تتسارع التطورات في سوريا على خلفية أحداث الساحل السوري، المتمثلة في العملية العسكرية والأمنية الحكومية لملاحقة فلول النظام المخلوع، وما رافق ذلك من انتهاكاتٍ ارتكبتها مجموعات خارجة عن القانون، وعدت الدولة السورية بمحاسبتها.
وفي سياق التطورات السياسية، طلبت الولايات المتحدة وروسيا عقد اجتماعٍ طارئ لمجلس الأمن الدولي، اليوم الإثنين، وفقاً لما نقلته وكالة “رويترز” عن دبلوماسيين مطّلعين بشأن “تصاعد العنف في سوريا”.
في السياق الميداني، كشف المسؤول الأمني في الساحل السوري، ساجد لله الديك، عن مستجدات العمليات العسكرية الجارية، مؤكّداً تحقيق تقدم في تفكيك الخلايا المسلحة التابعة لفلول النظام المخلوع. وأوضح أن القوات الأمنية والعسكرية تمكّنت من تطهير عدة مناطق استراتيجية، بما في ذلك جبلة وأجزاء من محافظة اللاذقية، مشدّداً على أن العمليات مستمرة لضمان القضاء على أي تهديدٍ متبقٍّ.
ورغم التقدم العسكري، أقرّ الديك في لقاء مع تلفزيون سوريا بسقوط خسائر في صفوف القوى الأمنية، نتيجة الكمائن التي نفّذتها المجموعات المسلحة، مستغلّةً الطبيعة الجغرافية الوعرة، كما أشار إلى استهداف الفلول لحواجز أمنية ومقراتٍ حيوية بتمويلٍ إيراني، مما تسبب في خسائر مباشرة، قبل أن تنجح القوات في احتواء التهديدات و”تحييد المهاجمين”.
وفي إطار الإجراءات الرسمية لمواجهة التوترات المتصاعدة، أعلنت رئاسة الجمهورية السورية عن تشكيل لجنةٍ عليا للحفاظ على السلم الأهلي، بهدف التواصل مع الأهالي في الساحل، وضمان أمنهم واستقرارهم، ووفقاً لبيانٍ صادر عن الرئاسة، تضم اللجنة الدكتور أنس عيروط، والسيد حسن صوفان، والدكتور خالد الأحمد، حيث أوكلت إليهم مسؤولية تنفيذ مهام اللجنة والإشراف على تحقيق أهدافها.
سبق ذلك صدورُ قرارٍ رئاسي بتشكيل لجنةٍ وطنية مستقلة للتحقيق في أحداث الساحل السوري التي وقعت في السادس من آذار 2025، وتهدف اللجنة إلى الكشف عن أسباب الأحداث والملابسات المحيطة بها، والتحقيق في الانتهاكات التي تعرّض لها المدنيون، بالإضافة إلى تحديد المسؤولين عن الاعتداءات التي طالت المؤسسات العامة وعناصر الجيش والأمن، كما أكّد البيان ضرورة تعاون الجهات الحكومية مع اللجنة، التي ستقدّم تقريرها النهائي إلى رئاسة الجمهورية خلال ثلاثين يوماً.
ووجّه الرئيس السوري أحمد الشرع، مساء الأحد، كلمةً إلى الشعب السوري تناول فيها التطورات الأخيرة التي شهدتها البلاد، محذراً من محاولات فلول النظام السابق، بدعمٍ من جهاتٍ خارجية، لخلق الفتنة وجرّ البلاد إلى مستنقع الفوضى والحرب الأهلية، بهدف تقسيمها وزعزعة استقرارها.
وأكد الشرع في كلمته على مجموعةٍ من النقاط، جاءت كما يلي:
-
الشرع: “لن نتسامح مع فلول النظام الساقط الذين ارتكبوا الجرائم ضد قوات جيشنا ومؤسسات الدولة، وهاجموا المستشفيات، وقتلوا المدنيين الأبرياء، وبثّوا الفوضى في المناطق الآمنة. فليس أمام هؤلاء سوى خيارٍ واحد، وهو تسليم أنفسهم للقانون فوراً”.
-
الشرع: “نؤكد أننا سنحاسب، بكل حزمٍ ودون تهاون، كل من تورّط في دماء المدنيين أو أساء لأهلنا، ومن تجاوز صلاحيات الدولة أو استغل السلطة لتحقيق مآربه الخاصة. لن يكون هناك أي شخص فوق القانون، وكل من تلطّخت يداه بدماء السوريين سيواجه العدالة عاجلاً غير آجل”.
-
الشرع: “إننا نُجرّم أي دعوة أو نداء يسعى للتدخل في شؤون بلادنا أو يدعو إلى بثّ الفتنة وتقسيم سوريا. فلا مكان بيننا لمثل تلك الدعوات.. سوريا، بكل مكوناتها، ستظل موحدة بعزيمة شعبها وقوة جيشها، ولن نسمح لأي جهةٍ كانت أن تعبث بوحدتها الوطنية أو تُفسد السلم الأهلي”.
نفت الكنائس المسيحية في مدينة اللاذقية شمال غرب سوريا، المزاعم التي تتناقلها بعض صفحات التواصل الاجتماعي، بشأن حقيقة الوضع الحالي في الساحل السوري، داعية إلى عدم الانجرار وراء الشائعات.
جاء ذلك في بيان صادر عن الكنائس المسيحية في اللاذقية، قالت فيه: “تتناقل بعض صفحات التواصل الاجتماعي أخبارا مفادها بأن كنائس اللاذقية تفتح صالاتها أمام العائلات والمدنيين السوريين، وهذه الأخبار غير صحيحة، لأن الوضع الحالي في اللاذقية لا يتطلب اتخاذ إجراءات كهذه، مع العلم بأننا على استعداد دائم لتقديم كل ما هو ممكن ومستطاع في هذه الظروف لخدمتكم”.
كما شدّد على ضرورة “تبني الأخبار الصادرة عبر الصفحات الكنسية الرسمية حصرا”.
وتابع البيان: “نرجو أيضا عدم الانجرار وراء الشائعات، خاصة بعد رسالة الطمأنينة التي سمعناها في اللقاء، الذي اجتمعنا فيه مساء اليوم (الأحد) مع وفد من قيادة إدارة الأمن العام في سوريا، حيث تم خلال هذا اللقاء نقل هواجس شعبنا وانطباعاتهم ومعاناتهم هذه الأيام إلى القيادة”.
قال المتحدث باسم وزارة الدفاع السورية العقيد حسن عبد الغني، إن وحدات تابعة لوزارة الدفاع السورية تمكنت من التصدي لهجومٍ شنّته “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) على جبهة الأشرفية بمدينة حلب، حيث أوقعت خسائر في صفوف المهاجمين.
تمكّنت إدارة الأمن العام في دير الزور من إلقاء القبض على أربعة أشخاص من قادة فلول النظام المخلوع، كانوا يخططون لتنفيذ أعمالٍ تخريبية تستهدف مقراتٍ أمنية وحكومية في المحافظة.
وحدّدت الجهات الأمنية هوية الموقوفين، وهم: علي ثلاج ثلاج، وفؤاد عبد الخلف، وعبد الكريم مخلف المحمد، وأيسر عبد الحسيب الأيوب.
وقال مدير إدارة الأمن في محافظة دير الزور، المقدم ضياء العمر: “في إطار الجهود المستمرة لحفظ الأمن والاستقرار، وبعد التحري والتتبع، تمكّنا من إلقاء القبض على أربعة من قادة المجموعات التابعين لفلول النظام البائد، وذلك خلال عمليةٍ أمنيةٍ محكمة”.
وأضاف العمر في تصريح لوكالة “سانا”: “جاء تنفيذ هذه العملية بعد ثبوت تورطهم في التخطيط لاستهدافاتٍ إجراميةٍ لمقراتٍ أمنية وحكومية، بهدف زعزعة الأمن في المنطقة، وبالتنسيق مع قيادات من الفلول في الساحل السوري، وقد تمكّنا بفضل الله من إفشال هذه المخططات”.
أشارت مراسلة تلفزيون سوريا إلى أن مجهولين استهدفوا حاجز الأمن السياسي في منطقة المزة بدمشق دون وقوع إصابات.
حذّرت وزارة الإعلام السورية من تصاعد حملات تحريضية تقودها جهات معادية عبر وسائل الإعلام، بهدف إثارة الفوضى ونشر التضليل الإعلامي في البلاد، مؤكدة أن هذه الحملات تركز على التلاعب بالرأي العام عبر إعادة تداول صور ومقاطع فيديو قديمة، لا تمتّ للواقع بصلة.
ورصدت الجهات المختصة خلال اليومين الماضيين محاولاتٍ ممنهجة لإعادة نشر صور وفيديوهات تعود لسنواتٍ سابقة أو مأخوذة من خارج سوريا، مع تقديمها على أنها مشاهد حديثة من الساحل السوري. واعتبرت الوزارة أن هذه الممارسات تهدف إلى تأجيج الفتنة وزعزعة الاستقرار.
ودعت وزارة الإعلام المواطنين إلى التحلي بالوعي وعدم الانجرار وراء الأخبار المضللة، التي تستهدف النسيج الاجتماعي في سوريا، كما شددت على أهمية الاعتماد على المصادر الرسمية للحصول على المعلومات الدقيقة، لما لذلك من دورٍ أساسي في الحفاظ على الأمن والسلم الأهلي.
- تلفزيون سوريا