كشفت الرقصة الدبلوماسية بشأن الدبابات لأوكرانيا ومرة ثانية عن تبعية أوروبا لأمريكا.
ورغم أن الأمر قد يأخذ أشهرا بل حتى سنوات قبل أن تبدأ دبابة أبرامز الأمريكية الضخمة التي تستهلك كميات كبيرة من الغاز بعبور المنحدرات الأوكرانية في معركة ضد الروس. إلا أن قرار واشنطن بتقديم العشرات من الدبابات للجيش الأوكراني يعتبر تحولا عنصرا حاسما، كما تقول كاثرين فيليب بصحيفة “التايمز”.
ففي “رقصة دبلوماسية” مدروسة أدت في النهاية لتدفق الأسلحة الثقيلة التي تحتاجها أوكرانيا في حربها ضد الروس، تجنب الناتو انقساما مدمرا في لحظة حرجة من الحرب.
وأضافت أن أوكرانيا تناشد الغرب للحصول على الدبابات مع التحضير لحملات الربيع وسط دفع موسكو مئات الآلاف من المجندين الروس إلى ساحة المعركة.
مضيفة أن روسيا تريد تحقيق انتصار بعد الخسارة المذلة في خيرسون ومناطق حول خاركيف وباتت ترى أن دونباس في شرق البلاد هي أفضل فرصة لها.
وتعلق أن الدولة التي لديها الدبابات الأكثر ملاءمة لأوكرانيا هي ألمانيا، التي زودت الحلفاء بدبابات ليوبارد 2 وهم ضغطوا عليها للحصول على موافقة برلين لنقلها إلى أوكرانيا.
لكن ألمانيا، التي لا يزال تاريخها في الحرب العالمية الثانية يشكل عبئا ثقيلا عليها، ترددت في أن تكون المورد الرئيسي لأوكرانيا خوفا من تفاقم علاقتها مع روسيا.
وعلى عكس الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا، فهي ليست قوة نووية وليس لديها رادع يحميها. ولهذا قاومت ألمانيا وقالت إن دبابات أبرامز الأمريكية ستمنحها حماية أكبر ضد روسيا الغاضبة.
وكانت البنتاغون قد نصحت بعدم إرسال دبابات أبرامز، التي تحتاج إلى صيانة وإمداد عال – وهي بالضبط العوامل التي ساعدت في إفشال هجوم روسيا المدرع على كييف في آذار/ مارس.
وفي محادثات متوترة مع واشنطن، طالب المستشار الالماني أولاف شولتز بأن ترسل الولايات المتحدة دبابات أبرامز كغطاء لنقل دباباتها ليوبارد 2 إلى أوكرانيا.
وكسر هذا الجمود يوم الثلاثاء عندما تجاوز الرئيس بايدن مسؤوليه الدفاعيين ليلتزم بإمداد أوكرانيا بدبابات أبرامز، وتم إبلاغ ألمانيا أنه سيتم إرسالها في غضون أشهر.
وردت ألمانيا بالإعلان عن إرسال كتيبتين من دبابات ليوبارد، ما يقرب من 100 دبابة، إلى أوكرانيا في غضون ثلاثة أشهر، بالاعتماد على مخزونها الخاص ومخزونات الحلفاء مثل بولندا.
وقد دفع هذا الإعلان المسؤولين في فنلندا وهولندا وإسبانيا إلى القول إنهم أيضا سيرسلون دبابات إلى أوكرانيا. سيبدأ تدريب أطقم الدبابات الأوكرانية على الفور تقريبا في ألمانيا.
وتعلق الكاتبة أن هذه الحادثة كشفت مرة أخرى اعتماد أوروبا على الولايات المتحدة في مساعدة أوكرانيا في الحرب ضد روسيا وأنها تظل عرضة لتقلبات السياسة الداخلية الأمريكية.
فقد قررت الحكومة البريطانية هذا الشهر إرسال سرب من دبابات تشالنجر 2 ومدفعية إضافية إلى أوكرانيا لتشجيع الحلفاء الأوروبيين على زيادة دعمهم لكييف، جزئيا بسبب القلق من أن بايدن لن يكون قادرا على الاستمرار بالحصول على دعم الحزبين لتدفق المساعدات بمليارات الدولارات إلى أوكرانيا.
ويرى الحلفاء الأوروبيون أن ألمانيا، أكبر اقتصاد أوروبي، مهمة في تخفيف اعتمادها على واشنطن. ذلك أن الصراع في أوكرانيا كشف عن فشل القارة في تطوير ما يسميه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون “الاعتماد الذاتي الاستراتيجي”، على الرغم من الخوف بعد أن هدد الرئيس ترامب بالانسحاب من الناتو. واضطرت ألمانيا إلى قطع مسافة طويلة في نظرتها الاستراتيجية منذ الغزو الروسي الشامل.
وتختم بالقول إن الدبابات الغربية يمكن أن تغير قواعد اللعبة في معركة أوكرانيا، لكن أوكرانيا تقول إنها بحاجة للمزيد لكي تحدث فرقا على مسار الحرب.
“القدس العربي”