ذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) أن الرئيسين الإيراني والسوري وقعا أمس الأربعاء مذكرة تفاهم للتعاون الاستراتيجي الشامل طويل الأمد، بما يشمل مذكرة تفاهم بشأن التعاون في صناعة النفط. بحسب وكالة رويترز.
وجاء التوقيع خلال زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى دمشق لإجراء محادثات مع نظيره السوري بشار الأسد، في أول زيارة من نوعها لرئيس إيراني منذ اندلاع الحرب في سوريا عام 2011، وذلك في محاولة للتركيز على حصة طهران من التركة السورية، عبر مجموعة من الاتفاقيات الأمنية والدفاعية والاقتصادية من مشتقات نفطية وغيرها، وفي رسالة تؤكد أن الوجود الإيراني في سوريا ليس بالعسكري والأمني فقط، بل هو متعدد الجوانب، وهذه الزيارة الرسمية هي الأولى من نوعها لرئيس إيراني منذ اندلاع الثورة السورية في 2011، في حين كانت آخر زيارة لرئيس إيراني إلى سوريا في أيلول 2010، في عهد محمود أحمدي نجاد.
وقالت وسائل إعلام النظام، إن الرئيس الإيراني وصل إلى مطار دمشق الدولي في زيارة رسمية تستمر ليومين يجري خلالها مباحثات رسمية مع الرئيس بشار الأسد.
ثم يجري مباحثات تتعلق بتطوير العلاقات الثنائية الإستراتيجية على مختلف الصعد لاسيما الاقتصادية منها. وحسب مصادر موالية، فإن الزيارة ستثمر عن توقيع عدد كبير من اتفاقيات التعاون الاقتصادي، لاسيما في مجالات الكهرباء والطاقة والنفط، كما سيوقع اتفاقية تعاون إستراتيجية شاملة بين البلدين.
وقبيل وصوله بساعات إلى دمشق وخلال مقابلة أجراها مع قناة “الميادين”، اعتبر رئيسي أن زيارته لسوريا تأتي في إطار ترسيخ العلاقات الإستراتيجية بين البلدين وتطويرها في كل المجالات، وقال: “نؤكد ترسيخ هذه العلاقات لتكون علاقات أفضل وأن تتطور في جميع المجالات سواء الاقتصادية أو الثقافية”.
الرئيس الإيراني طالب الأمريكيين بمغادرة سوريا، وأضاف: “نحن في القمة الثلاثية في مسار أستانة أكدنا على تعزيز سيادة سوريا على أراضيها وهذا لمصلحة سوريا والمنطقة، كذلك أكدنا عودة المهجرين لبلدهم ومدنهم، وأيضاً على الموضوع المهم وهو إعادة إعمار سوريا”.
ووصف رئيسي علاقات بلاده مع النظام السوري بأنها “علاقات استراتيجية ومهمة”، وأن “هذه العلاقة سوف تستمر”، موضحاً أن زيارته لدمشق هي “في إطار العلاقات بين البلدين، وفي إطار دعم جبهة المقاومة”.
ولفت رئيسي إلى أن بلاده على استعداد بلاده للتعاون مع النظام السوري “في إعادة إعمار سوريا، وتقديم الدعم لمعالجة هذا التخريب وهذا الانهيار”. وأضاف: «في الوقت الذي كانت دول العدوان تدعم تقسيم سوريا، كان الشعب السوري وحزب الله في لبنان وإيران يسعون لمنع تقسيم سوريا”. رئيسي رحب بعودة العلاقات السورية مع مختلف بلدان العالم وخاصة مع بلدان المنطقة والبلدان الإسلامية، وقال: «العلاقات السورية مع بلدان المنطقة تحظى بتأييدنا، ونعتقد أن النظرة التي وجدت من قبل بعض البلدان بشكل من الأشكال، يجب أن تتغير وتعوّض عن هذه العلاقات والجفاء تجاه سوريا، ونرحب بعودة هذه العلاقات، ونؤكد مكانة المقاومة في سوريا، وأن العلاقات بين إيران وسوريا إستراتيجية ومهمة وهذه العلاقات سوف تستمر».
وحول أهداف الزيارة وتوقيتها، يقول المحلل السياسي والمحاضر في السياسة الدولية – جامعة باريس لـ “القدس العربي” خطار أبو دياب: تأتي هذه الزيارة لرئيسي وسط اهتمام عربي بسوريا، وهذه أول زيارة لرئيس إيراني منذ 2010 بعد ما يمكن أن نسميه دبلوماسية الزلزال حيث انكشف الكثير من الانفتاح العربي وأيضاً الاستعداد التركي للتطبيع مع دمشق، وذلك أمام متغيرات عالمية.
وأضاف: يحاول رئيسي في هذه الزيارة، تركيز حصة أساسية لبلاده، وذلك من خلال اتفاقيات أمنية ودفاعية وثقافية واقتصادية، وكل هذا ليقول إن وجوده في سوريا ليس وجوداً عسكرياً وأمنياً فحسب، بل هو وجود متعدد ومترابط الجوانب.
طهران تريد تكريس الأمر الواقع، كما تهدف إلى الاستحواذ على سوريا، وفق رؤية المتحدث حيث قال “هناك جهد كبير مع هذا الوفد الضخم الذي جاء مع رئيسي من مستشارين ووزراء وبرلمانيين، وضباط استخبارات كل هذا من أجل ترجمة ذلك إلى وقائع”.
وأضاف: “حتى يحكى عن استبدال أراضٍ مقابل ديون لإيران” وحسب مصادر سورية موالية “فقد تقاسمت إيران رغيف الخبز مع دمشق وأعطتها الكثير من الأموال في لحظات صعبة ولذلك هي تطالب بأموالها وتحاول أن تحجز مكانها وتؤكد أنها شريكة في صنع قرار دمشق”.
واعتبر البرلماني العراقي السابق والخبير في العلاقات الدولية د.عمر عبد الستار أن “المنطق يقول إن الزيارة تأتي في ظل الصلح السعودي – الإيراني، بينما يحكم الديموقراطيون الولايات المتحدة الأمريكية”.
وأضاف لـ “القدس العربي” أن الوفد الإيراني المرافق لرئيسي “وقّع اتفاقيات عديدة صناعية وزراعية وتجارية وهذا يؤكد على تمدد يد إيران في الجانب الاقتصادي، كما يشير إلى قوتها المتصاعدة في سوريا كما هو الحال في لبنان وبغداد، وذلك في ظل التطبيع مع العربية السعودية”.
واعتبر د.عبد الستار أن هناك فرصة لإيران لتمارس هذا الدور في ظل الخدمة الأمريكية، وهذا يثبت “أن هذه فرصة لانتصار ما يسمى محور المقاومة داخل سوريا ويثبت أن تغير الأسد وخروج إيران من سوريا هدف غير واقعي”.
وقال: هذه الزيارة والتطبيع العربي مع سوريا هما كرت أصفر إن لم نقل أخضر أمريكياً لرئيسي، الذي يزور دمشق من أجل توجيه رسالة مفادها انتصار محور المقاومة والنظام الإيراني ولسان حاله يقول “نحن وقت الحرب حافظنا على بشار الأسد والآن نحن في سوريا ونريد تحصيل ثمن الجهود العسكرية، والسياسية الإيرانية والتي توجت بإنهاء حالة عزلة النظام عربياً”.
“القدس العربي”