دمشق – «القدس العربي» : تستمر حالة الفوضى والفلتان الأمني في محافظة درعا جنوب سوريا، التي تخضع لاتفاقية تسوية بين الفصائل المحلية المعارضة، وقوات النظام برعاية روسية منذ عام 2018، حيث أعدم أهالي درعا 4 متهمين بقتل مواطن وانتهاك حرمة منزله بعد منتصف ليل الثلاثاء-الأربعاء، في مدينة جاسم، يجري ذلك بينما شنت قوات النظام هجمات بالصواريخ وقذائف المدفعية، على مدينة سرمين بريف إدلب شمال غربي سوريا، مستهدفة منازل المدنيين والأحياء السكنية وبالقرب من مرافق عامةً في المدينة، ما أدى لإصابة 6 مدنيين بجروح بينهم طفلةٌ ووالدتها.
حسن الحسان مسؤول في الدفاع المدني السوري في إدلب، قال في تصريح لـ “القدس العربي” إن الهجمات المستمرة للنظامين السوري والروسي، تشكل خطراً على حياة المدنيين وتزيد من معاناتهم في ظل أوضاع إنسانية صعبة مستمرة منذ أكثر من 13 عاماً من الحرب وضعف الاستجابة الإنسانية، وتقاعس المجتمع الدولي عن محاسبة نظام الأسد وروسيا عن جميع جرائمهم بحق السوريين.
وبيّن المتحدث أن استهداف المدنيين الممنهج في المناطق المأهولة بالسكان واستهداف المرافق العامة والمشافي والأسواق هو انتهاك صارخ لمبادئ القانون الدولي الإنساني الذي يعدُّ هذه المرافق والأماكن محيدة عن القصف، لافتاً إلى أن “هذه الجرائم والانتهاكات ما كانت لتحصل لو كان هناك محاسبة لنظام الأسد على جرائمه”.
وفي بيان رسمي، قال الدفاع المدني السوري إن النظام يواصل النهج الإجرامي وسياسته المستمرة لقتل السوريين في ظل “موت يتربص بهم وتفاقم المأساة الإنسانية يوماً بعد يوم، وسط تراجع الاهتمام الدولي بالقضية السورية”.
وأصيب الأربعاء 6 مدنيين بجروح، طفلان و4 نساء، بينهم طفلة ووالدتها، بينما أصيبت إحدى النساء إصابة بليغة إثر قصف مدفعي وصاروخي من قبل قوات النظام تعرضت له مدينة سرمين شرقي إدلب مساء الأربعاء 3 تموز/ يوليو، وأدى القصف أيضاً لاندلاع حريق في منزل سكني في المدينة دون وقوع إصابات بسبب عدم وجود أصحاب المنزل بداخله أثناء القصف والحريق.
واستهدفت قوات النظام، الثلاثاء، قرية آفس وأطرافها بقصف مماثل، كما تعرضت في اليوم نفسه سيارة مدنية في القرية لهجوم من قوات النظام بالتزامن مع وجود عدة مسيرات انتحارية انطلقت من مناطق سيطرة قوات النظام في المنطقة.
والإثنين 24 يوليو/حزيران الفائت، استهدف قصف مدفعي لقوات النظام أطراف قرية مرج الزهور جنوب غربي إدلب بالقرب من محطة كهرباء زيزون الخارجة عن الخدمة دون وقوع إصابات.
وفي مطلع حزيران/يونيو الماضي، قتل ثلاثة مدنيين من عائلة واحدة (رجل وطفله وأخوه) باستهداف قوات النظام بصاروخ موجه سيارة مدنية زراعية كانوا يستقلونها في منطقة الوساطة على الأطراف الشرقية لمدينة الأتارب في ريف حلب الغربي، وسبق هذا الهجوم استهداف مماثل لسيارة مدنية على طريق الأتارب – كفرنوان، بصاروخ موجه من قوات النظام، ما أدى لأضرار كبيرة في السيارة.
واستجابت فرق الدفاع المدني السوري منذ بداية العام لأكثر من 390 هجوماً من قبل قوات النظامين السوري والروسي ومن مناطق السيطرة المشتركة لقوات النظام وقوات سوريا الديمقراطية، قتل على إثرها 38 شخصاً بينهم 13 طفلاً وأصيب 150 شخصاً بينهم 53 طفلاً.
في موازاة ذلك، وفي ظل استمرار الفلتان الأمني، أعدم مسلحون عشائريون 4 متهمين بقتل مواطن وانتهاك حرمة منزله بعد منتصف ليل الثلاثاء-الأربعاء، في مدينة جاسم بريف درعا.
وقال المتحدث باسم شبكة “تجمع أحرار حوران” أيمن أبو نقطة، إن الفصائل المحلية في مدينة جاسم أعدمت كلاً من محمد الجلم وبشير أيوب الجباوي، وعماد محمد الكنعان، وعمر إسماعيل الجباوي، وذلك على خلفية تورطهم بحادثة مقتل الشاب “عبد الله نضال الجباوي” ليلة الخميس، أثناء سرقته.
وأصدرت عشيرة آل الجباوي بياناً جاء فيه: “إشارة إلى حادثة اغتيال الشاب عبد الله نضال الجباوي البارحة مساء من قبل العصابة المسلحة، تم إجراء القصاص من هؤلاء القتلة، وسيتم الضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه الإساءة أو إلحاق الأذى بأي شخص من عشيرة آل الجباوي في جاسم”.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن مواطناً قتل برصاص مسلحين تسللوا إلى منزله بعد منتصف ليل الثلاثاء – الأربعاء، في مدينة جاسم بريف درعا الشمالي.
وشهد شهر يونيو/حزيران 2024 ارتفاعاً ملحوظاً في عمليات القتل واستمراراً في عمليات الاعتقال والخطف في محافظة درعا ضمن فوضى أمنيّة ازدادت وتيرتها منذ عقد اتفاقية التسوية في تموز 2018 بين النظام السوري وفصائل المعارضة برعاية روسيّة.
وسجل “مكتب توثيق الانتهاكات” خلال الشهر الفائت، مقتل 58 شخصاً بينهم 3 سيدات وطفلان.
كما أحصى المكتب 32 عملية ومحاولة اغتيال، أسفرت عن مقتل 35 شخصاً وإصابة 20 آخرين بجروح متفاوتة، ونجاة شخص واحد من محاولات الاغتيال.
وحول توزع قتلى الاغتيالات، فقد قتل 19 مدنياً لم يسبق لهم الانتماء لأي جهة عسكرية بينهم سيدتان، كما قتل اثنان يتهمان بالعمل لصالح أجهزة النظام الأمنية، بالإضافة لعنصر سابق في فصائل المعارضة لم ينضم عقب التسوية لأي جهة عسكرية.
في حين قتل 9 أشخاص، بينهم عناصر سابقون في الجيش الحر عملوا عقب اتفاق التسوية في مجموعات تابعة لفرع الأمن العسكري في درعا، و3 عناصر يتهمان بالعمل في تجارة المخدرات، وقيادي في ميليشيا الفرقة الرابعة، وعنصران لم يعرف الجهة التي يرتبطان بها، وقائد مجموعة في اللجان المركزية.
وضمن ملف الاغتيالات، سجل المكتب مقتل 7 من قوات النظام، بينهم 3 ضباط برتبة “ملازم” وصف ضابط برتبة “مساعد أول”، نتيجة عمليات استهداف متفرّقة في محافظة درعا.
ونفذت معظم عمليات ومحاولات الاغتيال بواسطة إطلاق النار بأسلحة رشاشة روسية من نوع “كلاشنكوف”، باستثناء عمليتين بواسطة “عبوة ناسفة” واثنتين بواسطة “قنبلة يدوية”.
وجرت العادة ألّا تتبنى أي جهة مسؤوليتها عن عمليات الاغتيال التي تحدث في محافظة درعا، لتسجّل تلك العمليات تحت اسم مجهول، في وقتٍ يتهم فيه أهالي وناشطو المحافظة الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري والميليشيات الإيرانية من خلال تجنيدها لمليشيات محلّية بالوقوف خلف كثير من عمليات الاغتيال التي تطال في غالب الأحيان معارضين للنظام ومشروع التمدد الإيراني في المنطقة.
- القدس العربي