في الرابع عشر من مايو/ أيار الجاري، سينتخب الأتراك رئيساً وبرلمانا جديدين، وسط منافسة انتخابية مُحتدمة للغاية.
وستكون هذه الانتخابات أهم استحقاق انتخابي تشهده تركيا في تاريخها الحديث منذ تأسيس الجمهورية على يد الراحل مصطفى كمال أتاتورك عام 1923 وحتى اليوم. فهي ستُحدد من جانب ما إذا كان الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي يحكم تركيا منذ عقدين، وأحدث تحوّلات كبيرة عليها في كافة المجالات، سيبقى في السلطة أم لا. كما ستختبر قدرة المعارضة القوية، التي شكّلت تحالفاً غير مسبوق في السياسة التركية الحديثة، على الإطاحة بأردوغان من السلطة، وتحقيق وعودها بإحداث تغيير جذري في السياسات الداخلية والخارجية بما في ذلك إلغاء النظام الرئاسي والتحوّل إلى نظام برلماني مُعزز.
إليكم 7 حقائق مهمة ينبغي معرفتها عن الانتخابات التركية:
أولا: يبلغ عدد الناخبين الأتراك الذين يحق لهم التصويت في هذه الانتخابات 64 مليونا و113 ألفاً و941 ناخباً. ويُقدر عدد الشباب الذين يحق لهم التصويت للمرة الأولى 5 ملايين، وهي شريحة يُمكن أن تلعب دوراً حاسماً في ترجيح كفة أي من المرشحين للفوز في الرئاسة والبرلمان.
ثانيا: سيخوض 4 مرشحين الانتخابات الرئاسية، وهم: الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان عن تحالف “الجمهور”، زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو عن تحالف “الأمة” المعارض، مُحرم إينجه رئيس حزب “البلد” المعارض، وسنان أوغان عن تحالف “الأجداد” المعارض الذي يضم أحزاباً يمينية وقومية متشددة. سيتعين على أحد المرشحين الحصول على أكثر من خمسين في المئة من الأصوات للفوز في الجولة الأولى، أو الحصول على أكثرية الأصوات في جولة إعادة محتملة يعبر إليها مرشّحان فقط بعد أسبوعين من الانتخابات أي في الثامن والعشرين من مايو.
لم تستطيع استطلاعات الرأي المستقلة تقديم توقّعات واضحة لما قد يُمكن أن تكون عليه نتائج الانتخابات الرئاسية، باستثناء أن غالبيتها استبعدت أن يتمكّن المرشحان الرئيسيان أردوغان وكليتشدار أوغلو من الفوز في الجولة الأولى.
ثالثا: يخوض أردوغان، الذي يسعى لإعادة انتخابه للمرة الثالثة في رئاسة تركيا، هذه الانتخابات في تحالف يضم حزب الحركة القومية وأربعة أحزاب صغيرة أخرى هي “الرفاه” المحافظ و”الدعوة الحرة” الكردي المحافظ و”الاتحاد الكبير” و”اليسار الديمقراطي”. أما كليتشدار أوغلو، الذي يتزعم حزب “الشعب الجمهوري” العلماني المعارض، فيقود تحالفاً يضم خمسة أحزاب أخرى هي “الجيد القومي” إضافة إلى ” المستقبل” و”الديمقراطية والتقدم”، اللذين يقودهما كل من رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو، ووزير الاقتصاد السابق علي باباجان، وكلاهما انشقا عن حزب “العدالة والتنمية” الحاكم قبل سنوات، فضلاً عن الحزب “الديمقراطي”.
رابعا: حصل مرشح التحالف السداسي كمال كليتشدار أوغلو على دعم حزب الشعوب الديمقراطي الكردي في الانتخابات الرئاسية، وهو ما من شأنه أن يُعزز فرصه، لكنّه يُعول بشكل أساسي على أن يُمكّنه هذا الدعم من حسم المنافسة مع أردوغان من الجولة الأولى، لأن المخاطر المحتملة عليه في جولة إعادة محتملة، ستكون أكبر مقارنة مما سيكون عليه الحال بالنسبة لأردوغان. يدعم الحزب الكردي كليتشدار أوغلو لأنه حصل على تعهدات منه بإحداث تغيير جذري في سياسات الدولة تجاه الملف الكردي في الداخل والخارج. تُقدر الكتلة التصويتية للحزب الكردي بين 10 و12% من الأصوات.
خامسا: سيتنافس في الانتخابات البرلمانية 24 حزباً سياسياً، و151 مرشحاً مستقلاً، وستنحصر المنافسة بشكل أساسي بين التحالفين الرئيسيين الحاكم والمعارض. بالإضافة إلى ذلك، ستكون النتائج البرلمانية التي سيُحققها تحالف “العمل والحرية” الذي يقوده حزب الشعوب الديمقراطي الكردي مهمة في تحديد موازين القوى في البرلمان الجديد. وتتكون عدد مقاعد البرلمان من 600 مقعد. سيحتاج التحالف الذي يفوز مرشحه في الانتخابات الرئاسية للحصول على أكثرية في البرلمان كي يتمكن من الحكم، وتجنب مواجهة بين السلطتين الرئاسية والتشريعية. سيكون الأمر أكثر أهمية بالنسبة للمعارضة التي ستكون بحاجة للحصول على غالبية الثلثين من عدد المقاعد من أجل تغيير الدستور والتحول إلى النظام البرلماني المُعزز، أو الحصول على أكثر من نصف أعضاء المجلس لطرح مشروع تعديل الدستور على الاستفتاء العام.
سادسا: ستجرى الانتخابات الحالية في ظروف استثنائية لم تشهدها أي استحقاقات انتخابية أخرى خلال عهد أردوغان. يتجاوز التضخم حاجز الأربعين في المئة حاليا، ولا تزال البلاد تُعاني من تداعيات زلزال 6 فبراير/ شباط المدمر، والذي أدى إلى مقتل ما يقرب من 50 ألف شخص في تركيا، وخسائر مادية تجاوزت 100 مليار دولار أمريكي وفق تقديرات محلية ودولية. كما تتزامن الانتخابات مع اضطرابات عالمية كبيرة تؤثر على تركيا وسياساتها الخارجية كحرب أوكرانيا وعصر التنافس الجيوسياسي الجديد بين القوى العظمى.
سابعا: يعد أردوغان بمواصلة النهج الذي يتبعه في السياسات الخارجية، ويقوم بشكل أساسي على تعزيز دور تركيا كقوة توازن بين الشرق والغرب، ولعب دور أكبر في السياسات الإقليمية والدولية. بينما تتعهد المعارضة بإعادة التأكيد على هوية تركيا الجيوسياسية كعضو في حلف شمال الأطلسي، وإعادة تعزيز العلاقات مع الغرب، والتي تراجعت بشكل حاد في السنوات الأخيرة التي أعقبت محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة في عام 2016.
“القدس العربي”