دمشق ـ «القدس العربي»: تحدث عضو لجنة صياغة مسودة الإعلان الدستوري الدكتور أحمد القربي، في لقاء مع «القدس العربي» عن الخطوات المقبلة ما بعد الإعلان الدستوري، إذ أنه سيتم استكمال بناء المؤسسات الدستورية كتشكيل المجلس التشريعي من أجل تعديل القوانين بما يتناسب مع الإعلان الدستوري، وتشكيل المحكمة الدستورية العليا التي ستكون معنية بدستورية القوانين وتشكيل الهيئة الخاصة بالعدالة الانتقالية وهيئات عدة من بينها الهيئة العليا للانتخابات.
وفي جوابه حول النمط الذي اعتمدته اللجنة الدستورية في الفصل التام بين السلطات، وهو الأمر الذي ركز عليه الإعلان الدستوري، قال إن «هناك نمطين لفصل السلطات، الأول مرن والثاني جامد، والنمط الذي تم اعتماده في الإعلان الدستوري هو الفصل الجامد، بمعنى أن تكون هناك صلاحيات واضحة لرئيس الدولة والوزراء وصلاحيات خاصة بالمجلس التشريعي وصلاحيات خاصة بالسلطة القضائية، وبالتالي لا يوجد نوع من التعدي ما بين هذه السلطات، بمعنى أنه لا يمكن للمجلس التشريعي أن يعزل الرئيس، وفي المقابل، لا يحق للرئيس أن يعزل المجلس التشريعي».
وحيال تطرق الإعلان الدستوري إلى مهام خارج مهامه، منها شكل الدولة وعلمها ومصادر التشريع فيها، بينما يفترض أن يضم الإعلان الدستوري مجموعة مبادئ هدفها ضبط سير السلطات وإدارة الدولة خلال المرحلة الانتقالية وضمان حريات الناس وحقوقهم ليس أكثر، قال القربي: في كل الإعلانات الدستورية يتم الحديث عن هوية الدولة وحماية التنوع، وعلم الدولة، فهذه القضايا مهمة خاصة بالنسبة للسوريين بعد انتصار الثورة من أجل تكريسها في نصوص دستورية وليس في قوانين. وزاد: عندما يتم الحديث عن علم الدولة في النص الدستوري فهو أمر إيجابي والأمر ذاته بالنسبة لتغيير النشيد الوطني والحديث عن مرجعية التشريع، هذا نص موجود من دستور 1950 وتم التوافق عليه بالنسبة للآباء السوريين، ونحن اليوم كأحفاد آثرنا أن نكرسه في الإعلان الدستوري.
وإزاء التوسع في الإعلان الدستوري، وتناوله قضايا سابقة لأوانها، ليس من صلاحيات الحكومة الحالية المؤقتة الخوض فيها أصلا، قال القربي: لا يوجد أي قضية تم وضعها في الإعلان الدستوري خارج نطاق الحاجة لها، كما أن الإعلان الدستوري لا يضم تفاصيل غير لازمة.
الإعلان الدستور أثار حالة من الجدل في الشارع السوري، فمنهم من بارك هذا الإنجاز، باعتباره خطوة مهمة لرسم ملامح الدستور السوري المقبل والمرحلة ما بعد الانتقالية، ومنهم من وجه انتقادات لاذعة، معتبرين أن الإعلان لا يمثلهم.
السياسي السوري المحامي منير الفقير، عقّب قائلا: يوم عظيم في تاريخ سوريا، مبارك لثورة السوريين ثقتنا باللجنة كانت في محلها. وتوقف عند بعض الفجوات حيث قال: كشخص غير متخصص يمكن أن ألحظ فجوات معينة ومحدودة في الإعلان الدستوري مرتبطة بحيازة الرئيس للثلث الذي قد يكون معطلا في البرلمان (حسب ما سيكون عليه النظام الداخلي للبرلمان) ومنحه صلاحية إعلان حالة الطوارئ يقرها مجلس الأمن القومي بشكل مزَمّن ويترك للبرلمان قرار التمديد من عدمه ( فهل يعطل الثلث قرار عدم التمديد ؟) حيث حالة الطوارئ يمكن أن تقيد كل ضمانات الحريات والحقوق التي نص عليها الإعلان الدستوري؟
وعلى الرغم من أنّ كلام الفقير كان مؤثراً للبعض، فإنه لاقى انتقادات كبيرةً من جهات مختلفة، فقال المحامي ميشال شماس: نسخة الإعلان الدستوري التي سمعنا عنها شرحاً موجزاً عند تسليمها للرئيس أحمد الشرع هي دستور وليست إعلانا دستوريا. وتابع: الإعلان الدستوري هو عبارة عن مجرد مجموعة مبادئ لا يتعدى عددها أصابع اليد، هدفها ضبط سير السلطات وإدارة الدولة خلال المرحلة الانتقالية وضمان حريات الناس وحقوقهم، فليس من مهامه أبداً التطرق إلى شكل الدولة وعلمها ومصادر التشريع فيها حتى ولو كان كل سكان سوريا مسلمين.
وزاد: إن مثل هذه الأمور يجب أن تصيغها لجنة منتخبة من الشعب وأن يُستفتى الشعب بها ويؤخذ رأيه فيها. وطالما أن الظروف لا تسمح الآن بإجراء استفتاءات أو انتخابات، فكان يجب عدم التطرق إليها وإن صدروها عن شخص واحد أو لجنة من لون واحد معينة من قبل شخص واحد لا يعطيها الشرعية الشعبية. بينما أسهب المحامي عيسى إبراهيم في شرح ملاحظاته حيث قال: دين رئيس الدولة الإسلام لا ضرورة موضوعية له، باعتبار أكثرية سكان سوريا مسلمين، ولا حاجة لهم موضوعياً بتحصين أكثريتهم بالمنع. اضافةً لربط حرية الاعتقاد وممارسة طقوس العبادة بمفهوم حمّال أوجه واضح استهدافه، هو تعبير»مخالفة النظام العام».
وتابع: النص على أن المواطنين السوريين جميعاً يتمتعون الحقوق والواجبات ذاتها، تُكذِّبه المادة المتعلقة بدين رئيس الدولة، حيث تمنع غير المسلم من هذا الحق في الترشح للرئاسة.
أيضاً صلاحية رئيس الجمهورية الذي هو بالأصل قائد فصيل عسكري وصل السلطة بتوافق دولي، وليس لديه حتى الآن من جهة رسمية مستقلة ورقة لا حكم عليه حتى يكون موظفا بوظيفة رئيس، هذا « الرئيس «يُعيّن» مجلس الشعب «الذي هو بالحقيقة وفق ذلك: مجلسه هو وليس مجلس الشعب» وهذا خرق لمبدأ معياري دستوري هو مبدأ فصل السلطات الذي هو من بديهيات ماهية الدستور كبنية.
وأضاف: أنا المواطن السوري أُعلن عدم موافقتي على مسودة الاعلان الدستوري هذه في حال ثبت صحتها، وتم إعلانها كإعلان دستوري.
بينما نقل الدكتور أحمد جاسم الحسين خيبة أمل الكرد السوريين بالإعلان الدستوري: حيث كتب: وصلتني الرسالة التالية: كنت أنتظر كما معظم الكرد السوريين أن تزال كلمة العربية من تسمية البلاد، وأن ينص الدستور على أن الكردية هي اللغة الثانية، وأن ينص على حقوقنا الثقافية والسياسية.
وأضاف: يبدو أن صفقة قد حدثت بين الجهة التي تمثل الكرد والرئاسة، وهذه وجهة نظر شركاء في الوطن.
- القدس العربي