في حملة الرئيس رجب طيب أردغاون للجولة الثانية يستشهد بالقرآن ويلقي الشعر ويهاجم خصومه، فالرئيس التركي كما تقول صحيفة “نيويورك تايمز” بتقرير أعده بن هبارد لديه جاذبية “نجم روك” ويعد بقيادة تركيا لاستعادة دورها العالمي لو أعيد انتخابه يوم الأحد.
وعادة ما يبدأ أردغاون خطاباته في الحملات الانتخابية بصوت هادئ أمام حضور من الملتزمين المسلمين ويقول إنه لا يريد إرضاء الشعب التركي ولكن الله. وفي محاولة لجذب انتباه الجماهير يغني الأغاني الشعبية ويلقي قصائد لشعراء محليين أو يلف كتفيه بشعار فريق كرة القدم المحلي. وأحيانا ما ينزل عن المنصة ويمشي بين أنصاره لأخذ صور أو يصافح الأطفال الذين يقبلون يده. ثم يعود إلى المنصة لمواصلة خطابه، في زيه الرسمي أو معطف رياضي.
ووسط تصفيق عمال النقل في حملة انتخابية، الأسبوع الماضي، وضع أردغاون خطته وأسباب الحفاظ عليه كرئيس يوم الأحد، إذ تفاخر بتحسين طرق البلاد وبناء الجسور وزيادة الأجور ومنح إعفاءات ضريبية لأصحاب الأعمال الصغيرة. وتعهد بقتال القوى التي يعتبرها عدوة للأمة، بمن فيهم المثليون والمطالبون بحقوقهم وأن يجعل تركيا قوية في العالم. وهاجم قادة المعارضة الذين يحاولون الإطاحة به واتهمهم بدخول “الغرف المظلمة والجلوس للمقايضة” مع الإرهابيين، لأنهم حصلوا على دعم الحزب الكردي الرئيسي. وقال “نلجأ لله ونتلقى الأوامر من الأمة”، ورد الجماهير بهتاف هادر ووقف الرجال على أقدامهم “تركيا فخورة بكم”.
وجاء أردوغان (69 عاما) متقدما على منافسه في الجولة الأولى في 14 أيار/مايو بمعركة انتخابية تعتبر الأصعب في مسيرته السياسية، ومنذ ذلك الوقت كان برنامجه حافلا بالنشاطات. وفي عدد من المناسبات اليومية والخطابات التي تستمر مدة 40 دقيقة، التزم بتيمته الرئيسية التي ساعدته خلال عقدين من حكمه لتركيا، فقد قدم نفسه كزعيم تحتاجه تركيا ليقود بلدا يواجه عددا من التهديدات حتى يستطيع استعادة موقعه على المسرح العالمي.
وفشل أردوغان في الجولة الأولى بالحصول على نسبة 50% من الأصوات ولكنه جاء في المقدمة بنسبة 49.5% على حساب منافسه كمال قليجدار أوغلو الذي حصل على نسبة 44.9%. ويتوقع الكثير من المحللين فوز أردوغان يوم الأحد بسبب تقدمه في الجولة الأولى ودعم المرشح الثالث له، وهو سنان أوغان الذي حصل على نسبة 5.2%.
يتحدث أردوغان بطريقة أن تركيا تواجه معركة عظيمة من أجل الصعود رغم القوى المتآمرة التي تريد أن تبقي عليها في الحضيض، ويدعو الناخبين للانضمام له في دعم هذه القضية الوطنية البطولية
ويتحدث أردوغان بطريقة أن تركيا تواجه معركة عظيمة من أجل الصعود رغم القوى المتآمرة التي تريد أن تبقي عليها في الحضيض، ويدعو الناخبين للانضمام له في دعم هذه القضية الوطنية البطولية. ويقسم أردوغان بانه سيواصل معركته ضد “الإمبرياليين” أي الغرب والمعركة للاستقلال التي قادت إلى إنشاء تركيا قبل مئة عام. ويحذر أردوغان من “المصائد” و”المؤامرات” ضد الأمة، مثل المحاولة الانقلابية الفاشلة عام 2016. ويتحدث مرة أخرى ضد “القتلة الاقتصاديين” و”حيتان القروض في لندن”، محملا الغرب مسؤولية المصاعب الاقتصادية التي تواجه تركيا اليوم. ويهاجم المنظمات الإرهابية، مشيرا للمعركة الدموية بين الحكومة والمتطرفين الأكراد.
ومن أجل التأكيد على إنجازات حكومته، يتحدث أردوغان عن البنى التحتية والمطارات والجسور التي يذكرها بالاسم، مذكرا الناخبين بالطرق السريعة التي قصرت المسافات بين المدن. ويتحدث عن فخر الصناعة العسكرية التركية في مجال المسيرات والبوارج الحربية والأقمار الاصطناعية التي انتجتها الصناعة العسكرية التركية النامية.
ولا يتحدث أردوغان إلا قليلا عن مصاعب تركيا الاقتصادية والتضخم الذي وصل العام الماضي إلى 80% ولا يزال مرتفعا بنسبة 44% بحيث قلل من قدرة المواطنين الشرائية. ولم يتحدث عن خطة مراجعة للسياسات المالية حالة فوزه من جديد والتي أدت لتأثر قيمة العملة التركية. ويجد أردوعان متعة في التهكم على منافسه قليجدار أوغلو، الذي يقدم نفسه للناخبين بأنه متفاعل مع قضاياهم. فقد وعد قليجدار أوغلو بتقوية الديمقراطية التركية بعد تراجعها في السنوات الأخيرة وإصلاح علاقات تركيا مع الغرب. ففي كل خطاب يتهكم أردوغان على منافسه ويصفه بالعاجز وبأنه خادم للقوى الغربية، لكن الخط القوي في هجومه على المعارضة من خلال ربطها بالإرهابيين.
يتهكم أردوغان على منافسه ويصفه بالعاجز وبأنه خادم للقوى الغربية، لكن الخط القوي في هجومه على المعارضة من خلال ربطها بالإرهابيين
وحاول أكراد تركيا الانفصال في حرب مع الحكومة، وتعتبر الولايات المتحدة وأوروبا المقاتلين الأكراد إرهابيين واتهمت الحكومة الأحزاب الكردية السياسية بالتعاون مع حزب العمال الكردستاني (بي كي كي) واعتقلت معظم قادتها. ودعم الحزب الكردي الرئيس تحالف المعارضة، فرد أردوغان واتهمها بالإرهاب وكشف عن أشرطة فيديو تظهر المتطرفين الأكراد يغنون أغنية للمعارضة. ففي حملة انتخابية بهاتاي، واحدة من المناطق المنكوبة من زلزال شباط/فبراير، “هل يستفيد البلد من هؤلاء الذين مدوا أيديهم للإرهابيين؟”.
بالنسبة لأنصار أردوغان، من الطبقة العاملة والأرياف والمتدينين، فأردوغان هو نجم روك. وتصدح شعارات حملته في وقت يتجمع فيه أنصاره في الملاعب وهم ينتظرون ظهوره، وفوق رؤوسهم أعلام حزب العدالة والتنمية البرتقالية والزرقاء. وفي أثناء حملة بمناطق الزلزال المنكوبة أغرق المنظمون الحضور بالأعلام التركية وحولوا المكان إلى بحر من الألوان الحمراء والبيضاء. واعترف أردوغان ببعض النقد الموجه إلى حكومته وردها البطيء على الكارثة، واعتبر الزلزال “كارثة القرن” ولكنه وعد ببناء البيوت وإصلاح ما خلفه الزلزال من دمار “بدعمكم ودعائكم سنوفر لكم بيوتا جديدة”، قال في هاتاي.
وفي ظهور آخر وصف أردوغان علاقته مع الناخبين بطريقة رومانسية “لا تنسوا أننا معا ليس فقط يوم الأحد بل وحتى القبر”، حيث كان يتحدث لأنصاره في منطقة سيواس، التي حصل فيها على ثلثي أصوات الناخبين في الجولة الأولى. وتقول غولفين سيدان سانير، المستشارة السياسية التي نصحت المعارضة، “أردوغان في السلطة منذ وقت طويل، وهو ماهر في تقديم الرسالة”، و”بنى على مدى السنين ثقة مع الناخبين ويصدقون ما يقول”.
“القدس العربي”