في ذكرى اغتيال المفكر حسين مروة(1910 – 17 شباط 1987)، كانت الدعوة لعرض امتدت مراحل تجهيزه وتطويره أكثر من عام، بل أعوام وعقود من الصمت وكتم الغضب وطرح الأسئلة التي لا جواب لها، وإن وجدت فلن تحقق عدالة ولا تبرد حقيقة ما تركته من ألم ونُدوب على أبناء شهيد الرأي وبناته، وحفيداته وأحفاده.
حكاية العرض بدأت منذ ثلاث سنوات عندما تلقت عائلة لارا مروة إشعار إخلاء منزل جدها المفكر الراحل، حيث سكنوا عشرين عاماً بعد اغتياله. اجتمع الأحفاد لارا وكريم ووليد دكروب ورانيا، مروة، على فكرة تنظيم زيارة وداع لأفراد العائلة، لإلقاء التحية على منزل الجد والجدة ومكتبته وما تركه من أثر فيه، وفي الزيارات كان الحديث عن ليلة الاغتيال وكيف حصل داخل غرفة النوم، ليكتشفوا صدفة أنّ أداة الموت ما زالت تعيش وتعشعش في المنزل منذ ثلاثة عقود ونيف من الزمن.
المغدور يتكئ على كتف قاتله
لحظات قليلة كأنها دهر من التفاصيل، لحظات خروج ودخول القاتل المستئذن، ودخوله إلى غرفة الجد وأمام الجدة طلب منه الوقوف، فاتكأ الشيخ الثمانيني على كتف قاتله قبل أن يطلق عليه الأخير رصاصة القتل. لحظات تُروى كأنها دهر مع وصول جميع السكان ورؤية المفكر حسين مروة بين يدي زوجته وهو مضرج بالدماء وهي تمسد على رأسه وعيناها في غيابات المقتلة القاهرة. تتذكر الابنة هناء، أو تعيد ما يمر في ذاكرتها كلّ مساء، التفاصيل وإعادة تمثيل الحدث وتخيّل الجد وردّ فعله، وحركة القاتل وبرودته.
عرض “إن أردت السلام…” كلام حميم وذاتي من عائلة المفكر الراحل، فيه الكثير من إعادة الحدث الى مكانه وزمانه، وفيه الكثير من الأسئلة التي لا تبحث بالضرورة عن حقيقة باتت معروفة للجميع، بقدر ما تبحث عن سلام النفوس التي حُفرت في ذاكرتها صورة موت وداعة الأب-الجد، كما حفرت الرصاصة وظلت عالقة في جدار الغرفة، ثلاثين عاماً وأكثر. هذا الجدار الذي ستُحمل أجزاؤه إلى العرض وتطوف حوله لارا وترقص كما رقصت طفلة داخل منزل الجد الغائب. توثق لما حدث جسداً راقصاً وصوراً وأغنيات كانت الأحبّ إلى قلبه.
عرض هو بمثابة تحية الى شهيد الرأي، وغضب إزاء كل ما جرى من طمس وإخفاء لمَعالم وحقيقة هذا الإغتيال. كل ذلك، يُسرد بكثير من الدفء والبوح عما جرى بعد هذا الغياب، يروى مثل حكايا المساء، مثل حكاية الجد التي تنزل برداً وسلاماً على الأحفاد، علّها تستكين الأجساد وترتاح.
بطاقة العرض