عن الشروط الأوروبية لرفع العقوبات
قبل انعقاد مؤتمر بروكسل لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي 27/1/2025، قالت رولا دشتي الأمينة العامة التنفيذية للمنظمة الأممية ـ( الإسكوا )، ( هذه واحدة من أطول الأزمات الإنسانية في العالم، والنتائج تشير بوضوح إلى إمكانية تفاقمها إذا لم تُتّخذ خطوات عاجلة. وتعافي سورية لا يقتصر على إعادة إعمار المدن، بل يتطلّب الاستثمار في الإنسان، واستعادة الثقة بالمؤسّسات، وتهيئة الظروف التي تُمكّن العائلات من استعادة حياتها الطبيعية ) ليكون بيان بروكسل قزماً أمام التحدّيات التي تنتظر السوريين، الذين تآكلت كل جوانب حياتهم، ولم يبقَ للاتحاد الأوروبي إلا وضع قائمة بالطلبات واجبة التنفيذ مزمّنة، ويستوجب العقاب أيّ تأخير في تنفيذ أحد البنود، والتهديد بإعادة فرضها ” إذا اتُّخذت خطوات خاطئة “!
فكيف تستقيم الرؤية تجاه الملفّ السوري، والتفكير يكاد ينحصر في أسلوب حيازة مكان ما على الطاولة السورية، أو لعب دور ما في ما يرونه مؤثّراً، ليس في الاستقرار السوري والإقليمي وحسب، بل في استقرار أوروبا، بـ( عودة اللاجئين، والمشاركة في استثمارات إعادة الإعمار)، بينما يستخدمون لغة التهديد والوعيد مشفوعة بشروط تتوالد شروطاً لا تنتهي، لتتشكل حالة ابتزاز مستمرّ، ومناكفات سياسية متبادلة بين أطراف دولية، ويعرفون أنهم فرضوا عقوباتهم على جلادي النظام البائد، فكان انعكاسها على الشعب، وبدلاً من إلغائها، راحوا يعملون على ربطها بـ” خريطة طريق ” يجب العمل بموجبها، لتنفيذ رؤيتهم لسورية التي يريدون! وكثر استخدامهم يجب، ويتوجّب، ويستوجب، وبشرط أن، وعلى الإدارة أن… وسيردّدونها كثيراً في مؤتمر باريس المنتظر 13شباط، مقرونة بـ( إنهاء وجود روسيا في سورية، وتحقيق انتقال سياسي، بالإضافة لضمان الأمن، ومكافحة الإرهاب وتدمير مخزون الأسلحة الكيميائية) وسيُضاف إليها بالتأكيد ( المحافظة على وحدة سورية، وحقوق المرأة، والأقليات والطوائف، والدستور، والانتخابات، وكفالة مشاركة المكوّنات السورية بلا استثناء في بناء سورية الجديدة )، ويلوّحون بجزرتهم الذابلة: كلّ خطوة بالاتجاه الصحيح، يقابلها خطوة من قِبلنا “مع حبّة مِسك”! ويقومون بدور التدقيق والمراقبة والمتابعة، وهم يدركون انعكاسات وتأثيرات الوضع السوري الراهن على المنطقة، وضرورة التعافي في كل مناحي الحياة، لتثبيت الاستقرار، ولتستمرّ حياة السوريين.
ربما لا يرى الاتحاد الأوروبي الانهيار الاقتصادي والاجتماعي والإنساني والسياسي والمعيشي الذي خلّفه النظام، والذي استمرّ بإرادة دولية، لتستمرّ معاناة السوريين، بعد انتهاء صلاحية ودور الأسدية، ويُحمّل المدنيون تبعاتها! فإن أدّت العقوبات غرضها تجاه النظام المخلوع، فإنها تقف اليوم عائقاً في وجه بناء سورية الجديدة التي يطمح لها السوريون.
بالتأكيد الرمد أهون ألف مرة من العمى، ولكن ألّا تكون كل هذه الشروط والواجبات لخطوة في مسيرة ألف ميل! وأن يكون الشرط السوري الوحيد، يجب ألّا تزيدوا شروطكم علينا، مادام يهمّكم أمرُكم وأمرُنا.
- رئيس التحرير