سامر القرنشاوي
تخبرنا دراسة الفلسفة أن التفكير الحقيقي هو الشك، فهل نشرع في التفكير يوماً؟ هل نسائل وننقد ونحاسِب ونُحاسَب؟ هل يمكننا قبول أنفسنا وغيرنا أفراداً أحراراً؟ لست متفائلاً، لكن في سوريا وغير سوريا لا مهرب من هذه الأسئلة، وإن لم يكن اليوم فغداً.
لا! لا آل الأسد ولا بشاعاتهم سقطوا من السماء، ولا الثقافة السياسية التي حملتهم محصورةٌ بسوريا. أما وقد مر شهر بعد بحر الدم الذي خاضه السوريون، مهم أن نذكُر ونذكّر بأن القضاء على حكم طاغية ليس إلا بداية حرب أصعب على أفكارٍ ومفاهيم أوردتنا المهالك لعشرات السنين، صراعٌ يستلزم مساءلةً تذهب أبعدُ من حاكمٍ أو نظامٍ أو عقيدة أو بلدٍ بعينه.
لنبدأ من الواقعية السياسية المحضة (realpolitik). قبل سقوط بشار الأسد كان هناك سعيٌ عربيٌ رسمي الى “إعادة تأهيله”، أساسه أنه قد “انتصر”. مفهومٌ أن هذا التوجه حرّكه خوفٌ من الإسلام السياسي، وسعْيّ الى اجتذاب سفاح دمشق بعيداً من الجمهورية الإسلامية. لكن غير المفهوم كيف اعتُبرت سلطةٌ كهذه “منتصرة”، ناهيك بأن تكون (بتعابير علوم البيئة) “قابلة للاستدامة” (sustainable)؟ تخطى عدد قتلى الحرب الأهلية في سوريا الستمائة ألف في بعض التقديرات، ناهيك بالجرحى، أما المهجرون، داخل البلاد وخارجها، فتُقارب أعدادهم ثلثي السوريين (حوالى 14 مليوناً). ليس هناك من شكٍ في أن النسبةَ الكبرى من المسفوك دمهم قُتلوا بأوامر من منظومة حكم آل الأسد، ناهيك بفظاعات التعذيب والتمثيل بالجثث والمقابر الجماعية. لكن حتى ضحايا الجماعات المسلحة المعارضة للنظام، الرئيس الهارب مسؤولٌ عن أرواحهم. المتظاهرون في الشهور الأولى لم يحملوا سلاحاً لكن استقبلهم الرصاص. توظيف الطائفية شكّل سياسة النظام قبل أيٍّ من معارضيه. فكانت النتيجة رد فعل عنيف على البطش وصولاً إلى فوضى مسلحة (ما زالت تتهدد سوريا). إن لم يكن تدميراً متعمداً له، أليس هذا فشلاً ذريعاً في الحفاظ على السلم الأهلي؟ وأي موت وجوع وأطلال تلك التي تؤشرُ إلى “نصرٍ” استدعى “إعادة تأهيل”؟ كيف يُعد “منتصراً” من انحدر ببلاده إلى “دولة-مخدرات” (Narco-state)؟ علماً أننا لم نذكر أن مساحاتٍ شاسعة من البلاد لم تكن، لسنواتٍ سبقت فرار الأسد الابن، تحت سيطرته. ألا يؤشر ذلك كله إلى أن النظام كان يعاني أزمةً وجودية؟ حتى إن لم يتوقع أحد تبخره في أحد عشر يوماً؟
مساعي إعادة التأهيل هذه، وقبلها دعم إيران وروسيا، جمعها تجاهلٌ لأدنى ضرورات السياسة: “شعرة معاوية”؛ احتياج أي سلطة الى رغبة قطاع واسعٍ فاعلٍ من المحكومين في استمرار وجودها. لكن كيفما عرّفناها، الشرعية افتقدها حكم بشار الأسد، السوريون في غالبيتهم كانوا قطعاً ضده، بل لولا تدخل الداعمين الأجانب لسقط قبل عقدٍ أو أكثر. وراء الغفلة عن دور المحكوم هنا، عن حقيقة أن هذه علاقة ذات طرفين، افتراض ثبت خطأه المرة تلو المرة: قدرة الحلول الأمنية منفردةً على تحقيق “الاستقرار”، بينما في الحقيقة أقصى ما يوفره ارتهان الحكم بالحل الأمني (أو القمع إن شئنا الدقة) هو تأجيل الانفجار و(من ثم) مفاقمة احتمالات التشظّي، فالعنف هنا لا ينتج عنفاً مضاداً فحسب، بل يخنق السياسة، ومن ثم يضعفُ القدرة َعلى اجتراح الحلول الوسط، ويحّجم، إن لم يلغِ، إمكانية التعايش مع المختلف.لكن ماذا يتوقعُ من الحبيس إذا كان السجان من صنف آل الأسد؟ طبيعي أن تخشى أي نخبة الفوضى التي تهدد بها أي ثورة، لكن مُعيب من يعتقد أن القبضة الحديدية تغني عن الشرعية أو أن الإلغاء المطلق لاحتمال الثورة ممكن.
العمى عن غياب الاستدامة عن النظام البعثي الساقط لا يقف عند صانع قرار، بل هو تعبيرٌ عن منطق يجمع جمهوراً واسعاً في منطقتنا، عربيٌ وغير عربي. والمُبرر الأوسع قبولاً (خارج سوريا)؟ “عدو عدوي صديقي”، إذ إن العدو (طبعاً) إسرائيل. على سذاجة هذا المنطق، في هذه الحالة بالذات، لم يكن واضحاً أي نوعٍ من العداء لـ”الكيان الصهيوني”، هذا القائم بين حُكمٍ لم يطُلق رصاصةً في الجولان المُحتل منذ خمسين عاماً، فيما كانت الطائرات الإسرائيلية تمرح في سمائه من دون مقاومةٍ تُذكر.
صحيح، احتفظ النظام دوماً بـ”رطانة” المقاومة التي استندت إلى موقفين “مبدئيين” لهما شعبية واسعة: لا اعتراف بإسرائيل، و لا مقاومة إلا بالسلاح. لكن الأسد الأب تفاوض مع الإسرائيليين ولم يكن بعيداً من اتفاق معهم، تحديداً في النصف الأول من التسعينات، وعادت احتمالات اتفاق إسرائيل مع الأسد الابن مطلع العقد الماضي قبل أن ينحدر المشهد السوري نحو الحرب الأهلية.
أما اقتصار” المقاومة” على العنف التي ادعى النظام الساقط نفسه حلقة أساس في “محورها” فوراءه الكثير. آخر مواجهة كانت فوق البقاع اللبناني عام 1982 حيث فقدت سوريا في نهارٍ واحد تسعين طائرة مقاتلة (من أصل مئة وسبعين) من دون خسارةٍ إسرائيلية واحدة، علماً أن حافظ الأسد، من حيث التخصص العسكري، كان طياراً.
بعد هذه الهزيمة (الثالثة للأسد بعد 1967، إذ كان آنذاك وزيراً للدفاع وقائداً للطيران و1973 وكان وقتها رئيساً)، أو على الرغم منها، كسب حكم “الأسدين” الكثير من “المقاومة” عبر عقود عمره الخمسة، سهل وحرّك فيها حروباً خاضها آخرون وتكبدوا هم أثمانها، دماً ومالاً، بينما “جبهة” الجولان هي الهدوء بعينه. أما مع الفلسطينيين، فتاريخ الأسدين معروف بما في ذلك إشعال حرب المخيمات في لبنان والصراع الممتد مع ياسر عرفات للسيطرة على القرار الفلسطيني وصولاً، خلال الثورة السورية وحربها الأهلية، الى حصار مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين بدمشق، حتى موت العشرات من سكانه جوعاً. هذه “مقاومة” آل الأسد باختصارٍ شديد.
لكن محورية “المقاومة”، إلى حد التعمية على الواقع بمجرد استدعاء اسمها، تشارك فيه أطرافٌ متناقضة يوحّدها منظورٌ محوره الجماعة، لا قيمةَ فيه للفرد. تتشارك في هذا “قومياتنا” المختلفة؛ مثلاً لا حصراً؛ يجتمع “البعثان” العراقي والسوري، والناصريون الذين خسر “زعيمهم الخالد” كل حروبه، مع الإسلام السياسي السني والشيعي على حدّ سواء (بما في ذلك حماس في فلسطين وحزب الله في لبنان، وغيره من أتباع الولي الفقيه عبر المنطقة). يتفق هؤلاء وغيرهم في تقديس الجماعة التي ينتسبون إليها. من جهة، القداسة تنسحب على معارك الجماعة، وبداهةً، ما من مسعىً أكثر عدالةً من الصراع مع إسرائيل، ومن جهة أخرى تلفّ الرمزية قيادة الجماعة ومقاومتها، فيُلغى الأفراد ليبقى القائدُ فرداً أوحد يذوب فيه الآخرون. من ثمّ فعالية قداسة الجماعة ووحدتها في خدمة الطغيان لا تحتاج إشارة، كما عجزها المتكرر عادة (كما يخبرنا التاريخ) عن تحقيق شيء إلا الهزيمة أو النصر المحدود كحدٍّ أقصى. لكن، لأن المعركة عادلة، والجماعة مُنزهة، فمساءلة طبيعة الفعل والتوجه مرفوضة والنصر (افتراضاً) محتوم، حتى يصل الأمر إلى تأليه القادة وإنكار الهزائم بالكلية مهما كانت صارخة، بل وادعائها انتصارات (مثلاً لا حصراً: تصريحات أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم عن حرب حزبه الأخيرة مع إسرائيل، وسبقه في هذا خالد مشعل متحدثاً عن “نصر” حماس في غزة، ومثلهم كثر عبر عشرات السنين).
ولأن وحدة الجماعة معبودة تتنزل قداستها على كل ما يُفعل تحت رايتها، تُقلب المعايير وتُستَرخص الأرواح. مثلاً لا حصراً، باسم محور المقاومة، برر أمين عام حزب الله الراحل حسن نصرالله موقفه المعادي للانتفاضة على الأسد، ثم أضاف الى ذلك دعوى الدفاع عن مراقد آل البيت في سوريا تحت شعار: “لن نترك زينب تُسبى مرتين”. لم يرَ لا “السيد” نصرالله، ولا إمامه الولي الفقيه “السيد” الخامنئي تناقضاً بين الربط بين الدفاع عن نظام آل الأسد والدفاع عن مرقد حفيدة الرسول وأخت الإمام الحسين الذي يحتفل الشيعة كل عام باستشهاده في معركة غير متكافئة ضد حاكم ظالم، تبعها إذلال آل بيت الرسول (من ثم “سبي (السيدة) زينب”). وكأنما قررت الجمهورية الإسلامية أن على أتباع الحسين أن يقدموا أرواحهم فداءً لـ”يزيدٍ” من عصرهم. هذا المنطق المعكوس بررته قداسة المقاومة و”جماعتها”، وخدمه الخوف من الجهادية السلفية، التي تهدد أي مرقد أو مزار. صحيح، كانت للجمهورية الإسلامية مصلحة في حكم في دمشقٍ يتعاون معها، لكن، هل كان بشار الأسد وطبيعة نظامه هما الخيار الوحيد؟ لكن ربما في سجل الجمهورية الإسلامية في قمع مواطنيها بعضُ التفسير.
ذكرى القمع البشع الذي مارسه البعثي صدام حسين بحق معارضيه عموماً، وبحق الأكراد والتنظيمات السياسية الشيعية خصوصاً، حاضرة بقوة. رغم ذلك، ساند الولي الفقيه طاغيةً بعثياً آخر في دمشق وقدم حزب الله الأرواح دفاعاً عنه، لكن المعايير المزدوجة لا تقف هنا. مثلاً: معروفٌ مدى حنق أتباع حسن البنا على حكم البعث السوري وعلى عبد الناصر في مصر قبله، لكن كثراً منهم كالوا المديح والثناء لـ”الشهيد” صدام حسين. ما فعله جزار بغداد بمن رأى فيهم معارضين، والظلم الدموي الفاجر الذي ميز أفعاله لا وزن له في عين هؤلاء، ومثلما لم تهزّ لهؤلاء شعرة أن صدام في “عملية الأنفال” وحدها (1986-1988) قتل ما يقارب ثلاثمائة ألف كردي، لا شك في أن الغالبية الكاسحة منهم من العُزّل. كذلك لم يُسمع منهم اعتراضٌ يذكر على ما ارتكب عمر البشير الذي دعموه في السودان، هو و”جنجويده”، بأهل دارفور من مذابح واغتصاب وتنكيل (“قوات الدعم السريع” التي نسمع ببشاعتها اليوم، امتداد للجنجاويد).
في ثقافة سياسية تبقى مُغرقة في الشعبوية والفاشية، لا معيار أخلاقي هنا، فهذا يستلزم المقياس الواحد، لكن تقديس الجماعة يعني تجزئة الأخلاق، التي يتوقف تطبيقها عند حدود “جماعتي”، حيث ما ومن عداها خطأ مطلق. لذلك ينتقل الحكم الأخلاقي من الفعل، أياً كانت بشاعته، إلى هوية الفاعل والضحية. فمرتكب الجرم مهما كبر، طالما هو “منا” فهو على صواب، وطالما “العدو” ضدنا وغيرنا فلا خطأ في ما يُفعل ضده. وكأنما لسان الحال يقول “نحن لا نخطئ”. الشر حكماً من الخارج، إلى الحد الذي، مثلما نعمى عن الهزائم الصارخة نصل إلى عمىً عن الواقع.
الصهيونية مشروع استعماري إحلالي مجرم. لكن هل “الكيان” هو الأكثر أذىً لأهل هذه المنطقة؟ عدد من قتلت إسرائيل في كل الحروب العربية معها (بما في ذلك الخمسة عشر شهراً السود الأخيرة) أقل من مائتي ألف، وإن أضفنا كل من تسببت إسرائيل بمقتله بشكل غير مباشر، فلن يتخطى الرقم الأربعمئة ألف، ومن هجرتهم، عبر مذابح ممنهجة هدفت الى التطهير العرقي، لا يتخطى المليون (بما في ذلك التطهير العرقي الممنهج الجاري الآن في شمال غزة). أقل تقدير لقتلى الحرب العراقية – الإيرانية يتخطى الخمسمائة ألف. شن جزار بغداد هذه الحرب وحينما انقلب الأمر عليه وسعى الى إنهاء الحرب، رفض الخميني كل محاولات الصلح لست سنوات كاملة، فأزهقت مئات الآلاف من الأرواح بلا مكسبٍ لأي من الطرفين، ناهيك بالتكلفة الاقتصادية الهائلة. هذا علماً أننا لم نذكر غزو الكويت وما جره، ولا أفضنا في تفاصيل قمع الشيعة البشع الذي تلاه، ولم نذكر إلا جانباً واحداً من مذابح صدام حسين بحق الأكراد (وغير ذلك كثير).
في السودان، قتل نظام عمر البشير وعصاباته من الجنجويد، من أهل دارفور أكثر من ثلاثمائة ألف، وتسببوا في تهجير أكثر من مليون ونصف المليون. أما جرائم آل الأسد فحدّث و لا حرج. فمن أخطر عليك قائد “من أهلك” يفعل بك هذا، أم عدو لا تتوقع منه غير ذلك؟ لكن طالما لا عدواً إلا إسرائيل، أو “الأغيار” (حسب الرطانة البعثية)، ولا شراً يصدر من عندنا، يصبح، مثلاً لا حصراً، دعم الأسد مبرراً من أجل “المقاومة”. علما أننا لم نشر الى مسؤولية من قادونا الى الهزيمة تلو الهزيمة، أو ادّعوا هزائمهم انتصارات أو ضخّموا ما حققوا، ولا الفساد الأسطوري هنا وهناك. فعلى العكس من الإسرائيليين (وهم المنتصرون عادة)، قلما يحاسب صانع قرار في بلادنا (وكيف يحاسُب “الرمز” الذي يختصر في نفسه جوهر الجماعة وقداستها؟).
هذا (اللا)منطق يبقى السائد بيننا، وإلا فلِمَ ترَ صوراً لصدام حسين على سياراتٍ في مدن عربية؟ و لمَ تصر غالبية معتبرة أن ما فعلته “المقاومة” في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 كان صواباً لا يساءَل وإن مُحيت غزة من على وجه الأرض؟ وكأنما إدانة إجرام إسرائيل المتوحش تناقض مساءلة “المقاومة” (حماس في هذه الحالة) على قراراتها، أو أن كل ما يسمى “مقاومة” لا يُحاسب؟ ولِمَ تُصر دولةُ الولي الفقيه على تجاهل كل جرائم حليفها الساقط وصولاً إلى الدعوة المبطنة لحربٍ أهلية جديدة في سورية؟ ويهدد، نجم الإسلام السياسي السني، إردوغان، فصيلاً من أكراد سوريا بالدفن إن لم يسلم سلاحه؟ وكأنما قرن من العنف ضد الأكراد، هو عمر الجمهورية التركية، حقق شيئاً سوى الفشل؟ أي قدر هائل من اليقين التام بالصواب والعجز المطلق عن نقد الذات والاستخفاف بحيوات الأفراد يجمع كل هذه المواقف؟
يشارك من سعوا الى إعادة تأهيل حكم سفاح دمشق الساقط مع إردوغان الذي لعب دوراً رئيسياً في إسقاطه، في الدفاع المستميت عن حدود الدول القائمة، وعن وحدة كياناتها، اللهم طبعاً إلا إذا كان التغيير لصالح “قومهم” و”قوميتهم” (كما نرى من أصواتٍ تصدر من أقصى اليمين التركي تطالب بضم حلب)، تُفرض هنا هوُياتٍ وتُسحق أخرى، كما رأينا مراراً عبر عشرات السنين، وتغّيب بديهياتٌ أساس: أن كل وحدة مفروضة بالحديد والنار فُرقةٌ مؤجلة، وأن الوحدة قد تتعدد صيغها سياسياً بما يحترم التنوع كما نرى في نماذج مختلفةٍ حول العالم، وأن الدولة ليست هدفاً في حد ذاته، بل هي أداة لحيوات أفضل لمواطنيها. فإن فشلت في ذلك انتفى سبب وجودها، ناهيك بفرض “وحدتها” بالقوة، وأنه لا كرامة لجماعة الفردٌ فيها ذليل. لكن في ظل فاشياتٍ من ألوان مختلفة، ما بين عرقيةٍ، ودينية وقومية أو خليطٌ من هذا وذاك، لا فرد ولا فردية، ومن ثَم حُكماً لا مواطنة، (ولا وطناً إلا بالمواطنة)، فالحق كل الحق للجماعة، والجماعة في معركة، وكما قيل لنا دوماً لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، وكوننا نخسر معاركنا عادةً، أمر يحَرّم ذكره ناهيك بالتفكير فيه.
تخبرنا دراسة الفلسفة أن التفكير الحقيقي هو الشك، فهل نشرع في التفكير يوماً؟ هل نسائل وننقد ونحاسِب ونُحاسَب؟ هل يمكننا قبول أنفسنا وغيرنا أفراداً أحراراً؟ لست متفائلاً، لكن في سوريا وغير سوريا لا مهرب من هذه الأسئلة، وإن لم يكن اليوم فغداً.
كاتب مصري
- درج