القاهرة – من جمال فهمي:
لم يسمع الرئيس المصري حسني مبارك من رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس تلك العبارة السحرية التي تفيد (بأية صياغة) ان حكومته اليمينية المتطرفة تلتزم "حل الدولتين"، وهي عبارة كان يأمل مبارك في أن ينطق بها ضيفه، ولو على سبيل التنازل اللفظي، ليبرر توجيه الدعوة اليه واستقباله في منتجع شرم الشيخ، على رغم سيل الانتقادات الشديدة محليا وعربيا التي اعتبرت هذه الدعوة "هدية مجانية وتجميلا لوجه" حكومة هي الأكثر تعصبا وتطرفا في تاريخ الدولة العبرية.
وبعد محادثاتهما التي استغرقت ساعتين وامتدت الى غداء عمل، بدا ان مبارك ونتنياهو يقفان على ضفتين متباعدتين، بينما كان كل منهما يلقي بيانا مكتوبا حرصت السلطات المصرية على الا يعقبه مؤتمر صحافي يسمح لرئيس الوزراء الاسرائيلي بتوفير مزيد من دواعي الاحراج لمضيفه من خلال تكرار التصريحات المتواترة التي اطلقها اخيرا مسؤولون اسرائيليون كبار وأكدوا فيها ان مصر واسرائيل يجمعهما ما يشبه "التحالف لمواجهة الخطر الايراني" في المنطقة.
وركز مبارك في كلمته على ما قاله هو لنتنياهو عن "تطلع مصر لرؤية مواقف ايجابية تعكس التزام الحكومة الاسرائيلية السلام على المسار الفلسطيني وفق حل الدولتين، و(بما) يفتح الطريق امام باقي المسارات وفق مبادرة السلام العربية"، التي أقرتها قمة بيروت عام 2002. وأكد أنه اثار خلال المحادثات "ملف الاستيطان (اليهودي في الضفة الغربية والقدس) وانعكاساته الضارة على فرص السلام".
أما رئيس الوزراء الاسرائيلي، فاكتفى بعد عبارات الشكر الحارة للرئيس المصري الذي وصفه بأنه "صديق يدعم السلام"، بالتعبير عن أمله في "استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين خلال الاسابيع المقبلة" مشددا على أن هدف هذه المحادثات هو "تحقيق السلام والامن والازدهار لاسرائيل والفلسطينيين". واعتبر ان "هذه الامور الثلاثة ينبغي ان تسير بشكل متواز وألا يتقدم أحدها على حساب الآخر". واوضح في هذا السياق سعيه الى ما سماه "تسهيل اجراءات تحقيق تعاون اقتصادي بين الجانبين (الفلسطيني والاسرائيلي)، ومساعدة الاجهزة الامنية الفلسطينية على تحقيق الاستقرار".
وكان مسؤول اسرائيلي صرح قبل ساعات من وصول نتنياهو الى شرم الشيخ، بأن الاخير سيحاول اقناع مبارك خلال المحادثات باعطاء اولوية للملف النووي الايراني وب"تشكيل جبهة مشتركة" في مواجهة طهران. لكن مصادر مصرية مطلعة أفادت ان مسؤولين مصريين كبارا طلبوا من رئيس الوزراء الاسرائيلي "صراحة ومباشرة" عدم التطرق في كلمته العلنية الى الموضوع الايراني، ومع ذلك فان نتنياهو استبدل التلميح بالتصريح، وقال: "ان مساعدة مصر وجهود الرئيس مبارك ستكون مهمة جداً في محاربة الارهابيين الذين يعرقلون السلام في المنطقة". واضاف ان "الصراع في الشرق الاوسط ليس صراعا بين اديان ولا بين شعوب وامم لكنه صراع بين معتدلين ومتطرفين"، في إشارة واضحة الى المعسكرين الشهيرين في المنطقة حاليا والمتهمة طهران بتزعم أحدهما.
"النهار"