة الصرف الصحي، وعينتين موجبتين في معمل للثلج، وعينة إيجابية أخرى في محطة مياه في المدينة الصناعية. وفي دير الزور، تبين وجود 3 عينات إيجابية، جميعها في مياه الشرب، في خزانات وشبكة للمياه. كذلك سجلت الرقة 3 عينات إيجابية، واحدة في خزان مياه، وواحدة في نهر الفرات، وواحدة في مصدر مياه منزلي.
وحسب وزارة الصحة لدى النظام السوري، فقد بلغ العدد الإجمالي التراكمي للإصابات المثبتة /757/ توزعت على حلب 477 حالة ودير الزور 130، والحسكة 60، ثم الرقة واللاذقية والسويداء ودمشق وحماه وحمص ودرعا والقنيطرة.
ولفتت الوزارة إلى أن العدد الإجمالي التراكمي للوفيات بلغ /41/ معظمها في حلب بواقع 34 وفية، ثم الحسكة، ودير الزور، دمشق.
“القدس العربي”