منذ فترة، بالضبط فجر الإثنين 6 شباط/ فبراير استيقظ أهل بيروت على زلزال، كأن زلزال الحياة السياسية والمالية وسواها لا تكفيهم! واتصلت بي صديقة هاتفياً إلى باريس وأخبرتني عما يدور في بيروت. ارتاح الناس (وهذا أمر طبيعي) وهبط البعض إلى الشوارع باستثناء… سكان الطوابق العالية لانقطاع الكهرباء الدائم وغياب المصعد.
خاف الناس وأصيبوا بالذعر، كما ذكرت لي إحدى صديقاتي في مخابرة هاتفية مع بيروت، وعز علي أن أقول لها إنني لم أسمع بالخبر حتى في نشرة الأخبار الفرنسية التي ذكرت الزلزال في تركيا وشمال سوريا.
حمى الله لبنان ووطني العربي كله من الزلازل بكل أنواعها، وقد يخفف من مرارة إمكانية الزلزال في لبنان انتخاب رئيس للجمهورية واستقرار الأحوال. فقد تعب الناس في لبنان من الزلازل السياسية أكثر من الزلزال الأرضي الطبيعي. ألم يكن الانفجار في مرفأ بيروت زلزالاً (أرضياً) وسياسياً مروعاً. في لبنان نعرف على الأقل أسباب الزلازل، أما الزلازل السياسية فقضية لا يجرؤ الكثيرون على الحديث عنها.
القناة الخامسة الفرنسية ولبنان
برنامج تلفزيوني جريء (بالمقاييس العربية) قدمته القناة الخامسة الفرنسية التلفزيونية، وقالت فيه ما يراه الغرب عما يدور في لبنان.
وتحدث البرنامج بلا أقنعة عن «حزب الله» ودوره، وكان اللبناني الأكثر جرأة الأستاذ مروان حمادة الذي تحدث بلا أقنعة عما يدور (سبق أن تمت محاولة لاغتياله واستطاع النجاة حياً)، كما تحدث البرنامج عن اغتيال لقمان سليم وسمى الأشياء بأسمائها وهو ما لا يجرؤ عليه في لبنان أحد علناً، بل إن البرنامج اتهم أحد الأحزاب الدينية اللبنانية بتهريب المخدرات وبيعها في لبنان والعالم العربي لشراء الأسلحة لحلفائه. واتهم ذلك الحزب الديني بأنه كان وراء الانفجار المروع في مرفأ لبنان لأنه كان يخزن نيترات الأمونيوم هناك ويوردها لحلفائه ومنهم إيران لصنع الأسلحة. برنامج شجاع لا يمكن لأي تلفزيوني لبناني أن وافته الجرأة على تقديمه لكي لا يتم نسف مقره بالمتفجرات وإزالته عن خارطة لبنان.
وكان لبنان وطن الحرية وصار بحاجة إلى أن يعود كذلك.
ساعتان ونيف احتلهما البرنامج عن لبنان وعن أحد الأحزاب الدينية فيه ونوع نشاطه، وكيف كان العالم العربي ينظر إليه في البداية كعدو لإسرائيل وصارت له اليوم نظرة أخرى غير ودية وبلا أوهام.
ترى هل يجرؤ أي برنامج تلفزيوني لبناني على إعادة بث هذا البرنامج؟
بين غواية النجومية والأمومة
ساعة كاملة قدمتها القناة 15 في التلفزيون الفرنسي عن النجمة التي كانت في شبابها غاية في الأنوثة والجمال والغواية الممثلة بريجيت باردو.
ولا أعتقد أن الجيل الجديد يعرف عنها الكثير، لكنها لعبت دوراً في السينما الفرنسية وفن الغواية. في ستينيات القرن الماضي كانت بريجيت باردو غاية في الشهرة السينمائية والفتنة النسائية وشوهدت في أفلام مثل «الله خلق المرأة» وسواه. ثم مر الزمان وظلت بريجيت تصبغ شعرها باللون الأشقر ومثلت دور المرأة فتاكة السحر النسائي، ونجح بعض الأفلام التي مثلتها.
الأطفال والشهرة
وحين تزوجت بريجيت باردو أنجبت صبياً هو نيقولا ربما خافت على شهرتها ومن إفسادها كمغرية على الأرجح وتخلت عن طفلها نيقولا! وكان ذلك في نظري مروعاً. وشهرة العالم كله لا توازي متعة الأمومة في نظري كأم. في الستينيات، كان (النجوم) يخافون على شهرتهم من إفسادها بالأمومة أو الأبوة (كما حال المغني كلود فرنسوا!).
كان له طفلان أنجبتهما زوجته فأخفى أحدهما لكي لا يعتبر رب أسرة ويخسر (المعجبات!) ولعل ذلك ما دفع بريجيت باردو للتخلي عن ابنها نيقولا الذي تركته لوالده.
بريجيت باردو وسان تروبيه
أين ابن بريجيت نيقولا؟ تكاد بريجيت تسأل: من هو؟
واستعاضت بنجوميتها عن أمومتها وأقامت في جنوب فرنسا في بلدة «سان تروبيه» فساهمت في جعلها مشهورة، ثم تزوجت من أحد رجال جان بيير لوبان المتطرف اليميني الكاره للعرب وسواهم. وتقدمت في السن كما يحدث للناس جميعاً، وبعدها صافحت العديد من رؤساء جمهورية فرنسا وصارت كزوجها الجديد من حزب لوبان أي ضد المهاجرين العرب وسواهم وكلما تقدمت في السن ازدادت في المشاركة في عدوانية حب (الغرباء) الذين لم يولدوا في فرنسا.
أهلاً بالحيوانات ووداعاً لابني!
وهنا اخترعت النجمة الشهيرة في الستينيات بريجيت باردو هدفاً جديداً لحياتها هو رعاية الحيوانات، ووقفت ضد المعاطف المصنوعة من جلد الحيوانات كالفقمة، وكرست حياتها لحماية الحيوان من الإنسان (العدواني). رعت الحيوانات ولم ترع ابنها نيقولا!. والتقت بالعديد من رؤساء جمهوريات فرنسا لكي ينضموا إلى مبادرتها لحماية الحيوانات من الذبح، ومن طرفي لا أستطيع أن أفهم كيف تقف ممثلة شهيرة في حقل الدفاع عن الحيوانات في مؤسسة تحمل اسمها وهي التي لم تقم برعاية ابنها ذات يوم! وقد التقيت مع بريجيت باردو وجهاً لوجه منذ أعوام وكانت تهبط من سيارة تحمل اسم مؤسستها لحماية الحيوانات وتصادف أن طبيب العيون الذي أزوره لموعد سنوي كانت عيادته مقابل مؤسسة باردو، وشاهدتها تهبط من السيارة وتمشي على عكاز.
إنه الزمن..
وقد أبدي إعجابي لهجرها للسينما إكراماً لرعاية الحيوانات بعدما تقدمت في السن، ولكن ما لا أستطيع أن أغفره لها أبداً هو التخلي عن الأمومة لحساب النجومية والشهرة.. ربما لأنني أم أجد أن رعاية الحبيب ابني منذ طفولته حتى حصوله على الدكتوراه، وتحوله إلى رجل، أغلى ما في حياتي.
“القدس العربي”