بغداد ـ علي البغدادي – المستقبل
يبدو ان صوغ مقاربة سياسية جديدة تنقل المشهد السياسي العراقي من الانقسامات التي ميزته خلال السنوات المنصرمة الى واقع جديد يبتعد في جزئياته عن المحاصصة الطائفية والحزبية والانتقال الى الحالة الوطنية الاشمل يمثل حجر الزاوية في اغلب الحوارات والمحادثات بين القوى والاحزاب العراقية بمختلف انتماءاتها ومشاربها وايدلوجياتها المتعددة .
وتتصدر مصطلحات "الوطنية " و"التغيير" و"نبذ المحاصصة" اغلب خطابات الاحزاب والتيارات العراقية التي انضوت او ما زالت في طريقها لتشكيل تحالفات جديدة للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة في 16 كانون الثاني (يناير) من العام المقبل، تلك العناوين جمعت تحت لوائها تكتلات شيعية وسنية تسعى بعد خفوت الصوت الطائفي الى استثمار رغبة الشارع العراقي باعتماد خطاب وطني بعيد عن الطائفية التي مزقت البلاد ونسيجها الاجتماعي وادخلتها في اتون صراع ما زالت آثاره ماثلة للعيان.
وبعد اعلان الائتلاف الوطني العراقي الذي يمثل المجلس الاعلى (بزعامة عمار الحكيم) عموده الفقري واعلان ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الطامح لولاية ثانية بالاضافة الى ابصار قائمة التوافق العراقي بقيادة الحزب الاسلامي (بزعامة اسامة التكريتي) للنور بعد مخاض عسير، جاء التوقيع بالاحرف الاولى على تشكيل ائتلاف وطني يضم 6 قوى سياسية مؤثرة، كحجر في بركة ساكنة اذ سيشكل الاعلان الرسمي لهذه الكتلة رقما صعبا في المعادلة السياسية العراقية .
وقال النائب اسامة النجيفي رئيس تجمع (عراقيون) الوطني ان "ست قوى سياسية اتفقت بشكل اولي على تشكيل تحالف وطني للمشاركة في الانتخابات المقبلة وان قيادة هذا التشكيل السياسي الجديد ستكون مشتركة بين اياد علاوي واسامة النجيفي وطارق الهاشمي ورافع العيساوي وصالح المطلك".
واضاف ان "هذا الاتفاق هو بداية لتشكيل تكتل سياسي كبير سيكون له ثقله المؤثر في البرلمان المقبل ويتوقع له ان يكون من اكبر الكتل المتنافسة في هذه الانتخابات"، لافتا الى انه "تم تشكيل عدد من اللجان والتي تجتمع لتقرر النظام الداخلي والبرنامج السياسي الموحد والاسم الجديد وموعد الاعلان".
ويلتقي تصريح النجيفي مع ما اكده رئيس الجبهة العراقية للحوار الوطني النائب صالح المطلك من ان توقيع تلك الكتل السياسية على الاتفاق الاولي لتشكيل ائتلاف وطني كبير للدخول في الانتخابات البرلمانية المقبلة "سيؤسس لمشروع وطني وانقاذ البلاد مما تعانيه من خندقات طائفية"، مشيرا الى ان "هذا التجمع الجديد من شأنه اضعاف التوجهات الطائفية التي استغلت البلاد في المرحلة الماضية"، مرجحا ان يكون لهذا التجمع "حظوظ كبيرة في الساحة السياسية العراقية في الانتخابات البرلمانية المقبلة".
ومع الحراك السياسي الذي يشهده العراق ما زالت الانظار شاخصة باتجاه البرلمان العراقي الذي ما زال الانقسام بين الافرقاء سيد الموقف بشأن اعتماد قانون جديد للانتخابات التشريعية المقبلة لوجود عقبات لا تخلو من ابعاد سياسية من بينها قضية كركوك واعتماد القائمة المفتوحة التي توحي تصريحات اغلب الكتل السياسية بتأييدها، الا ان ما يدور وراء الابواب المغلقة يشي بعكس ذلك وهو ما سيظهر جليا في حال مناقشة القانون في جلسة اليوم بالرغم من محاولات الامم المتحدة لتقريب وجهات النظر وطرح افكار جديدة في هذا المجال .
ويؤكد النائب الكردي سيروان كاكائي بان "قضية كركوك وطبيعة القوائم والدوائرالانتخابية تقف وراء عدم مصادقة البرلمان العراقي على قانون الانتخابات في البلاد"، موضحا ان "بعض الجهات العربية والتركمانية تسعى الى اقحام مسألة كركوك في قانون الانتخابات وضمان وضع خاص لمحافظة كركوك"، مؤكدا "لقد ابلغنا جميع الكتل البرلمانية في مجلس النواب العراقي باننا لن نقبل اطلاقا اقحام قضية كركوك في قانون الانتخابات العامة وان الانتخابات ينبغي ان تجرى في كركوك بشكل اعتيادي اسوة بسائر المحافظات العراقية الاخرى".
لكن رد ممثلي عرب كركوك جاء سريعا عندما لوحوا امس بمقاطعة الانتخابات البرلمانية المقبلة في حال إجرائها دون إعطاء خصوصية للمحافظة في قانون الانتخابات.
وأشار النائب عن الكتلة العربية المستقلة عمر الجبوري في مؤتمر صحافي مشترك مع عدد من ممثلي كركوك إلى ان "اجراء الانتخابات دون اقرار وضع خاص لكركوك سيدمر الجهود الدولية والوطنية لحل مشكلتها وسيكون الحل لصالح جهة على حساب جهة من خلال إضفاء الشرعية على التغيير السكاني الحاصل فيها"، فيما قال النائب عن الجبهة العراقية للحوار الوطني محمد تميم ان "التقارير الحكومية أكدت زيادة عدد سكان كركوك بنسبة 130 في المئة على الرغم من رحيل أكثر من 227 ألف عربي من سكان المحافظة تطبيقا للمادة 140 من الدستور".
ووسط هذه الصورة المتشائمة توقع النائب عن الفضيلة جابر خليفة جابر عدم "التصويت على قانون الانتخابات في جلسة اليوم"، مشيرا الى انه "في حال عدم التصويت على القانون فستجري الانتخابات وفق القائمة المغلقة وحسب قانون انتخابات 2005".
وبعيدا من السجال حول رغبات وطموح الكتل النيابية الكبيرة يضع مسيحيو العراق همومهم على طاولة البحث خصوصا مع حملات الاستهداف المنظم التي طاولتهم في مختلف مناطق تواجدهم في العراق وبالتالي يبدون في أمس الحاجة لضمان حقوقهم واستمرار اداء دورهم المهم في الحياة السياسية والتأكيد على انهم جزء اصيل من نسيج المجتمع العراقي عبر الحصول على نسبة تمثيل توازي دورهم التاريخي وتحفظ مكانتهم في المجتمع، حيث اعلن النائب المسيحي يونادم كنا عن إدراج مطلب لزيادة مقاعد نظام "الكوتا" في البرلمان، مشيرا إلى أن هناك توجها كبيرا نحو هذا النظام لضمان التمثيل الصحيح للأقليات.
وقال يونادم كنا إن "هناك مقترحا لدى البرلمان العراقي طالب به المسيحيون لزيادة مقاعدهم بموجب نظام (الكوتا) إلى خمسة مقاعد"، معربا عن أمله في أن "تتم الموافقة على الاقتراح في جلسة إقرار القانون المقررة اليوم"، موضحا أن "المكون المسيحي يتخوف من عدم تضمين هذا المطلب في مسودة القانون من خلال تسويفه وإهماله من قبل الأحزاب الكبيرة".
واشار كنا الى ان "هناك توجها كبيرا نحو الكوتا لضمان التمثيل الصحيح للمكون المسيحي داخل مجلس النواب العراقي كما ثمة تجاوب من قبل اللجنة القانونية ولجنة صياغة قانون الانتخابات في ما يتعلق بموضوع الكوتا للمكون المسيحي".
وتعارض كتل برلمانية عدة بشدة اضافة 16 مقعدا جديدا إلى مقاعد البرلمان البالغ عددها 257 ليصبح عددها 311 مقعدا بالاضافة الى 5 نقاط خلافية اخرى ابرزها ما يتعلق بالكوتا النسائية والكوتا للاقليات والقائمة هل هي مفتوحة او مغلقة والتأشير في حالة المفتوحة وهل سيكون على مرشح واحد او اثنين او ثلاثة بالاضافة الى الدوائر الانتخابية وهل هي مفتوحة او مغلقة وهل سيكون لرئيس الجمهورية نائب واحد او اثنان فضلا عن المعضلة الاكبر المتمثلة بقضية كركوك ابرز نقاط الخلاف الامر الذي يجعل اقرار قانون انتخابي جديد امرا بعيد المنال الى حد ما .