قال فرهاد الشامي المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في تغريدة على تويتر إن القوات التي يقودها الأكراد استعادت السيطرة بالكامل على سجن الصناعة في مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا أمس، وإن جميع مقاتلي تنظيم «الدولة» (داعش) الباقين استسلموا حسب وكالة رويترز.
وصرح مسؤولون لرويترز أن 200 على الأقل من نزلاء السجن والمتشددين و30 من أفراد قوات الأمن لاقوا حتفهم منذ هاجم مقاتلو تنظيم «الدولة» السجن يوم الخميس الماضي في مسعى لإطلاق سراح أعضاء التنظيم. ولم يرد في البيان ذكر لعدد 850 طفلاً وقاصراً حوصروا في تبادل إطلاق النار عندما بدأت قوات سوريا الديمقراطية، بدعم من قوات أمريكية، اقتحام السجن يوم الاثنين. وعبرت الأمم المتحدة ومنظمات إغاثة دولية عن خوفها على مصير القصر الذين يعيشون إلى جانب نحو خمسة آلاف سجين بالسجن المكتظ.
هدوء حذر
ووسط استعصاء متواصل لمعتقلي تنظيم الدولة «داعش» منذ الهجوم الذي شنته خلايا التنظيم الخميس الفائت، تواصل «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، لليوم السابع على التوالي فرض حصارها على سجن الصناعة في الحسكة شمال شرقي سوريا، وسط هدوء نسبي، يتخلله قصف وتحليق لمروحيات التحالف الدولي في أجواء المنطقة.
الأكراد قالوا إنهم استعادوا السيطرة على الموقف ومقتل 200 من التنظيم
ويتزامن الهدوء الحذر مع مفاوضات مستمرة بين التحالف الدولي وعناصر التنظيم داخل السجن، وقال مصدر عسكري تابع لقوات «قسد» لـ «القدس العربي» فضل حجب هويته لدواعٍ أمنية إن مفاوضات الأربعاء أسفرت عن «إطلاق سراح نحو 200 عنصر من تنظيم الدولة، تم تسريبهم نحو البادية، مقابل إفراج الأخير عن 23 عنصر من قسد». وكشف المصدر في اتصال مع «القدس العربي» أن مفاوضات أمس «أسفرت عن إطلاق 9 عناصر من قسد مقابل 45 عنصراً من تنظيم الدولة، أي 5 عناصر من التنظيم مقابل عنصر واحد من قوات قسد».
وحول المفاوضات الجارية قال المتحدث «لم يزل هناك 5 عناصر لقوات قسد محتجزة لدى عناصر تنظيم الدولة داخل السجن، حيث يتم التفاوض عليهم، ويشترط تنظيم الدولة السماح لكامل عناصر في السجن والذي يقدر عددهم بـ 500 عنصر بالفرار في اتجاه البادية السورية، مقابل الإفراج عن عناصر قسد المتبقيين لديه كرهائن».
يأتي ذلك بينما يسود هدوء حذر، في الأحياء الجنوبية من المدينة وفي محيط السجن، بينما تخلل هذا الهدوء خلال الساعات الفائتة، «عدد من العمليات التي نفذها تنظيم الدولة ضد قوات قسد غرب مدينة دير الزور، وشرقها، كما امتدت العمليات إلى محيط سجن الصناعة، وسط استسلام بعض عناصر التنظيم المحاصرين في سجن الصناعة» وفق المصدر الذي أضاف أن «الاستعصاء متواصل» مرجحاً أن يتم التوافق بين الطرفين على خروج المزيد من عناصر تنظيم الدولة إلى البادية خلال الساعات القادمة.
تزامناً، قالت مصادر إعلامية تابعة لقوات سوريا الديمقراطية، أن قسد تمكنت من السيطرة على ثمانية مهاجع داخل سجن الصناعة، بالتوازي مع تواصل قواتها ووحدات مكافحة الإرهاب عمليات تمشيط للأحياء المجاورة السجن، بحثاً عمن فر من منفذي هجوم الخميس، معلنة استسلام المئات من عناصر تنظيم «داعش» في سجن الصناعة لقواتها.
وقال الناطق الرسمي باسم لواء الشمال الديمقراطي المنضوي ضمن «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في الرقة، محمود حبيب، الأربعاء، أنه لا يمكن لخلايا تنظيم الدولة (داعش) أن تسيطر مجدداً على الأرض حتى مع هجمات العصابات التي ينفذها مؤخراً. وعلل حبيب ذلك بأن المجتمعات المحلية لم تعد تتأثر بخطاب التنظيم، «بعد أن انكشف كذبه وخداعه وبحثه عن السلطة والمال» مضيفاً أن «الخلايا النائمة للتنظيم تحاول إثارة الفوضى الأمنية واستغلالها لتنفيذ مخططات تخريبية».
وتشهد مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا، منذ العشرين من الشهر الجاري، اشتباكات متقطعة بين قوات سوريا الديمقراطية وقوى الأمن الداخلي بمساندة التحالف الدولي من جهة، وخلايا تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) من جهة أخرى، في محيط سجن الصناعة بحي غويران. وأشار حبيب إلى أنه لا يمكن لقوى التحالف الدولي أن تتخلى عن المساندة في حرب الإرهاب، بعد أن أدركت أن هذه المسألة ما تزال تؤثر على الأمن والسلم الدوليين.
قلق على المدنيين
في غضون ذلك، عبّرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، عن «بالغ القلق إزاء احتدام العنف في الأيام الأخيرة في محيط سجن الصناعة في مدينة الحسكة»، داعيةً إلى إتاحة سبل وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق لضمان حصول المحتاجين على المساعدات الطارئة.
وقالت «اللجنة»، في بيان على موقعها الرسمي، أمس «اضطر عشرات الآلاف من الأشخاص إلى الفرار من ديارهم والتماس الأمان في مناطق مجاورة، في أعقاب التصعيد العنيف الذي شهدته الحسكة».
وقال رئيس بعثة اللجنة الدولية في سوريا كريستوف مارتن، إنه مع انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في شمال شرقي سوريا، «فإننا نشعر بقلق بالغ إزاء وضع الأشخاص الذين اضطروا إلى الفرار من ديارهم والذين يحتاجون إلى المأوى والغذاء والمياه والخدمات الصحية، وقبل كل شيء إلى بيئة آمنة تحتضنهم». وتابع «مارتن» قائلا «يجب تجنيب الأشخاص غير المشاركين في القتال الضرر قدر الإمكان».
وأعربت «اللجنة» عن مخاوفها إزاء «الأعمال العدائية التي تدور في مناطق مكتظة بالسكان». وحثت «جميع الأطراف على اتخاذ جميع التدابير الممكنة لاحترام المدنيين والأعيان المدنية، والسماح بمرور إمدادات الإغاثة الإنسانية غير المتحيزة وتيسير مرورها على وجه السرعة وبدون عوائق، بما يتماشى مع القانون الدولي الإنساني». وأكدت «على وجوب معاملة الأشخاص الذين لا يشاركون في الأعمال العدائية أو كفوا عن المشاركة فيها، مثل الجرحى والأشخاص المحرومين من حريتهم والمدنيين، معاملة إنسانية في جميع الظروف وبدون أي تمييز يُلحق بهم الضرر».
إخلاء نقاط
تزامناً، أخلت قوات النظام السوري، الثلاثاء، نقاطاً عسكرية تابعة لها في سبع قرى في ريف الرقة الجنوبي الغربي شمالي سوريا، وقال مصدر محلي في ريف بلدة المنصورة الجنوبي، إن النقاط العسكرية التي أخلتها قوات حكومة دمشق تقع في بادية الرصافة وتبعد نحو 65 كيلومتراً جنوب غربي الرقة.
وأضاف المصدر لوكالة «نورث برس» التابعة لقوات قسد، أن إفراغ القرى السبع من القوات الحكومية، أثار قلق السكان من تحرك خلايا لتنظيم الدولة (داعش) في المنطقة تزامناً مع أحداث سجن الصناعة بالحسكة. وخلال السنوات القليلة الماضية، تكررت هجمات خلايا «داعش» على نقاط تمركز قوات النظام، في بادية الرصافة جنوب بلدة المنصورة، وغالباً ما كان يتبعها استهداف من الطيران الحربي الروسي.
وقال مصدر في «قسد» إنهم شددوا من إجراءاتهم العسكرية على الحدود الإدارية للمناطق التابعة للإدارة الذاتية في ريف الرقة الجنوبي الغربي. كما أعلن مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية، فرهاد شامي، عن اتخاذ القوات تدابير احترازية في محيط الرقة. وأشار إلى أن انسحاب القوات الحكومية يأتي بالتزامن مع الهجوم على سجن الصناعة في الحسكة، واعتبر أن أسباب الإخلاء مشكوك فيها، وأن القوات اتخذت الإجراءات الاحترازية لمنع «داعش» من الاستفادة من عمليات الإخلاء وتشكيل خطورة على محيط الرقة.
“القدس العربي”