
هل حان الوقت لقدر من الشفافية في تناولنا الموجة الهائلة التي ركبها كثيرون منا في أعقاب “7 أكتوبر”، والتي صار لزاماً علينا بفعلها لكي ننحاز إلى الضحية الفلسطينية ولكي ندين القاتل الإسرائيلي، أن نسمي الضحية شهيداً و7 أكتوبر “طوفان الأقصى”، وأن نقول إن “حماس” و”حزب الله” مقاومة، وربما لاحقاً الجيش السوري والحوثيين من يدري؟! ذاك أن التجرؤ على الإشارة إلى حقيقة أن “حماس” استثمرت في أنفاق هائلة لمقاتليها ولم تستثمر في ملجأ واحد يقي أهل غزة وحشية نتانياهو، صار يتطلب شجاعة تترافق مع احتمالات تخوينية. علماً أن أهل غزة بدأوا يشهرون هذه الحقيقة في وجه “حماس”!
نعم الموجة كانت هائلة، وأصابتنا على نحو متفاوت، فبين محترفي ركوب الأمواج وبين متجنبي شظاياها، تداعى الكثير من عناصر القصة الفلسطينية، لا بل اللبنانية أيضاً، والسورية والعراقية واليمنية. ممنوع الاقتراب من “7 أكتوبر” بغير التمجيد، ولا يكفي الموقف الحاسم من الوحشية الإسرائيلية لكي يتاح للمرء نظرة نقدية لموقع “حماس” الإقليمي، ولاشتغالها وفق أجندات غير فلسطينية.
حتى القول بأن “7 أكتوبر” فعل يائس وعدمي أقدم عليه من يشعر أن الانتحار خياره الوحيد في ظل انعدام أي أفق للحياة، مع ما قد يرافق أي فعل يائس من تخبط وارتكابات، كان صاحبه عرضة لحملات راكبي الأمواج من الممانعين والـ”نيو ممانعين”. هذا على رغم أن تفسير الواقعة بذلك لا يقترب من انتقاد “درة عين المقاومة”، أي حركة “حماس”، وهو ينطوي على تسليم بأن اليأس الفلسطيني هو تتويج لحقيقة بدأت تلوح وتتمثل في أن أنظمة عربية ذهبت نحو “اتفاقات ابراهام”، وأخرى نحو تطبيع مع إسرائيل من دون الشرط الفلسطيني، وهو ما احتفل به نتانياهو عندما أعلن قضاءه على القضية الفلسطينية.
لا بأس، فالأمواج المتلاطمة سبق أن أخذت راكبيها من حرب تموز عام 2006 إلى الثورة السورية ومن 17 تشرين اللبنانية إلى “طوفان الأقصى”.