دمشق ـ «القدس العربي»: ضربت سوريا وعموم دول الشرق الأوسط موجة حر شديدة منذ بداية الأسبوع، ما أدى إلى انقطاعات عامة للكهرباء لأكثر من مرة، مع زيادة ساعات تقنين ضخ مياه الشرب لتصل في دمشق إلى يومي قطع ويوم تغذية، فضلا عن أيام تقنين أكثر في الأرياف، إضافة إلى نفوق آلاف الطيور والمواشي وخصوصا في شمال وشرق البلاد. كما ابتعد المواطنون عن السير في الطرقات، الأمر الذي خلق ازدحاما شديدا في وسائط النقل العامة في المدن.
أعلى من المعدل
وبدأت درجات الحرارة بالارتفاع منذ يوم الجمعة، ووصلت في دمشق إلى 44 درجة مئوية وفي بعض مناطق البادية ومدن الجزيرة إلى 49 درجة، وما زالت البلاد تحت تأثير امتداد منخفض موسمي هندي سطحي يترافق بامتداد لمرتفع جوي شبه مداري في طبقات الجو العليا.
وحسب المديرية العامة للأرصاد الجوية السورية، فإن درجات الحرارة ستبقى أعلى من معدلاتها ما بين 4 إلى 9 درجات مئوية حتى غدٍ الجمعة، وسيبقى الجو شديد الحرارة في أغلب المناطق وبين الصحو والغائم جزئياً بشكل عام، يتحول إلى غائم أحياناً فوق المنطقة الجنوبية ومرتفعات القلمون والوسطى لتصبح الفرصة مهيأة لهطول زخات رعدية من المطر فوق تلك المناطق، وسديمية على المناطق الشرقية والجزيرة والبادية.
وهطلت زخات رعدية في مدينة دمشق خلال اليومين الماضيين، ما أدى إلى تحسن في درجات الحرارة وخصوصا في ساعات الليل، وترافقت مع هبات نشطة للرياح تجاوزت سرعتها 65 كم/ سا، ما أدى إلى إثارة زوابع كثيفة من الغبار في المناطق الداخلية والبادية.
انقطاع الكهرباء
وما أن بدأ التفاؤل يزداد مع قدوم الغاز الأذربيجاني الذي ترافق بتصريحات حكومية بزيادة إنتاج توليد الكهرباء وزيادة ساعات التغذية لتصل إلى 10 ساعات يوميا بدلا من 4، حتى تفاجأ السوريون مع ارتفاع درجات الحرارة، بزيادة ساعات تقنين الكهرباء بشكل كبير لتصل التغذية في العديد من أحياء العاصمة دمشق خلال اليومين الماضيين الى ساعة وصل مقابل سبع ساعات قطع، كما أعلنت وزارة الكهرباء عن انقطاعات عامة على مستوى البلاد، أو على مستوى أكثر من محافظة بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
وأعلن مدير الاتصال الحكومي في وزارة الطاقة، أحمد السليمان أن انقطاعاً عاماً للتيار الكهربائي حدث يوم الثلاثاء بعد البدء بزيادة ساعات التغذية، بسبب ارتفاع درجات الحرارة وأعطال فنية غير متوقعة.
نفوق آلاف الطيور والمواشي… وأزمة المياه والكهرباء تتفاقم
وفي تصريح له نشرته صفحة وزارة الطاقة الرسمية أوضح أن انقطاع التيار الكهربائي جاء نتيجة الارتفاع الكبير في درجات الحرارة والرطوبة، بالإضافة إلى أعطال فنية غير متوقعة حدثت في عدة مواقع، وذلك بالتزامن مع وصول كميات من الغاز إلى محطات التوليد، مشيراً إلى أن فرق الصيانة باشرت عملها على الفور لمعالجة الأعطال وإعادة تشغيل المحطات، حيث بدأ رفع إنتاج الطاقة تدريجياً.
وأكد أنه سيتم رفع ساعات التشغيل بشكل تدريجي مع استكمال توريد كميات الغاز المطلوبة من الجانب الأذري، لافتاً إلى أنه تم استلام نحو 1.4 مليون متر مكعب يومياً حتى الآن، فيما يتواصل العمل لضمان توريد الكميات المتبقية بالكامل في أقرب وقت ممكن.
وبينت مصادر مطلعة في الكهرباء لـ«القدس العربي» أن شبكة الكهرباء ومحطات التوليد تعاني من أعطال كثيرة نتيجة قدمها وعدم إجراء تبديلات وصيانات دورية لمعظم المحطات منذ سنوات طويلة، ومع قدوم موجة الحر الشديدة زادت الأعطال الفنية ما أدى إلى انقطاعات كثيرة خلال اليومين الماضيين، مؤكدة أنه يتم العمل حالياً على تحسين توليد الكهرباء وأن ما جرى حالياً هي أعطال مؤقتة يتم تجاوزها.
شحّ المياه
لم تقتصر معاناة السوريين على مسألة انقطاع الكهرباء خلال موجة الحر الشديدة، وما زاد الأمر سوءا وجود شح في مياه الشرب.
وأكدت مصادر مطلعة على هذا الملف، أن ساعات تقنين المياه ارتفعت بشكل واضح، وترافق ذلك مع الانقطاعات المتواصلة للكهرباء، ما أدى إلى عجز الكثير من المواطنين عن تأمين حاجاتهم عبر شبكات المياه والاعتماد على صهاريج المياه التي أصبحت أسعارها مرتفعة.
وكشفت المصادر في تصريح لـ «القدس العربي» عن انخفاض كبير في مستوى منسوب مياه نبعي عين الفيجة وبردى المغذيين لدمشق ولبعض من ريفها القريب، ليتراجع منسوب التدفق إلى 1,6 متر مكعب في الثانية فقط، بعدما كان في العام الماضي خلال الفترة المقابلة نحو 4,5 متر مكعب في الثانية، وهو يصل في أشهر الفيض إلى ما يزيد عن 12 مترا مكعبا في الثانية، وذلك لقلة الأمطار التي لم تتجاوز نسبة هطولها الموسم الماضي أكثر من 27 في المئة عن المعدل السنوي، ما زاد المعاناة خلال موجة الحر الشديدة.
وحتى في حالات ضخ المياه فإنها تصل إلى المنازل السكنية ضعيفة نتيجة الانخفاض الكبير في منسوب المياه، ما سبب أزمة كبيرة في الوقت الراهن، وفق مصادر.
وتسببت موجة الحر الشديدة في نفوق أعداد كبيرة من المواشي وآلاف الطيور من الدواجن، ما سبب خسارة كبيرة لدى المربين.
وتحدثت صحيفة «الوطن» السورية عن نفوق العشرات من قطعان الأبقار والأغنام لدى مربي المواشي شرق مدينة القامشلي شمال شرق البلاد، نتيجة الأمراض الوبائية وارتفاع درجات الحرارة وندرة المياه بسبب انقطاع التيار الكهربائي.
وقال أحد مربي الدواجن في حماة لـ«القدس العربي» إنه وزملاءه خسروا آلاف الطيور نتيجة الحر لعدم وجود وسائل كافية لتبريد المداجن لانقطاع الكهرباء، الأمر الذي سيؤدي إلى رفع أسعار الفروج على الرغم من الانخفاض الكبير في أسعارها خلال الفترة الماضية.
وأشار إلى أنه وللمرة الأولى يتعرض مربو الدواجن في سوريا إلى مثل هذه الموجة التي تسببت بهذه الخسارة الكبيرة من نفوق للطيور، داعين إلى ضرورة تعويضهم باعتبار أن خسائرهم جاءت نتيجة ظواهر طبيعية خارجة عن إرادتهم.
والأحد الماضي، أصدرت وزارة الاقتصاد والصناعة السورية، قرارا يقضي بوقف استيراد مادة الفروج المجمد اعتباراً من غد الجمعة للحفاظ على استمرار صناعة الدواجن المحلية، وحماية للمستهلك من الأضرار الناجمة عن التخزين، والتداول غير الآمن في الظروف المناخية المرافقة لارتفاع درجات الحرارة.
- القدس العربي