مصعب الياسين
ذهب بشار الأسد إلى السعودية وتكلم في خطابه المنمق عن مجازر إسرائيل وحقوق الإنسان والإنسانية، فيما يحمل دماء أكثر من 15 ألف شخص قتلوا تحت التعذيب في السجون ومراكز الاحتجاز التابعة لنظامه منذ مارس/آذار 2011، بينهم أطفال ونساء، بينما لاي زال 136 ألفاً ما بين معتقل ومخفي قسرياً ما زالوا يتعرضون للتعذيب في سوريا.
لم يشأ بشار الأسد الصعود على طائرته في مطار دمشق إلا بعدما أعطى أوامر بتكثيف القصف الجوي على ريفي حلب وإدلب، ليكون مطمئناً على استمرار نهجه الإجرامي بحق السوريين أثناء خطابه بالقمة العربية والإسلامية في السعودية، والمنعقدة من أجل مناقشة الحرب الإسرائيلية على لبنان وفلسطين.
بالتزامن مع التقاط وسائل الإعلام صوراً للأسد في القمة العربية والإسلامية، كانت طائراته المسيرة الانتحارية fpv تنقضّ على منازل المدنيين في قرية تقاد غرب حلب، وتسببت بإصابة 4 من المدنيين بجروح متفاوتة الشدة بحسب الناشط عمر العبدالله المقيم في مدينة الأتارب.
يقول العبدالله إن الهجمة على قرية تقاد هي عبارة عن استمرار لهجوم امتد الى 48 ساعة تنفّذه طائرات النظام وحلفائه الانتحارية وسلاح المدفعية والدبابات، بعد استهداف إسرائيل نقاط تمركز لميليشيات أجنبية ومحلية داعمة لقوات النظام في سراقب ومركز البحوث العلمية في محافظة حلب.
نفّذت الطائرات الحربية الإسرائيلية هجوماً فجر يوم السبت 9 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، وللمرة الأولى طاول تجمعات لميليشيات أجنبية ومحلية داعمة لقوات النظام في مدينة سراقب جنوب شرقي محافظة إدلب، ما أسفر عن مقتل وإصابة 20 عنصراً بالتزامن مع هجوم مماثل للطائرات ذاتها طاول مركز البحوث العلمية في منطقة السفيرة شرق حلب، والذي تستخدمه قوات النظام وميليشيا حزب الله وإيران لتطوير الطائرات المسيرة الإنتحارية fpv.
ماذا استهدفت إسرائيل وأين رد النظام السوري؟
يقول الناشط علي أبو الفاروق إن القصف الإسرائيلي على مدينة سراقب كان الأول من نوعه، وطاول ميليشيات سرايا العرين، وسرايا عاشوراء، وعصائب أهل الحق، وميليشيا حزب الله، وميليشيا الحرس الثوري الإيراني في جنوب مدينة سراقب بالمنطقة الصناعية وفي قرية كراتين شمال شرقي المدينة، حيث الخطوط القريبة من نقاط التماس مع هيئة تحرير الشام.
تعتبر مدينة سراقب ذات أهمية كبيرة كونها تقع على طريقي m4 و m5 حيث تخزن ميليشيا حزب الله والحرس الثوري الإيراني صواريخ مطورة في مستودعات كبيرة في المدينة، التي تعتبر مركز قيادة وتحكم لقوات النظام وحلفائها، وأحد مراكز تجريب الطائرات المسيرة الإنتحارية fpv التي تستخدمها ميليشيا حزب الله في حربها مع إسرائيل بعد تجربتها على المدنيين في شمال غربي سوريا.
أما القصف الإسرائيلي على منطقة السفيرة شرق حلب، فتركّز على مركز البحوث العلمية الذي تستخدمه ميليشيا حزب الله والحرس الثوري الإيراني وقوات النظام لتجميع وتطوير الطائرات المسيرة fpv، وصواريخ إيرانية يستعملها حزب الله في حربه مع إسرائيل.
ويؤكد أبو الفاروق أن حصيلة القتلى والجرحى فاقت الـ20 عنصراً بالضربات المذكورة، والتي دوى صداها في عموم مناطق شمال غربي سوريا ومحافظة حلب.
الأسد لا يرد على إسرائيل!
لم تكد تمضي 30 دقيقة على القصف الإسرائيلي لسراقب والسفيرة، حتى فتحت مدفعية النظام وميليشياته المتمركزة في مدينة سراقب نيرانها على مدينة سرمين، ما تسبب بدمار في أحياء المدينة وخروج المركز الصحي الوحيد في المدينة، في حين طاول قصف مماثل مدارس وأحياء سكنية في مدينة الأتارب غرب حلب.
مديرية صحة إدلب قالت على صفحاتها في مواقع التواصل الاجتماعي، إن قوات نظام الأسد قصفت صباح يوم السبت 9 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024 مركز سرمين للرعاية الصحية الأولية بريف إدلب، المركز الذي يقدم مئات الخدمات الطبية للمدنيين، في استهداف يمثل انتهاكاً صارخاً للمواثيق الدولية وحق المدنيين في الحصول على الرعاية الصحية الآمنة.
فيما بث الدفاع المدني السوري “الخوذ البيضاء” صوراً لما قال إنها من آثار القصف المدفعي من قوات النظام وحلفائه بعد منتصف ليلة السبت 9 تشرين الثاني/ نوفمبر على مدينة الأتارب غرب حلب بنحو 20 قذيفة مدفعية، استهدفت مدرستين (الثانوية العامة، وثانوية البنات) ومنازل المدنيين والأراضي الزراعية.
عمّا تكلم الأسد في السعودية؟
قبيل ساعات من توجه بشار الأسد إلى السعودية، نفذت الطائرات الحربية الإسرائيلية قصفاً بصواريخ شديدة الانفجار استهدف مستودعات ذخيرة لميليشيا حزب الله في منطقة شنشنار في محافظة حمص، ما أدى الى قطع الطريق الدولي دمشق حلب المار بحمص.
وقبل استهدافها محافظة حمص، نفذت إسرائيل استهدافاً أقوى فعالية طاول منطقة السيدة زينب في دمشق، أدى الى مقتل 7 أشخاص وإصابة آخرين بحسب وكالة الأنباء سانا.
وعلى صعيد الاستهداف الإسرائيلي المتواصل لنظام الأسد والميليشيات الأجنبية الموالية له، يتساءل الناشط سالم الحمدون، “ماذا سيتكلم بشار الأسد في القمة العربية والإسلامية وهو الذاهب إلى اجتماع يبحث الحرب الإسرائيلية على لبنان وفلسطين، في حين لم يأت الاجتماع على ذكر الاستهداف الإسرائيلي المتواصل للأراضي السورية؟!.
كيف سيبرر بشار الأسد موقفه إذا ما سئل عن توغل إسرائيل في الأراضي السورية من دون أن يحرك الأسد ساكناً، واكتفى بمجزرة ارتكبتها مدفعيته وسلاح حليفه الروسي كان مسرحها في إدلب بعيداً عن الجولان والقنيطرة؟.
وصل بشار الأسد إلى السعودية ولم يتكلم في خطابه عن الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا وكأنه من دولة أخرى، كما لم يتكلم ببنت شفا عن الخروقات الإسرائيلية للأراضي السورية، ولم يطالب العرب والمسلمين بالوقوف بوجه إسرائيل لمنع اعتداءاتها على سوريا.
ذهب بشار الأسد إلى السعودية وتكلم في خطابه المنمق عن مجازر إسرائيل وحقوق الإنسان والإنسانية، فيما يحمل دماء أكثر من 15 ألف شخص قتلوا تحت التعذيب في السجون ومراكز الاحتجاز التابعة لنظامه منذ مارس/آذار 2011، بينهم أطفال ونساء، بينما لاي زال 136 ألفاً ما بين معتقل ومخفي قسرياً ما زالوا يتعرضون للتعذيب في سوريا.
وصل بشار الأسد إلى السعودية تاركاً خلفه مئات مصانع المخدرات التي باتت بحسب تقارير أميركية مصدر دخل قوياً لنظام الأسد المعاقب من أطراف دولية عدة، في مقدمها الولايات المتحدة، بسبب تجارته بالمخدرات من جهة وانتهاكه حقوق الإنسان من جهة أخرى، ولا تزال صور قيصر حاضرة في ذاكرة العالم، وسائق البلدوزر وحفرة التضامن يشهدان على وحشية من يحاضر بحقوق الإنسان.
- درج