أنطاكيا: يبدو أن زيادة الاهتمام الدولي بالحراك المناهض للنظام السوري الذي دخل شهره الثاني، قد دفعت روسيا أخيراً إلى التحرك لاحتواء الموقف، وخاصة بعد دخول الولايات المتحدة على الخط الداعم للاحتجاجات، وهو ما ظهر من خلال الاتصال المطول الذي أجراه النائب في الكونغرس الأمريكي فرينش هيل عن الحزب الجمهوري، مع الزعيم الدرزي الروحي الشيخ حكمت الهجري.
وبعد نحو شهر من إحجام روسيا عن التدخل، أرسلت روسيا سفيرها في إسرائيل أناتولي فيكتوروف للقاء الشيخ موفق طريف الرئيس الروحي للطائفة الدرزية، لبحث الأوضاع في محافظة السويداء السورية.
وبين حساب الشيخ طريف أن السفير الروسي حضر على رأس وفد رفيع من السفارة إلى دارة الشيخ موفق طريف الرئيس الروحيّ للطائفة الدرزية ودار الحديث بينهم حول الأوضاع في السويداء إثر الاحتجاجات السلمية الّتي تشهدها المحافظة منذ شهر. وأكد طريف للسفير الروسي أن أبناء السويداء خرجوا إلى الشوارع بشكل سلمي للتعبير عن موقفهم تجاه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وهي مطالب أساسية وعادلة لمواطنين مخلصين قدموا كثيراً من أجل بلدهم ووطنهم.
وحسب الصفحة الرسمية للزعيم الديني طريف جرى الطلب من السفير بنقل رسالة عبر الخارجية الروسية إلى النظام السوري بشأن ضرورة سماع صوت المحتجين وتلبية طلباتهم مذكراً بدور “الطائفة” البطولي في سوريا منذ قيام الثورة السورية الكبرى وخلال محطات تاريخية أخرى كثيرة، مطالباً بفتح معبر بري للسويداء مع المملكة الأردنية من أجل إحياء الحركة الاقتصادية والتجارية.
وأشار السفير الروسي إلى “متانة وامتداد واستراتيجية علاقات روسيا مع الدروز”، واعداً بـ”العمل على تنفيذ مطالب أهل السويداء عبر رفع التوصيات للخارجية الروسية”. ويقول الكاتب السوري وعضو الائتلاف السابق حافظ قرقوط، إن روسيا اختارت رئيس الطائفة الدرزية لأنه لم تعد لديها الشعبية في السويداء، بعد أن تنصلت من كل وعودها السابقة التي قدمتها لأبناء المحافظة المنتفضة ضد النظام السوري. وأضاف لـ”القدس العربي” أن روسيا باتت في حالة قلق من استمرار المظاهرات في السويداء، وخاصة أن الحراك أحرج رواية النظام وروسيا عن “الانتصار وعودة الاستقرار”، مبيناً أن “زيادة الاهتمام الدولي بما يجري في السويداء، ولّد الخشية لدى موسكو بحصول المحافظة على غطاء من جهة دولية ما”. كذلك لفت الكاتب وهو من السويداء، إلى العلاقات التي تربط الشيخ طريف بروسيا، موضحاً أن “روسيا تواصلت مع الشيخ طريف خلال التظاهرات السابقة التي شهدتها السويداء، ونتج عن ذلك التواصل بعض النتائج الإيجابية، والآن تريد روسيا استثمار العلاقة مع الشيخ طريف مجدداً”.
وقال قرقوط، إن “رد الشيخ طريف على السفير الروسي كان واضحاً، أي دفع النظام السوري للاستجابة إلى مطالب الشارع، والأخير يطالب بانتقال سياسي وتطبيق القرارات الدولية”. من جانبه، قلل الكاتب والصحافي نورس عزيز من فرص نجاح روسيا بوقف الاحتجاجات في السويداء، مؤكداً لـ”القدس العربي”: أن “السويداء قالت كلمتها، وهي لن تتوقف عن المظاهرات حتى إسقاط النظام، مهما فعلت روسيا”. وقال عزيز من السويداء، فعلياً التمثيل الوحيد لأهالي السويداء من خلال السلطة الدينية على رأسها الشيخ حكمت الهجري والشيخ حمود الحناوي وكذلك الحراك المدني، ولا تأثير من خارج هذه الدوائر على قرار أبناء المحافظة.
وأكد أن اللقاء بين السفير الروسي والشيخ طريف ليس الأول من نوعه، مشيراً إلى زيارة أجراها طريف لموسكو في وقت سابق، وقال “الظروف اليوم تغيرت وللسويداء مرجعية مستقلة ومعروفة”.
والأحد، كان شيخ عقل الدروز حمود الحناوي قد اعتبر أن ما حصل في السويداء وحّد المرجعيات الدينية للطائفة، وأن موقفها موحد إزاء الحراك والهدف واحد. وقال إنه يتلقى اتصالات شبه يومية، إقليمية ودولية، للاستفسار عن الأوضاع في المنطقة الجنوبية وسوريا. وأضاف أن مطالب أهل السويداء هي مطلب حق، ولم يعتدوا على أحد، معرباً عن أمله في انتصار مطالب الناس في الشارع.
“القدس العربي”