عكفت قيادتا “حماس” و”الجهاد الإسلامي” على دراسة الورقة المصرية، التي تتضمن لأول مرة رؤية إقليمية– دولية، لآلية وقف الحرب في غزة، و”اليوم التالي” فيها، لتقديم تعليقاتها الخطية إلى القاهرة.
وتتضمن الورقة المصرية بندين مهمين:
الأول: تشكيل “حكومة تكنوقراط غير فصائلية لإدارة قطاع غزة والضفة الغربية”، وتخلي “حماس” عن حكم غزة، مقابل وقف كامل لإطلاق النار.
الثاني: رعاية أميركية– مصرية– قطرية لهذا الاتفاق.
وقد حصلت “المجلة” على نص الورقة المصرية، التي جرى تداولها أيضا في وسائل إعلام عربية أخرى. وصاغت القاهرة هذه الوثيقة بعد محادثات شارك فيها مدير الاستخبارات المصرية اللواء عباس كامل، مع مدير “وكالة الاستخبارات المركزية” الأميركية وليام بيرنز، ومسؤولون قطريون وإسرائيليون.
الرئيس الأميركي جو بايدن ومدير وكالة المخابرات المركزية (سي أي ايه) ويليام بيرنز في مقر الوكالة في لانجلي، فيرجينيا، الولايات المتحدة، 8 يوليو 2022
ما نص الورقة المصرية؟
تتضمن ثلاث مراحل، هذا نصها:
“المرحلة الأولى:
صفقة إنسانية تمتد بين 7 و10 أيام، يتم خلالها قيام “حماس” بالإفراج عن جميع المدنيين الموجودين لديها من النساء والأطفال والمرضى وكبار السن، مقابل إفراج إسرائيل عن عدد مناسب يُتفق عليه من الأسرى الفلسطينيين لديها، بالإضافة إلى:
1- وقف كامل لإطلاق النار بكافة مناطق قطاع غزة من الجانبين، وإعادة انتشار القوات الإسرائيلية بعيدا عن محيط التجمعات السكنية، والسماح بحركة المواطنين من جنوب قطاع غزة إلى الشمال، وكذلك حركة السيارات والشاحنات. وتلتزم “حماس” بوقف كافة أشكال العمليات تجاه إسرائيل.
2- وقف جميع أشكال النشاط الجوي الإسرائيلي بما في ذلك المسيّرات وطائرات الاستطلاع في مناطق القطاع.
3- تكثيف إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية، وتشمل الأدوية والمستلزمات الطبية والمحروقات والأغذية، إلى كافة مناطق القطاع، خاصة مدينة غزة وشمال القطاع.
فلسطينية نازحة تبتسم من داخل خيمة في رفح جنوب قطاع غزة في 27 ديسمبر 2023
المرحلة الثانية:
إفراج “حماس” عن كافة المجندات الإسرائيليات المحتجزات مقابل عدد يُتفق عليه بين الجانبين من الأسرى الفلسطينيين المحتجزين داخل السجون الإسرائيلية، إضافة إلى تسليم الجثامين المحتجزة لدى الجانبين منذ بدء العمليات يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وتمتد هذه المرحلة لمدة 7 أيام وفق معايير وإجراءات المرحلة الأولى.
تتولى مصر وقطر والولايات المتحدة مسؤولية التنسيق لتشكيل حكومة غير فصائلية أو سياسية (تكنوقراط) تتولى إدارة القطاع والضفة الغربية
المرحلة الثالثة:
1- التفاوض لمدة شهر حول إفراج “حماس” عن جميع المجندين الإسرائيليين لديها، مقابل قيام إسرائيل بالإفراج عن عدد يُتفق عليه بين الجانبين من الأسرى الفلسطينيين.
2- يتم خلال هذه المرحلة إعادة انتشار القوات الإسرائيلية خارج حدود قطاع غزة مع استمرار وقف جميع الأنشطة الجوية.
3- التزام “حماس” بوقف كافة الأنشطة العسكرية ضد إسرائيل.
رجل يسير أمام جدار ملصق للرهائن الذين تم اختطافهم في هجوم ” حماس” في 7 أكتوبر، في تل أبيب، إسرائيل، 27 ديسمبر 2023
خلال هذه المرحلة، يتم:
1- تعليق إطلاق النار بين الجانبين لمدة 48 ساعة قبل تنفيذ المقترح، للاتفاق على أسماء المفرج عنهم ضمن المرحلتين الأولى والثانية سواء من إسرائيل أو من “حماس” من خلال مفاوضات غير مباشرة تُعقد في مصر بين وفدي إسرائيل و”حماس” بمشاركة مصرية- قطرية- أميركية.
2- لا يتم الانتقال من مرحلة إلى مرحلة إلا بعد تنفيذ كافة إجراءات المرحلة السابقة.
3- حال توافق إسرائيل و”حماس” على المقترح وقوائم الأسماء المتبادلة بينهما يتم البدء في تنفيذ الاتفاق لحظة الإعلان عن ذلك التوافق.
4- التزام الطرفين بالسقف الزمني للتوافق في المرحلة الثالثة، وحال التوصل لاتفاق يتم الإعلان عنه، متزامنا مع وقف كامل لإطلاق النار في القطاع.
5- تتولى مصر وقطر والولايات المتحدة مسؤولية التنسيق لتشكيل حكومة غير فصائلية أو سياسية (تكنوقراط) تتولى إدارة القطاع والضفة الغربية حال الإعلان عن وقف لإطلاق النار بصورة كاملة.
6- يتم تنفيذ الاتفاق بضمانة ومتابعة من مصر وقطر والولايات المتحدة الأميركية.
جميع المحتجرين هم إسرائيليون عدا 11 إسرائيليا مزدوج الجنسية. وهناك تايلنديون ونيباليون وتنزانيون وواحد يحمل جنسية مزدوجة فرنسية مكسيكية
ما عدد الرهائن والأسرى؟
تقول إسرائيل إن 129 شخصا لا يزالون محتجزين كرهائن، ويُعتقد أن 21 شخصا على الأقل قد ماتوا. ومعظم الرهائن المتبقين من الرجال. كما تعتقد تل أبيب أن 19 امرأة وطفلين بين المحتجرين. وجميع المحتجرين هم إسرائيليون عدا 11 إسرائيليا مزدوجي الجنسية. وهناك تايلنديون ونيباليون وتنزانيون وواحد يحمل جنسية مزدوجة فرنسية- مكسيكية.
ما عدد الذين أفرج عنهم؟
أطلقت “حماس” في المرحلة السابقة المحتجزين المدنيين، وهم 110 أشخاص، وتم انتشال 11 جثة، بينهم ثلاثة رجال أطلق عليهم الجيش الإسرائيلي النار عن طريق الخطأ. وأفرجت إسرائيل عن 240 فلسطينيا من سجونها.
استأنفت إسرائيل القصف بداية ديسمبر/كانون الأول. وتجاوز عدد القتلى 20 ألفا، ثلثاهم من الأطفال والنساء.
أبلغ مسؤولون مصريون الأطراف الفلسطينية أن الورقة الخطية هي أفكار قابلة للنقاش، وذلك بعد اعتراض على بنود تخص تشكيل “حكومة تكنوقراط” دون مشاركتهما وعودة السلطة الفلسطينية
ما موقف “حماس” و”الجهاد” من المبادرة المصرية؟
زار رئيس المكتب السياسي لـ”حماس” إسماعيل هنية، والأمين العام لـ”الجهاد” زياد نخالة، القاهرة، للاطلاع على الورقة المصرية.
وأبلغ الطرفان القاهرة تمسكهما بـ”وقف كامل لإطلاق النار”، وأن كلا منهما “لن يقبل تكرار تجربة نوفمبر/تشرين الثاني”، أي صفقة تبادل ثم استئناف القصف. كما يطالب الطرفان بـ”الكل مقابل الكل”، أي الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين مقابل الإفراج عن نحو ستة آلاف فلسطيني في السجون الإسرائيلية.
منظر جوي في 26 ديسمبر 2023 يظهر المباني المدمرة في بيت لاهيا بعد القصف الإسرائيلي في شمال قطاع غزة
كما أبلغ مسؤولون مصريون الأطراف الفلسطينية أن الورقة الخطية هي أفكار قابلة للنقاش، وذلك بعد اعتراض على بنود تخص تشكيل “حكومة تكنوقراط” دون مشاركتهما وعودة السلطة الفلسطينية. وقال أحد المسؤولين: “يريدون نسخ تجربة الضفة في القطاع، أي التنسيق الأمني مع إسرائيل وترك شؤون الإدارة للفلسطينيين، وهذا غير وارد”.
ومن المقرر أن تبعث “حماس” و”الجهاد” ردودا خطية على المقترحات المصرية.
ما مواقف الأطراف الأخرى؟
أعلنت إسرائيل نيتها تصعيد العمليات العسكرية. وقال رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي، الثلاثاء 26 ديسمبر/كانون الأول، من حدود غزة، إن الحرب ستستمر “لعدة أشهر”.
وجرت اتصالات عربية ودولية للبحث عن وقف لإطلاق النار وصفقة تبادل. وأكد العاهل الأردني الملك عبد الله، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أنهما يرفضان أي محاولات لتهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم أو نزوحهم داخليا.
وقالت وكالة الأنباء القطرية إن الشيخ تميم بن حمد تلقى الثلاثاء اتصالا هاتفيا من الرئيس الأميركي جو بايدن، لبحث أحدث التطورات في غزة وجهود الوساطة المشتركة الحالية لتهدئة الأوضاع في القطاع المحاصر والتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار.
تريد واشنطن دورا للسلطة الوطنية الفلسطينية “بعد إصلاحها” في غزة. وترى ضرورة إبقاء التواصل بين القطاع والضفة، فيما ترفض تل أبيب دورا للسلطة في غزة وتريد حلا للقطاع منعزلا عن الضفة
ما الفرق بين موقفي أميركا وإسرائيل؟
لا تزال أميركا تقدم الدعم العسكري والاستخباراتي والدبلوماسي لإسرائيل في حربها ضد غزة. وناقش مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، مع وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون دريمر، المقرّب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، “الانتقال إلى مرحلة جديدة في الحرب للتركيز على أهداف حمساوية مهمّة”.
جنود إسرائيليون يجلسون في مركبة مشاة قرب حدود قطاع غزة في 27 ديسمبر 2023
وتطرق اجتماع سوليفان ودريمر أيضا إلى الحاجة “للاستعداد لليوم التالي (بعد انتهاء الحرب)، بما في ذلك مسائل الحُكم والأمن في غزة، وإيجاد أفق سياسي للفلسطينيين، ومواصلة العمل على التطبيع”.
وتريد واشنطن دورا للسلطة الوطنية الفلسطينية “بعد إصلاحها” في غزة. وترى ضرورة إبقاء التواصل بين القطاع والضفة، فيما ترفض تل أبيب دورا للسلطة في غزة وتريد “حلا أمنيا” للقطاع منعزلا عن الضفة.
وتطالب واشنطن تل أبيب بـ”خطوات عملية لتحسين الوضع الإنساني وتقليل الأضرار على المدنيين”.
“المجلة”