نشوان الاتاسي الكاتب السياسي والمؤرخ السوري مواليد حمص عام 1948، والمقيم حالياً في باريس)،
في كتابه “تطور المجتمع السوري 1831 – 2011″، الصادر عن “دار أطلس للنشر والترجمة” في بيروت، قدّم قراءةً في التاريخ السياسي والاجتماعي لسوريا عند نشأة كيانها ثم دولتها بعد انهيار السلطنة العثمانية وقيام الانتداب الفرنسي وما رافق ذلك من مفاوضات وانتفاضات أفضت حدوداً واستقلالاً وطنياً، محاولاً تقريب تاريخ سوريا الحديث إلى القراء دفعة واحدة بأحداثٍ متسلسلة كثيفة مترابطة على مدى قرن ونصف دون محاولات لإخفاء حقائق أو أدلجتها، عبر تشخيصٍ دقيقٍ للتحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي مرّت بها سوريا وقاطعها مع التاريخ وعلم الاجتماع السياسي . عودنا الاستاذ نشوان على الصراحة فهو المثقف السوري ابن الاتاسي اي الكبار في سوريا لم يعتد ان ينحني لأحد ويقول الامور كما هي لذلك ارسلت له بالنيابة عن بيروت اوبزرفر مجموعة من الاسئلة تتعلق بالاوضاع الحالية في سوريا فكانت اجوبته كالتالي :
1 هل عفا الله والعرب عن الأسد؟
لم يفقد نظام الأسد الشرعية، دولية كانت أم إقليمية وعربية، في أي يوم رغم الضجيج والصخب الإعلاميين حول تلك المسألة، إذ بقي الممثل الشرعي لـ (الجمهورية العربية السورية) في الأمم المتحدة ومنظماتها، وفي كافة المحافل الدولية ذات الصلة.
كافة المساعدات التي قدمتها الأمم المتحدة، والتي بلغت مئات الملايين من الدولارات، لمساعدة الشعب السوري المنكوب والمستهدف بإجرام النظام جرى تقديمها عبر القنوات الرسمية إلى النظام ووظف قسماً منها في حربه على السوريين، لأن الأمم المتحدة لا تعترف بممثل شرعي لهذا الشعب سوى نظام الأسد.
الذي استجد في الأمر هو البدء في عملية إعادة تأهيله كي يُتم إحكام قبضته على ما تبقى من سوريا.
2 لماذا يصر العرب على إعادة تأهيله؟
لا توجد هناك دولة واحدة، عربية كانت أم إقليمية، لها سياستها المستقلة تجاه سوريا، فالكل يقوم بتنفيذ الدور المرسوم له أميركياً، حتى إن بدا بعضها متناقضاً مع البعض الآخر في الظاهر، بيد أن تلك الأدوار تخدم جميعها الهدف الاستراتيجي الموضوع من قبل اللاعبين الرئيسيين (أميركا وإسرائيل)، وهذا يوجب إطلاق صفة “الإصرار” على من يتولى تحريك أحجار رقعة الشطرنج.
3 هل انتصرت إيران في سوريا والمنطقة؟
هناك ثلاث قوى إقليمية كبرى في المنطقة وهي إيران وتركيا وإسرائيل. الولايات المتحدة الأميركية لم تعد راغبة بالانغماس في وحول المنطقة بل أصبحت تبحث عن طرف يلعب دور الوكيل المعتمد لسياساتها في منطقتنا.
أخذت إسرائيل، التي كانت أقرب الجميع إلى لعب هذا الدور، فرصتها كاملة منذ تأسست، بيد أنها بحكم تركيبتها الإيديولوجية والديموغرافية، والدينية والعرقية، لم تقدر على القيام سوى بحروب خاطفة تدمر من خلالها جيوش الأعداء دون قدرة على التغلغل في نسيج مجتمعات دول الشرق الأوسط بحيث تحكمها وتديرها من الداخل.
تركياً خسرت احتمال هذا الدور هي الأخرى لأنها اتجهت غرباً لعقود واعتبرت نفسها دولة أوروبية وأدارت ظهرها لدول المنطقة وشعوبها، فيما كانت أوروبا ترفضها.
بعد أن قررت الاتجاه شرقاً كان الوقت متأخراً، إضافة إلى أنها لم تكن تملك الأدوات المطلوبة للعب هذا الدور بحكم تأرجح سياساتها وتقلباتها المتعددة، كما أن ارتباطها الوثيق بحلف شمال الأطلسي ووجود قواعد أميركية على أراضيها أفقدها القدرة على لعب دور المناوئ للسياسة الأميركية، هذا الدور الذي يلقى قبولا شعبياً واسعاً لدى شعوب شرق المتوسط، إضافة إلى أنه مطلوب أميركياً، إذ أن من يجاهر بالعداء لها سوف يكون قادراً على تحقيق مصالحها أكثر ممن يعلنون تبعيتهم لها وتحالفهم معها.
إيران دولة لها تاريخ وحضارة مغرقين في القدم، وتحتل موقعاً جيوبوليتيكياً مهماً في المنطقة، كما أنها تملك موارد طبيعية هائلة تستطيع توظيفها في خدمة مشاريعها (الإمبراطورية)، والأهم من هذا كله أنها تبنت موقفاً “عدائياً” من الولايات المتحدة إضافة إلى أنها رفعت شعارات إيديولوجية عابرة للحدود تمكنها من التغلغل في نسيج المجتمعات المجاورة.
لكل تلك الاعتبارات فقد كانت إيران الطرف المؤهل للعب دور الوكيل المعتمد أميركياً.
وقد سهل الأميركيون لها ما كان يمثل عقبة كأداء، كتخليصها من نظام حكم طالبان وتسليم أفغانستان لها، والأمر ذاته في العراق حيث سلمته لإيران على طبق من فضة، ثم أعقبه تسليم لبنان لها عبر حزب الله.
كان الأمر في سوريا مختلفاً بعض الشيء بحكم تحالف الأسد الأب مع إيران، فلم يكن لدى الأميركيين والإيرانيين ما يقومون به لإحكام سيطرة الأخيرين عليها. بيد أن قيام الثورة السورية عام 2011 وما طرحته من مخاطر استراتيجية جدية على مجمل المشروع الأميركي، تلك المخاطر التي لم تكن في ذهن الثوار أنفسهم؛ ولأن الأميركيين لم يكن من مصلحتهم تأييد بقاء نظام الأسد علانية، فقد لجأوا إلى المناورة والمداورة عبر إظهار تأييدهم للثورة علناً والعمل على إجهاضها في الخفاء.
أبلغ دليل على هذه المفارقة ظهر للعلن عقب استخدام الروس للفيتو الثالث في مجلس الأمن حين خرجت المندوبة الأميركية سوزان رايس إلى قاعة الصحفيين للإدلاء بتصريح، وكان يقف إلى جوارها المندوب الروسي الراحل فيتالي تشوركين، فشنت السيدة رايس هجوماً كاسحاً على روسيا لاستخدامها حق النقض ما عرقل الجهود الدولية لإيجاد حل لمأساة الشعب السوري ومنع وصول الامدادات للمناطق المنكوبة.
حين تمادت السيدة رايس في هجومها على بلاده، وفي لحظة صدق تاريخية من دبلوماسي مخضرم كالسيد تشوركين قاطعها قائلاً: لو لم نستخدمه نحن لاستخدمتموه أنتم!
أما على الصعيد الفلسطيني، فمن المعروف أن منظمة التحرير الفلسطينية كان قد أسسها مؤتمر القمة العربي الأول عام 1964 وأسندت رئاستها للفلسطيني/السعودي أحمد الشقيري.
بعد ظهور المقاومة الفلسطينية المسلحة ، وإثر معركة الكرامة الشهيرة فقد انتقلت رئاسة المنظمة من الشقيري إلى ياسر عرفات مترجمة بذلك واقع موازين القوى على الأرض.
إثر مجريات الأحداث التي وقعت في فلسطين المحتلة مؤخراً، بدءاً من حي الشيخ جراح وامتداداتها إلى القدس والضفة وأراضي 1948، وصولاً إلى حرب الصواريخ بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس؛ لن يغدو مستبعداً أن تتم ترجمة “الانتصار” الحمساوي – مقارنة بالموقف المخزي لقيادة منظمة التحرير – في عملية الانتقال الثانية الكبرى لقيادة المنظمة من فتح وما تمثله إلى حماس وما تمثله، وهذا يعتبر انتصارا لإيران على الساحة الفلسطينية وسحباً نهائياً للورقة الفلسطينية من أيدي العرب، ومن ثم دخول إيران من باب واسع في رسم السياسات الفلسطينية لصالح تسيد إيران المطلق على كامل منطقة شرق المتوسط.
إلى كل هذا يمكننا القول بثقة أن انتصار إيران في سوريا والمنطقة هو في عمقه انتصار لمشروع الشرق الأوسط الجديد – الأميركي الفكرة – الذي سبق طرحه لمرحلة ما بعد احتلال العراق عام 2003.
4 ما هو الدور الإسرائيلي في سوريا؟
اسرائيل تعاني هي الأخرى من مجموعة مآزق مصيرية داخلياً وعلى صعيد المنطقة. فهي تدرك قدرة إيران على لعب الدور المطلوب منها أميركياً بطريقة أفضل منها وقد سلمت بهذا الأمر على مضض، لكنها لا تثق بطموحات الإيرانيين الإمبراطورية وفي أن تتمدد باتجاه مصالحها الحيوية في المنطقة يوماً بعد أن تستتب لها الأمور. لهذا تجدها تتحاور معهم، ومع الأميركيين حتى، تارة بنعومة وتارة أخرى بخشونة علهم يعرفون حدودهم ولا يتخطونها. ولا أعتقد أن الإسرائيليين يخشون حقاً امتلاك إيران لقدرات نووية، بل هم يستخدمونها كفزاعة لتبرير مواقفهم المتشنجة تجاهها.
أما لجهة الدور الإسرائيلي في سوريا فليس خافياً دعمهم المطلق لنظام الأسد وفي هذا فهم يلتقون مع الأميركيين والإيرانيين والروس، وعلى هذا الأساس يتم التنسيق والتعاون فيما بين هذه الأطراف الثلاثة.
5 هل سيطبع الأسد مع إسرائيل؟
لا إسرائيل ستكسب من تطبيع النظام السوري معها، ولا النظام سيكسب، بل أن كلاهما سيخسر من جراء قيام أي تطبيع للعلاقة فيما بينهما، وهذا الأمر متفق عليه فيما بين الطرفين، وبين الأميركيين، منذ اتفاقية فصل القوات التي وقعت برعاية كيسنجر عام 1974، ولا يوجد حالياً ما يستدعي تغييراً على حالة الستاتيكو القائمة مذ ذاك. حتى أن مسار الأحداث خلال العقود الاربعة المنصرمة، خاصة إثر قيام الثورة السورية عام 2011 يظهر أن اتفاقية فصل القوات تلك كانت أمتن وأقوى من أي اتفاقية سلام، والأمر ذاته نشهده على الجبهة اللبنانية حيث أثبت اتفاق وقف العمليات العسكرية أثر حرب عام 2006 أنه أمضى من أي اتفاقية سلام، دون إحداث ردود فعل شعبية غير مرغوب بها، ولا ضجيج إعلامياً يترافقان عادة مع توقيع اتفاقيات السلام.
6 هل ستوافق الممانعة على تطبيع الأسد في حال ذهب نحوه؟
في ضوء استعراضنا السابق للمواقف البينية وللتفاهمات السرية بين محور “الشر” ومحور “الشيطان الأكبر”، لن يكون للتطبيع العلني بينهما أي احتمال لأنه سيهدم كل ما تم بناؤه على مدار عقود، إلا إذا حصلت تغيرات جذرية في الاستراتيجيات الأميركية تجاه المنطقة وهو ما يبدو مستبعداً على المدى القريب والمتوسط.
7 ما موقف المجتمع الدمشقي والحلبي والحموي من التوطين؟ وكيف يتعاملون معه؟
تخضع منطقة شرق المتوسط برمتها إلى عمليات هندسة ديموغرافية يبدو أنها جزء من مشروع الشرق الأوسط الكبير.
يمكن رصد تلك العمليات بوضوح في كل من العراق ولبنان وفلسطين وسوريا، حيث تجري من خلالها عمليات تهجير ممنهجة لسكان البلاد الأصليين، سواء باستخدام سياسة الأرض المحروقة لتهجير سكان المناطق المستهدفة بالتغيير الديموغرافي عبر القصف المدفعي والصاروخي والكيميائي والبراميل بذريعة وجود إرهابيين، أو بأساليب الترغيب والترهيب، أو بالتضييق على سبل عيشهم ومصادر رزقهم لدفعهم إلى مغادرة بلادهم إلى المجهول؛ وكذلك عمليات مصادرة أملاك من اضطر للجوء عبر قوانين مستوحاة من قانون “أملاك الغائبين” الذي اجترحته إسرائيل عام 1950 لتقنين مصادرات أراضي وممتلكات الفلسطينيين.
تتم على التوازي، في سوريا تحديداً، عمليات تجنيس واسعة النطاق لإيرانيين وعراقيين ولبنانيين وأفغان وشيشان، بأعداد ربما وصلت إلى الملايين، بسرية تامة دون الإعلان عنها في الجريدة الرسمية كما هو متعارف عليه دستورياً، إضافة إلى عمليات تملك إيرانية واسعة للعقارات والأراضي، سواء بطريقة مباشرة أو عبر وسطاء موثوقين.
أوضح مثال على مدى التغيير الديموغرافي الذي يجري هو تلك الأرقام التي أعلنت رسمياً في سوريا حول الأعداد التي يحق لها الانتحاب والتي بلغت حوالي ثمانية عشر مليون ناخب ونصف المليون، وهذا يمثل بالطبع أعداد السوريين ممن بلغوا الثمانية عشرة من أعمارهم، وهذا الرقم يدل على أن سكان سوريا بمجملهم يصل إلى ما بين 45-50 مليون نسمة، فيما كان معروفاً أن أعداد السوريين كانت عام 2011 ثلاثة وعشرين مليوناً وفق الإحصاءات الرسمية، ناهيك عمن قُتل واعتقل وفُقد وهُجر منهم.
إذن، فإحصائيات النظام الرسمية الأخيرة المعلنة تتحدث عن شعب آخر غير الشعب الذي كان موجوداً حتى عام 2011، وسواء كانت أرقامه الأخيرة مزورة لهدف تمرير مهزلة الانتخابات، كما طعن بها البعض في محاولة لإظهار كذب النظام، أم كانت صحيحة وأنا شخصياً أرجح ذلك، فإن مدلولات تلك الأرقام مرعبة حول حجم التغيير الديموغرافي الذي يجري تحت سمع وبصر العالم، أما السوريون فلا يملكون من أمرهم شيئاً وهم يعيشون في ظل نظام وحشي لا يتوانى عن تصفية كل من يتفوه بكلمة، وكذلك تحت وطأة الفاقة والعوز والجري خلف الحد الأدنى من مقومات البقاء.
لقد تم تدمير أركان المجتمع السوري، خاصة في المدن الكبرى، ناهيك عمن هاجر أو تم تهجيره، ولم يعد الحديث ممكناً عن وجود “مجتمع سوري” بالمعنى الذي كان سائداً من قبل.
8 هل سقطت الثورة السورية؟ إذا نعم، من أسقطها؟ ولماذا وكيف سقطت؟
لحصول أي تغيير في البنى السياسية والاجتماعية ضمن بلد ما في عالم اليوم يتوجب توفر عاملين اثنين معاً:
– قيام حراك داخلي ساعٍ إلى التغيير، و
– توفر توافق دولي على حدوثه.
قامت ثورة في سوريا، كانت واحدة من أنصع ثورات هذا العصر (في طورها السلمي) وأكثرها مشروعية، قياساً إلى وحشية النظام الذي ثارت ضده وفاشستيته، وعمق فساد تركيبته المافيوزية المعادية للشعب، لكنها لم تحظ بتوافق دولي على التغيير، بل أن المجتمع الدولي توافق على عدم حصول ذلك التغيير لأسباب لا مجال لذكرها الآن؛ وبالتالي لم يكن مسموحاً لها تحقيق ما سعت إليه رغم الثمن الباهظ الذي تكبدته وتكبده السوريون جميعاً.
9 هل أخفقت المعارضة السورية في التعامل مع المسألة الكردية في سوريا؟ وهل هناك قضية كردية في سوريا؟ في حال وجودها ما هو تصورك لحل القضية الكردية في سوريا؟
أقسى الفترات التي تمر بها الشعوب وأشدها هولاً وقتامة هي منطقة “عدم التعيين” أو “عدم الوضوح” التي تفصل بين عصرين: عصر انتهى وانهارت أسس ودعائم وجوده، وعصر قادم لم تتضح معالمه وآفاقه بعد.
تعيش منطقتنا بكل مكوناتها وتلاوينها هذه الفترة القاتمة، وهي تفرض على النخب الفكرية والثقافية والوطنية التخلي عن منطلقاتها ودعائم تفكيرها اللتان اعتادت على محاكمة الأمور من خلالهما، ومحاولة البحث عن أسسٍ جديدةٍ لبناء منظومة فكرية ومنهج جدلي يتوجب اعتماده في قادم الزمن.
يندرج ضمن تلك المراجعة أساليب وممارسات العمل السياسي وفي جملتها بالطبع مفرزات تلك المرحلة البائدة من أحزاب وتنظيمات وهياكل باءت جميعها بالفشل الذريع في تحمل مسؤوليتها وساهمت، كل منها في موقعه، بوصول هذه المنطقة إلى ما هي فيه اليوم.
هذا يشمل، دون استثناء، الأطر التي تحركت ضمنها القوى المختلفة التي ظهرت على سطح الأحداث خلال قرن مضى، سواء منها الكردية أو العربية، الدينية أو العلمانية، القومية أو الاجتماعية، الموالية أو المعارضة لهذا النظام أو ذاك.
يشمل ذلك بطبيعة الحال لفظ كل إيديولوجيا شكلت غطاء وواجهة لتلك القوى كافة.
ليس من السهل على المرء بطبيعة الحال التخلي طوعاً عما شكّل بالنسبة إليه أساس تفكيره وممارساته ورؤاه، بيد أن مجرد نظرة موضوعية إلى الوراء ستدفعنا دون شك إلى الخوض في غمار هذه التجربة غير المسبوقة.
لقد انتهى عصر الإيديولوجيات ومعه عصر الدول “الوطنية”.
الهوية الوطنية تصنعها الجغرافيا السياسية، وكل هوية بنيت على أسس مختلفة (إثنية، عرقية، قومية، دينية، طائفية،….) ستكون لغماً قابلاً للانفجار في أي وقت، سواء على الداخل أو على المحيط، أو على كليهما.
10 هل ستقسم سوريا؟ ولصالح من؟
لم يشكل السوريون كيانهم بمحض إرادتهم بل فرض عليهم فرضاً من الخارج، وهذا ما قصدته في جوابي على السؤال السابق بمصطلح “الجغرافيا السياسية”؛
بنفس المنطق، لن يكون للسوريين دور في تقسيم سوريا، ولا دور في إعادة توحيدها (هي اليوم مقسمة بالفعل!)، وفي كلتا الحالتين لن يكونوا هم المستفيدين دون أدنى شك.
11 هل سيرجع السوريون يوماً؟ وهل هناك مكان في سوريا لمن هم خارج النظام ومعارضين له؟
تعلمنا تجارب من سبق السوريين في معاناة ظروف الهجرة والتهجير(الفلسطينيين على سبيل المثال) صعوبة العودة، بل استحالتها لمن تمكن من ترتيب ظروف حياته في المهاجر، وهذا ما يعوّل عليه النظام حين أطلق رئيسه مقولتي (المجتمع المتجانس) و (سوريا المفيدة)، وكرس ذلك بعبارات واضحة ومستفزة في خطاب انتصاره على الشعب، بعد رمزية إدلائه بصوته فوق جثث شهداء الكيماوي في مدينة دوما.
12 من يمثل الضمير السوري اليوم؟
سوريا نفسها اليوم لم تعد موجودة، فكيف نتحدث عن ضمير لها؟
13 كل من خرج من البعث على البعث لم يعترف بخطأ انتمائه للبعث من خدام إلى حجاب؟ لماذا؟
الحقيقة أنني لم أجد جواباً ملائماً لهذا السؤال يضمن عدم الخروج عن حدود اللياقة وآداب الحوار!ِ
“بيروت اوبزرفر”