في تاريخ فن التمثيل يُعتبر مارلون براندو من الأفذاذ، وتُعد أفلامه من دُرر السينما الثمينة. كان الرجل عملاقاً في عظمة فنه بلا شك، فهو صاحب أسلوب تمثيلي من الطراز الرفيع، ويحظى بمنزلة عالية بين صفوة الكبار من الطبقة الأولى. خلال مسيرته الفنية وسنوات العطاء، أبدع وتفنن في طرق الأداء التمثيلي، وخلق نموذجاً مختلفاً عمن سبقوه من الممثلين، وملهماً للأجيال التي لحقت به من النجوم حول العالم، الذين يتطلعون إلى تمثيله كمدرسة من المدارس الفنية المهمة، التي لا بد لهم من المرور عليها واستيعابها، وإن لم يمشوا على خطاها تقليداً واتباعاً، فإنهم سيتعلمون منها الكثير على كل حال.
أخذ براندو يصنع تاريخه المَجيد في فن التمثيل منذ البداية، في تلك اللحظة التي وقف فيها أمام الكاميرا، ليصور أول أفلامه «الرجال» سنة 1952. ومن يشاهده في هذا الفيلم ويتأمل أداءه جيداً، يرى إنه بدأ كممثل كبير، رغم إنه كان يختبر التمثيل السينمائي للمرة الأولى في حياته، بعد مجموعة من التجارب المسرحية القليلة، والتعلم على يد أعظم مدربي التمثيل المحترفين في أمريكا والعالم، وهو لم يتعلم المناهج التمثيلية الخاصة بهؤلاء المدربين فقط، وإنما درس من خلالها أيضاً، الطرق والأساليب القديمة المعروفة والراسخة.
لا يشعر المشاهد بأن براندو بدأ كممثل كبير في أول ظهور سينمائي له، بسبب البطولة المطلقة، أو مهارة الأداء وإتقان الدور وحسب، وإنما يعود ذلك الشعور أيضاً إلى تصرفه وطبيعة تعامله مع الدور، ومع التمثيل عموماً. فظهر كمن متّل في عدة أفلام من قبل، واكتسب خبرة كافية، لا يكتسبها الممثل عادة إلا بعد تمرسه لسنوات، ذلك أنه عالج الشخصية التي كان يجسدها بثقة هائلة، ولم يحاول أن يثبت كل مواهبه، أو أن يستعرض كل تكنيك درسه وتعلمه. وكان يعطي القدر المطلوب من موهبته فقط، ويستخدم ما هو ملائم من التقنيات التي تدرب عليها، بعد إخضاعها لأسلوبه الخاص في التطبيق بالطبع، ويمكن القول إن فنه التمثيلي يقوم في كثير من جوانبه، على الاختصار والتكثيف. بلمعان باهر للنظر، أطل براندو على الجمهور، لأول مرة في لقاء غير عادي يُظهر مبلغ تأثيره، وأنه ليس مجرد نجم بزغ ليأفل سريعاً، وأن الأمر أعمق من الانبهار العابر. كان الظهور الأول لبراندو بداية لعهد فني جديد، ومرحلة مختلفة من مراحل تطور فن التمثيل، حيث لم يعد هذا الفن مقتصراً على المسرح، ولا يؤرخ لأعلامه بالعباقرة الذين وقفوا فوق الخشبة فقط، لكن سيتم اعتبار نجوم السينما وأساليبهم في الأداء، وما ابتدعه كل منهم وفق طريقته، كمراجع مهمة أيضاً. عالج مارلون براندو أدواراً متنوعة، تراجيدية وكوميدية، حديثة وتاريخية، ومن مظاهر عبقريته التمثيلية، تلك اليقظة الشعورية الهائلة، التي تمنحه القدرة على إذكاء الصراع الداخلي، وبناء الشخصية وربط أوتارها الحساسة، التي سيضرب عليها في ما بعد. وقد يلاحظ البعض أن الأداء لديه يقوم على الهدم والبناء دائماً، فهو يهدم عمداً أجزاء من نفسه، أو من الشخصية الخيالية، سواء كان هذا الهدم جسدياً أو صوتياً أو سيكولوجياً، ثم يعيد البناء انطلاقاً من الهدم ذاته وبالاعتماد عليه. وأحياناً يكون الهدم جزءاً من عملية البناء، بمعنى أنه لكي تكتمل ملامح الشخصية الخيالية أمام المتفرج، وتتضح صورتها، يجب هدم بعض الجوانب من أجل الملاءمة، مع ما تمر به الشخصية من أحداث وتقلبات، وحتى ماض قريب أو بعيد، لا يزال يترك آثاره ويفعل أفاعيله في أعماق الشخصية.
تكنيك الصوت
صوت مارلون براندو من أكثر الأمور المحيّرة، والمثيرة للإعجاب في الوقت نفسه، فقد يشعر المتابع أحياناً، إنه كممثل كان يعمل ضد الصوت. ويتعمد النطق بطريقة غير واضحة بشكل كامل، أو على الأقل تتطلب جهداً إضافياً، يبذله المتلقي من أجل الاستماع الجيد، والإلمام بكل كلمة ينطقها. وربما ظهر في بداياته كأنه لا يستطيع أن ينطق نطقاً سليماً واضحاً تمام الوضوح، كما في أفلام مرحلة الأبيض والأسود كفيلم، «الرجال» و»عربة اسمها الرغبة» و»على الواجهة البحرية» على سبيل المثال لا الحصر. لكنه وفي بداياته أيضاً، وضمن مرحلة الأبيض والأسود، أثبت العكس تماماً، وأظهر إتقانه لفنون الإلقاء، وأكد أنه يجيد النطق السليم، لكنه يتعمد هدم الصوت أحياناً في أدائه لبعض الأدوار، فقد قام بتقديم نفسه للجميع من جديد، في فيلم «يوليوس قيصر» الذي جسد فيه شخصية مارك أنطوني، حيث كانت الخطابة في أجمل صورها، وتجلى حُسن السبك ورنين الألفاظ، ووقع العبارات وقوة الصوت، الذي ترتج له المشاعر. والحق أن تكنيك الصوت عند مارلون براندو، من الصعب إيجاده عند أي ممثل آخر، سواء في التواصل اللفظي المشحون بالانفعالات، أو في همسات الحب وصيحات الألم. وقد بلغ من مهارته في توظيف الصوت، أن جعل بعض الشخصيات تكاد تنحصر سماتها في صوتها، كشخصية دون كورليوني في فيلم «الأب الروحي» أو «العرّاب». ذلك أنه كان يتكلم بصوت متعب خافت، قد يكون غير مفهوم، لكن هذا الصوت الضعيف يحمل قوة مخيفة وسلطة هائلة، وعنفا متأهبا دائماً للانفجار.
من فيلم إلى آخر كان مارلون براندو يعيد خلق ذاته فنياً، ويشكلها من جديد، وفق شروط الدور الذي يلعبه، والمرحلة العمرية التي يمر بها أيضاً، حتى التغيرات الشكلية والجسدية التي تعرض لها مع كبر السن والتقدم في العمر، قام بتوظيفها جيداً، واستخدمها على أفضل وجه، إلى جانب قدراته التمثيلية لإقناع المتلقي بأدائه وتجسيده للشخصية.
وفي فيلم «التانغو الأخير في باريس» كان للصوت دوره الكبير في تجسيد شخصية يلتهمها الحزن التهاماً، ويأكل روحها بقسوة. شخصية تفضل الصمت، فلا يتواصل براندو في هذا الفيلم إلا مع عشيقته بكلمات قليلة، بصوت خافت أغلب الوقت، يغلفه الحزن الرهيب والغضب المكتوم. بينما يتغير صوته تماماً في مشهد حديثه مع زوجته المنتحرة، أو مع جثمانها الذي لا يزال في الفراش قبل مراسم الدفن، حيث يظهر الصوت الطبيعي للشخصية، ويسمح الممثل هنا للمشاعر الداخلية الدفينة، بالمرور والتدفق عبر نبرات صوته، على إيقاع البكاء المرير. لا يعرف المرء حقيقةً، لماذا كان براندو يعتمد على تكنيك الصوت الخافت غير المفهوم في أغلب أفلامه، وعلى تلك الطريقة في النطق، وضغط اللفظ بهذا الشكل، وهل كان يفعل هذا لجذب انتباه أكبر من المتلقي، أم لصرف انتباهه جزئياً عن الصوت، وتوجيهه إلى أمور أخرى، كقدراته ومواهبه في التعبير بالوجه والجسد مثلاً، لكن في النهاية من الصعب أن يقول المرء، إن ما فعله من هدم للصوت أحياناً، لم يكن مصدر قوة للشخصية الخيالية، وأن طريقة النطق لم تكن ملائمة لطبيعة الشخصية، وبيئتها ومهنتها، وتفاعلها العاطفي مع الظروف التي تحيط بها، كما أن تكنيك الصوت لدى براندو لم يكن سهلاً، فهناك بعض الممثلين الذين لا يتمكنون من تغيير نبرات الصوت، وتنويع إيقاع اللفظ بهذا الشكل، أو بتلك الطريقة التي لا تبدو مفتعلة. بينما كان براندو منفتحاً على أنماط صوتية متنوعة، وينتقل بسهولة وإتقان بين أشد أطرافها تناقضاً.
الملاءمة الجسدية
من فيلم إلى آخر كان مارلون براندو يعيد خلق ذاته فنياً، ويشكلها من جديد، وفق شروط الدور الذي يلعبه، والمرحلة العمرية التي يمر بها أيضاً، حتى التغيرات الشكلية والجسدية التي تعرض لها مع كبر السن والتقدم في العمر، قام بتوظيفها جيداً، واستخدمها على أفضل وجه، إلى جانب قدراته التمثيلية لإقناع المتلقي بأدائه وتجسيده للشخصية. لم يفقد براندو تلك الكاريزما الهائلة، منذ أن كان في أوج شبابه ووسامته وجاذبيته، وكامل قوته ولياقته الجسدية، وصولاً إلى مراحل الكهولة والشيخوخة. وفي أغلب أفلامه استطاع أن يحقق الملاءمة الشكلية التامة للدور الذي يلعبه، ما عدا بعض الأدوار التاريخية، كما في أفلام مثل «نابوليون بونابرت» و»فيفا زاباتا» التي لا يستطيع أن يطابقها شكلياً وجسدياً، فكان يحاول تعويض هذا النقص، باستحضار روح تلك الشخصية التاريخية وسماتها النفسية. أما شخصية مارك أنطوني المحارب القوي، فقد كان مناسباً لتجسيد شخصيته تماماً، في هيئته الفخمة العتيدة، ووسامته وروعة جسده النابض حياة وفتوة، وجرأته وروحه الفنية الجديدة. كان براندو طويل القامة، وفي شبابه كان يمتلك جسداً مثالياً بمقاييس اليوم، وبمقاييس زمنه أيضاً، وإن ندر في عصره ظهور ممثل بمثل هذه القوة والجاذبية، كان هذا الجسد القوي شديد الحساسية، في جميع حركاته ولفتاته، وكانت تتغير الإيماءات وأنماط الحركة، حسب كل شخصية وصفاتها النفسية، ومشاعرها وإيقاعها الخاص بتلقائية مذهلة.
رغم الوسامة الطاغية والجاذبية الجسمانية، والابتسامة المتميزة، وهذا اللمعان الآسر في عينيه، لم يعتمد براندو على أي مما سبق في أول أدواره السينمائية، في فيلم «الرجال» فالدور كان يعتمد في جزء كبير منه على السكون والجمود والصمت، لأنه يجسد شخصية ضحية من ضحايا الحروب، هو ذلك الفتى الذي دخل الحرب سليماً معافى، وخرج منها مُقعداً يجلس على كرسي متحرك. ويحمل فوق ثقل هذا الجسد، غضباً هائلاً وكومة من حطام النفس المهشمة. في هذا الفيلم يتخلى براندو جزئياً عن جسده، ويسلمه للألم، ينسى طول القامة والقوة البدنية، وهذا الأسلوب ليس سهلاً على الممثل، لكنه يجعل تمثيله أقرب إلى عاطفة المتلقي. وكما كان يتخلى عن جسده في هذا الفيلم، كان يتخلى عن نفسه بأكملها في فيلم «التانغو الأخير في باريس» عندما يكون حزيناً متألماً، يفكر ويتأمل في صمت وسكون. وفي بقية أفلامه، وفي جميع الحركات والسكنات، كان هو من يقرر الطريقة التي يوصل بها الشعور إلى أعماق المتلقي. في لحظات الصمت كان براندو يعمد على اللحظ والإيماء، وتطويع قسمات الوجه للتعبير عن التداعيات النفسية، والمشاعر المعتملة داخل الشخصية، وكما يتميز هذا الفنان باستخدامه لتكنيك الصوت، فإنه يتميز أيضاً بمهاراته التعبيرية الصامتة.
قد يشعر المشاهد أحياناً، بأن الجسد هو الذي يقود الممثل ويجعله يتصرف كما يشاء، لكن هذا في حقيقة الأمر يعكس أقصى درجات تحكم الممثل في جسده، وهو ما كان يجيده براندو ويبرع فيه، كما كان يتقن خلق الصلات العاطفية مع الأجساد الأخرى، كجسد البطلة مثلاً، حيث الانجذاب والرغبة في الاقتراب وبناء العلاقة، أو الصدود والنفور والرغبة في قطع العلاقة، وكذلك التفاعل الجسدي مع البطل المناوئ أو العدو، والتوتر الذي ينتاب هذا الجسد، نتيجة هذا التفاعل والصدام، وذلك الهدوء الجسدي الكبير لدى دون كوليوني، زعيم العصابة الذي يتكلم هامساً، يدل على مدى قوته. وفي لحظات معينة من فيلم «التانغو الأخير في باريس» لا يُظهر براندو أي شعور أو إحساس محدد، لا شيء على الإطلاق، وهذا اللاشيء يكون هو المراد التعبير عنه، في تلك اللحظة من حياة الشخصية الخيالية. يمكن القول إن براندو كان يقف دائماً على القمم الشاهقة، أو على الحافة الخطرة من القمم الشاهقة في فن التمثيل، ويُحكم الإشارات الدقيقة المعبرة عن الحالات الوجدانية، التي تمر بها الشخصية، واللمسات الإيحائية الممتعة، والانتقالات الحادة المفاجئة، والتعبير عن السمات الفسيولوجية والسيكولوجية الخاصة بالشخصية. كما كان يُظهر أحياناً بعض العنفوان والغرور، في تناول الشخصية كما في تجسيده لشخصية مارك أنطوني في فيلم «يوليوس قيصر» هنا يكون الغرور محموداً غير مذموم على الإطلاق.
تحظى اللحظات الغاضبة في مشاهد مارلون براندو التمثيلية بأعلى درجات الإعجاب، وتثير الدهشة بنوع من الأداء البارع تماماً في عملية التخيل والتوهم، التي يصنعها ويديرها، ويُديرها ويُدخل إليها المتفرج ليشتبك معها عاطفياً.
الغضب الداخلي
تحظى اللحظات الغاضبة في مشاهد مارلون براندو التمثيلية بأعلى درجات الإعجاب، وتثير الدهشة بنوع من الأداء البارع تماماً في عملية التخيل والتوهم، التي يصنعها ويديرها، ويُديرها ويُدخل إليها المتفرج ليشتبك معها عاطفياً. فمن يتقصى مراحل تطور هذا الفنان، يجد أنه كان قادراً منذ البداية، على أن يثير عواصف وزوابع الغضب والعنف في داخله، لكن هذه القدرة اكتسبت المزيد من الاحتراف والمهارة على مرّ السنين، وبات الأداء مغلفاً بسحر الإتقان، ويشعر المشاهد بمدى السهولة التي يحقق بها هذا الأمر الصعب، حيث يتمكن من تقليص المسافة الزمنية بين الشعور الداخلي بالغضب، ورد الفعل على هذا الشعور وانعكاساته على الصوت والوجه والجسد، والامتزاج بكل كلمة غاضبة ينطق بها، وكل إيماءة وإشارة والتفاتة، وليس أدل على هذا من مشهد مائدة الطعام في فيلم «عربة اسمها الرغبة» فمن الصعب الإمساك بتلك اللحظة التي يتحول فيها من الهدوء إلى الغضب. وفي فيلم «على الواجهة البحرية» كان ينتقل من الخشونة في عمله وصراعاته، إلى رقة الطبع ولين المشاعر، عندما يكون بمفرده مع طيور الحمام، أو مع حبيبته البريئة، وبتلقائية مذهلة كان يطوع جسده في الحركات السريعة المضطربة في ثوان قليلة جداً.
في أعماق براندو كان هناك بركان من الغضب، الكامن المتأهب دائماً لإطلاق الحمم النارية، الذي يستطيع أن يثيره وقتما يشاء، وكما كان يقول، فإنه كلما أراد أن يغضب لم يكن عليه سوى أن يتذكر أباه، الذي عانى بسببه في طفولته ومراهقته، وتألم من سوء معاملته لأمه، وهذا يدل على أنه كان يلجأ إلى التحفيز العاطفي، ويعتمد على الذاكرة النفسية، فيستعرض عقله ما رسخ في هذه الذاكرة، ويأخذ منها المثيرات التي تدفع الإحساس، وتهيج الشجون وتشعل الغضب، هذا الغضب هو ما يستحضره فقط لا الموقف برمته، فهو عندما يكون في مشهد تمثيلي غاضب أمام ممثلة ما، لا يراها على أنها الأب في تلك اللحظة، ولا يكون غاضباً من أبيه، إنه يمسك شعلة النيران فقط ويضرمها في شيء آخر، وهو ما يسمى بالتحفيز الحسي لاستدعاء الغضب أو أي مشاعر أخرى، في أي وقت كان براندو يستحضر هذه السحابة القاتمة من الذكريات الكئيبة، فتمطر عليه انفعالات، ولفتات وتعبيرات صوتية وجسدية، ونظرات حادة قلما يرى المتفرج مثيلاً لها.
وفي فيلم «يوليوس قيصر» في مشهد انفراد مارك أنطوني بجثمان القيصر بعد مقتله على يد رجاله وأعوانه، كان براندو الذي يجسد شخصية مارك أنطوني، لا يزال يتلقى الصدمة، وينسج خيوط الأوهام، ويشبك التداخلات النفسية والعاطفية المعقدة، وهنا كان عليه أن يجد المشاعر مفككة الأجزاء التي ضيعها هو مسبقاً عن عمد، في مركز الإدراك من جراء الصدمة، وأن يندفع بالتدريج في أثر تلك اللحظة، وأن يدخل في غمرات هذه العواطف الحزينة، إلى أن تتصاعد المشاعر وتتلاحق كالأمواج الهائجة.
كاتبة مصرية
“القدس العربي”