عقدت محكمة فرانكفورت الإقليمية العليا، في ألمانيا، أمس، الجلسة الثانية من محاكمة الطبيب علاء موسى بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وقتل وتعذيب مرضى في كل من المشافي العسكرية السورية في حمص ودمشق وسجن المخابرات العسكرية 261 في حمص، بسبب معارضة هؤلاء المرضى للنظام السوري.
محاكمة شابة انضمّت في سنّ الـ15 لتنظيم الدولة في سوريا
وبدا المتهم مربكاً في إجابته على أسئلة القضاة، نافياً أن يكون قد عذب أحداً من المتظاهرين السلميين، وقال عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين وعضو الفريق الذي يعمل على المسار القضائي الخاص بملاحقة مرتكبي الانتهاكات الخطيرة في سوريا، ميشال شماس في اتصال مع «القدس العربي» إن الجلسة بدأت باستجواب المتهم من قبل قضاة المحكمة، ورد موسى خلال الجلسة على التهم الموجهة له بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، قائلا إنه طبيب مدني مسيحي، من عائلة مدنية، وكان يعمل في المستشفى الفرنسي بدمشق وهو مستشفى مسيحي.
وحول عمله في مستشفى حمص العسكري، قال المتهم «أثناء عمله في مستشفى حمص العسكري كان يتم إحضار متظاهرين إلى المشفى معصوبي الأعين والرأس ومرقمين بأرقام ولا يعرف أسماءهم. وكان عمله يقتصر على توزيع المرضى» وعندما سئل عن سبب إحضار هؤلاء المتظاهرين إلى المشفى العسكري بدون مذكرات قضائية أجاب بأنه لا يعرف. وغير مسموح له التحدث معهم.
وإزاء شعوره وهو يشاهد المتظاهرين بهذا الشكل، قال الطبيب إنه مدني ولا يتبع لأي جهة سياسية، وبجوابه عن التظاهرات، قال «إنها أصبحت عنيفة بعدما كانت سلمية، حيث ضرب المتظاهرون الجيش بالحجارة ورفعوا شعار العلوي ع التابوت والمسيحي على بيروت». وعند ذلك تحول موقفه إلى جانب النظام وضد المتظاهرين، وفق قوله.
وقال المحامي وعضو الفريق الذي يعمل في المسار القضائي الخاص بملاحقة مرتكبي الانتهاكات الخطيرة في سوريا، ميشال شماس، إن القضاة ركزوا في أسئلتهم خلال الجلسة، على عمل المتهم في مشفى حمص العسكري، بينما رد المتهم بنفسه على الأسئلة بخلاف محاكمة أنور رسلان حيث كان محاميه يتولى الرد.
«قيصر»
وسأله القاضي فيما إذا كان قد شاهد صور قيصر أو يوافق عليها، قال موسى بأنه لا يوافق عليها، وهي صور غير صحيحة، واستناداً إلى معطيات الجلسة، رجح شماس أن ينال المتهم عقوبة السجن المؤبد والمشدد.
وكانت قد بدأت في فرانكفورت في التاسع عشر من شهر كانون الثاني الجاري، الجلسة الرئيسية في محاكمة علاء موسى بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم أخرى.
ووفقاً للمركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية، فقد حضر الجلسة الأولى التي استمرت حوالي الثلاث ساعات، مجلس الشيوخ المؤلف من خمسة قضاة، والمتهم مع محامي دفاعه الثلاثة، وممثلان للنائب العام في المحكمة الاتحادية العليا.
ودخل المتهم مطأطأ الرأس، إلا أنه سرعان ما خلع سترته الشتوية ورفع رأسه بعد خروج كوادر التصوير عند إعلان البدء بالجلسة، وظهر حينها للحضور متأنقاً مرتدياً بزَّة رسمية.
بعد ذلك تلا ممثلو النائب العام لائحة الاتهام التي ورد فيها 18 تهمة تضمنت تعذيبه لمعتقلين في عامي 2011 و2012، في كُلٍّ من المشافي العسكرية السورية في حمص ودمشق وسجن المخابرات العسكرية 261 في حمص، بسبب معارضتهم للنظام السوري، كما اتهم أيضًا بإلحاق أذى جسدي وعقلي جسيم بهم.
محاكمة شابة «الدولة»
كما مثلت شابة ألمانية سافرت إلى سوريا عندما كانت في الخامسة عشرة من عمرها للانضمام إلى تنظيم الدولة، أمام محكمة في شرق ألمانيا الثلاثاء لمحاكمتها بتهم المساعدة والتحريض على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
وانطلقت محاكمة ليونورا ميسينغ البالغة 21 عاماً أمس، في مدينة هاله في شرق ألمانيا بتهمة استعباد امرأة أيزيدية في سوريا عام 2015، جنباً إلى جنب مع زوجها الذي كان منتمياً إلى تنظيم الدولة. وخلال مدة المحاكمة التي تجري خلف أبواب مغلقة ويتوقع أن تستمر حتى منتصف أيار/مايو على الأقلّ، ستواجه ميسينغ أيضاً تهمتَي الانتماء إلى منظمة إرهابية وانتهاك قانون الأسلحة.
وطرحت هذه القضية البارزة تساؤلات في ألمانيا حول الأسباب التي أدّت إلى تحوّل مراهقة من بلدة صغيرة ريفية إلى التطرّف والانضمام لتنظيم متشدّد، علماً أنّ أقرب مسجد يبعد خمسين كيلومترًا عن بلدتها. وهربت ميسينغ من منزلها إلى الجزء الذي يسيطر عليه تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا في آذار/مارس 2015.وبعد وصولها إلى الرقة التي كانت آنذاك «عاصمة» لتنظيم الدولة في سوريا بحكم الأمر الواقع، أصبحت الزوجة الثالثة لمواطن ألماني يتحدر من منطقتها. واكتشف والد ميسينغ، وهو خبّاز من قرية برايتنباخ الألمانية، اعتناق ابنته الإسلام المتطرف بعدما فتح جهاز الكمبيوتر الخاص بها وقرأ دفتر يومياتها بعد اختفائها. وبعد ستة أيام من اختفائها، تلقّى والدها رسالة تبلغه بأنّ ابنته «اختارت الله والإسلام» وأنّها «وصلت إلى الخلافة». وقال والدها مايك ميسينغ لمحطة «إم دي ار» الإقليمية عام 2019 «لقد كانت تلميذة مجتهدة».
وأضاف «اعتادت الذهاب إلى دار عجزة لتقرأ قصصاً للمسنّين. شاركت في الكرنفال بصفتها قائدة فرقة موسيقية. وكانت تلك المرة الأخيرة التي رآها كثر من الأشخاص الذين نعرفهم». لكن الفتاة كانت تعيش حياة مزدوجة وكانت تزور، على ما يبدو دون علم والديها، مسجداً في مدينة فرانكفورت (غرب) كان يخضع لمراقبة الاستخبارات الألمانية المحليّة.
وهي من بين أكثر من 1150 إسلامياً غادروا ألمانيا منذ عام 2011 إلى سوريا والعراق، وفق الحكومة الألمانية. ويقول المدّعون العامّون إنّ ميسينغ انخرطت في عملية اتجار بالبشر بعدما «اشترى» زوجها امرأة أيزيدية تبلغ 33 عاماً ثم «باعها». وانتهى الأمر بميسينغ التي أنجبت طفلتين، محتجزة في معسكر يسيطر عليه الأكراد في شمال سوريا.
“القدس العربي”