ترجمة: عبد الحميد فحام
بقلم: هانّا نوتي (حاصلة على درجة الدكتوراه. هي باحثة بارزة مشاركة في مركز فيينا لنزع السلاح وعدم الانتشار.)
بغض النظر عن كيفية سير الأمور في أوكرانيا على المدى القريب، يبدو من المؤكد تماماً أن روسيا والغرب سيجدان نفسيهما عالقين في مواجهة طويلة الأمد لسنوات قادمة. فهل ستكون المواجهة عالمية أم محصورة في أوروبا فقط؟ هل ستكون شاملة أم محدودة؟ وهل ستنظمها بعض القواعد أم ستكون فوضوية تماماً؟ عندما تبدأ الإجابات على هذه الأسئلة في التبلور، سيكون الشرق الأوسط منطقة رئيسية تستحق المُتابعة.
تُقدّم الحرب السورية وملف إيران حالات اختبار جيدة لتقييم كيفية تأثير المواجهة الروسية الغربية الجديدة على الشرق الأوسط. ففي سورية، تنافست روسيا والغرب في السنوات الأخيرة على النفوذ، وتجنّبوا الاشتباكات لكي يتجنّبوا الصراع، بينما يتعاونون بشكل انتقائي في مكافحة الإرهاب والقضايا الإنسانية والعملية السياسية تحت رعاية الأمم المتحدة. وفيما يتعلّق بإيران، فقد تمكّنوا من عزل التعاون في الملف النووي حتى وسط التوترات المتزايدة المحيطة بأوكرانيا، لكنهم فشلوا في توحيد الجهود في معالجة أجندة إقليمية أوسع للحد من التسلّح.
من المرجح أن تسعى روسيا إلى تجنّب التعرّض لضربات مع قوات الناتو في سورية بينما يظلّ جيشها ملتزماً بالكامل داخل أوكرانيا. ومع ذلك، فإن إيماءة روسيا السابقة إلى الضربات الأمريكية لمكافحة الإرهاب في سورية، أو القبول بالتدفقات المحدودة للمساعدات الإنسانية الدولية إلى شمال غرب البلاد، يمكن أن تتغير. وقد تتكلّل استعادة الاتفاق النووي الإيراني بالنجاح، لكن الجهود الإضافية للسيطرة على الأسلحة الإقليمية قد تتراجع وسط المراوغة الروسية وانشغالات الولايات المتحدة في أماكن أخرى. بشكلٍ عام، تشير الملفات السورية والإيرانية إلى أن المواجهة الروسية الغربية المتزايدة ستظهر على الأرجح في الشرق الأوسط من خلال مزيج من النفور من المواجهة العسكرية المباشرة، مع احتدام المنافسة وتقلّص فرص التعاون.
تكثيف الجهود في سورية؟
وضع التدخّل الروسي في سورية في شهر أيلول/ سبتمبر من عام 2015 الأساس لوجود عسكري مُستدام في بلاد الشام. وقد سمحت عمليات انتشار قواتها التي تستهدف منع الوصول للمنطقة أو هدفها فرض منطقة محظورة في ميناء طرطوس البحري وقاعدة حميميم الجوية للجيش الروسي بإنشاء منطقة عازلة على طرفها الجنوبي والإشارة إلى أن لديها القدرة على صدّ قوات الناتو خارج أوروبا. التدريبات الروسية في شرق البحر الأبيض المتوسط الصيف الماضي، والتي تضمّنت قاذفات من طراز Tu-22M3 وصواريخ اعتراضية من طراز MiG-31K مع صواريخ Kinzhal الباليستية التي تُطلق من الجو، كانت بمثابة تذكير بأن روسيا يمكنها بسرعة نشر أصول بحرية وجوية خطيرة في سورية. قبل عشرة أيام من غزوها لأوكرانيا أعادت روسيا نشر نفس الأنظمة في المنطقة. وقد أدّى استعراض العضلات العسكري الروسي إلى تعقيد عمليات القوات البحرية والجوية لحلف الناتو، نظراً لاحتمال حدوث اعتراضات غير آمنة وغير مهنية أو أعمال عدوانية من قبل القوات الروسية. وفي حين شهد عام 2021 انخفاضاً في حوادث حافة الهاوية بين القوات الروسية والأمريكية في شمال شرق سورية، إلا أن الولايات المتحدة اشتكت من زيادة حدوث المضايقات الروسية في الأسابيع التي سبقت غزو أوكرانيا.
الآن بعد أن التزمت روسيا بالزجّ بالجزء الأكبر من جيشها في الحرب الفعلية تجاه أوكرانيا وتواجه حرب استنزاف، يجب تقليل مخاطر خوضها معركة مع القوات الأمريكية في سورية في المستقبل القريب. فعلى الرغم من أن روسيا تحتفظ من الناحية الفنّيّة بالقدرة على “الهجوم” في سورية عبر الأصول الجوية والبحرية الحالية، إلا أنها في وضع أضعف للقيام بذلك منذ غزو أوكرانيا، حيث تسعى الآن بشكل يائس لاكتساب الزخم. وتشير التقارير التي تتحدث عن تجنيد روسيا للمقاتلين السوريين في حرب المدن في أوكرانيا إلى النقص الذي يواجهه الجيش الروسي. وفي ظل هذه الخلفية، فإن الاصطدام مع القوات الأمريكية أو التركية في شمال سورية سيأتي الآن بمخاطر أكبر بكثير لروسيا. وفي الآونة الأخيرة، أشار الجنرال كينيث ماكنزي إلى أن القوات الروسية في سورية لم تُظهر أي علامات على نيّة تصعيد التوترات مع القوات الأمريكية هناك منذ غزو روسيا لأوكرانيا.
في حين أننا قد نرى مثل هذا النفور الروسي بمثابة مخاطرة على المدى القريب، فليس من المُسلّم به أن قبول موسكو لعمليات مكافحة الإرهاب الأمريكية سيصمد أمام اختبار الزمن. فلطالما عرقل التعاون الأمريكي الروسي في مكافحة الإرهاب بسبب الخلافات الصارخة حول المعارضة المُسلحة المناهضة للأسد، لكن روسيا امتنعت عادة عن تحدّي الوصول الجوي الأمريكي لشن ضربات مكافحة الإرهاب.
وقد مكّنت قنوات تفادي التضارب للأمن الجوي والعمليات البرية رؤية الجيش الأمريكي من العمل بأمان ضمن حدود معينة، على الرغم من أن البنتاغون كان مُصرّاً على أن مثل هذه الآليات لا تشكل تعاوناً مع روسيا.
وقبل أسابيع قليلة من الغزو الروسي لأوكرانيا، قتل الجيش الأمريكي زعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبو إبراهيم الهاشمي القرشي في غارة جوية، وأبلغ نظيره الروسي مسبقاً بالعملية المخطط لها. كما أشار ماكنزي إلى، “الضغط المستمر [لمكافحة الإرهاب] هو ما يمنع الجماعات من أن تكون قادرة على النمو، والتدريب، والتفكير في التآمر بما يتجاوز بقاءها المباشر، على سبيل المثال أعلى وأسفل وادي نهر الفرات في العراق وسورية.” إذا بقيت خلايا إرهابية في سورية، أو حتى استعادت قوتها، فإن قدرة أمريكا على الحفاظ على مثل هذا الضغط المستمر لن تصبح محلّ استنكار. وقد تمتنع روسيا، التي استهلكتها ساحة المعركة الأوكرانية بالكامل، عن تحدّي القوات الأمريكية في سورية على المدى القريب – نظراً للقيود على تأمين الموارد، والنفور من المخاطرة، وحقيقة أنه من غير الواضح كيف يمكن للعمل العسكري في خاصرتها الجنوبية أن يساعدها لقلب الموازين في أوكرانيا. ومع ذلك، بالنظر إلى وجهة النظر الأطول أجلاً، يمكن أن تصبح آلية تفادي التضارب بين الولايات المتحدة وروسيا في سورية ضحية للمواجهة المكثّفة والممتدة.
يمكن أن يؤثر الاحتكاك الروسي الغربي المتزايد سلباً على الوضع في سورية بطرق أخرى. وفي المستقبل، ستكون العواصم الغربية حريصة على زيادة تعقيد جهود روسيا لتطبيع موقف سورية في المنطقة، لأن مثل هذا التطبيع سيُعزز مكاسب روسيا من خلال تخفيف عبء تحمّل تكاليف إعادة الإعمار للبلد الذي مزّقته الحرب. كما سيتعرّض الغرب لضغوط شديدة لتخفيف الضغط على ملفّ سورية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، على الرغم من الشائعات التي تشير إلى عكس ذلك. وعلاوة على ذلك، لا ينبغي أن تميل روسيا ولا الدول الغربية إلى رؤية شركائهم من السوريين يتنازلون عن المفاوضات التي تقودها اللجنة الدستورية، التي تجتمع “هيئتها المُصغّرة” حالياً في جنيف.
ومن المعقول أيضاً أن تُوقف روسيا التعاون في الملف الإنساني. ففي الصيف الماضي، وافق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالإجماع على تمديد تفويض نقل المساعدات إلى سورية عبر معبر على الحدود مع تركيا، مُتخذاً القرار رقم 2585. في شهر تموز/يوليو، وسيتعيّن تجديد هذا القرار ولكن قد يؤدي الفيتو الروسي إلى تعجيل أزمة إنسانية تُعيق ملايين المدنيين السوريين. نأمل أن تعتبر موسكو أن آخر ما تحتاجه الآن هو أزمة إنسانية في سورية. إن المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في البلاد -حيث تَسبَّبَ عدم الاستقرار المُتقطع في حدوث صُداعاً للروس- من المرجح أن تواجه انخفاض إمدادات القمح الروسي نتيجة للحرب في أوكرانيا. وليس من المُسلّم به أن روسيا سترغب في تسريع أزمة الغذاء على نطاق أوسع من خلال إغلاق المساعدات عبر الحدود، خاصة إذا ظلّت نهاية الحرب في أوكرانيا بعيدة المنال. ولكن يوصي بعض المراقبين بإصلاح شامل لسياسة الولايات المتحدة تجاه سورية تجاه إستراتيجية “التجميد والبناء”، وهي إستراتيجية تتجاوز المساعدة الطارئة التكتيكية لتصل إلى تحقيق الاستقرار الإستراتيجي عبر شمال سورية. وسط مثل هذا الإصلاح الشامل، قد تبدو مشاريع “التعافي المُبكّر” الغربية في سورية التي تسيطر عليها الحكومة أقل قبولاً من الناحية السياسية. وقد تمّت المصادقة على مثل هذه المشاريع كجزء من تسوية صفقة شاملة في القرار 2585، بعد سنوات من المعاناة الغربية بشأن القلق من أن مثل هذه المساعدات ستشكل فعلياً مساعدة “تنموية” لدولة منبوذة. وفي المستقبل، يمكن إعادة النظر في أيٍّ من (و) جميع أشكال المساعدة الإنسانية لسورية من خلال عدسة المنافسة مع روسيا.
إيران مُلتهبة؟
في السنوات الماضية، ظلّت المشاركة الروسية الغربية بشأن الملف النووي الإيراني معزولة بشكل ملحوظ عن التوترات الأوسع نطاقاً، سواء خلال فترة ولاية الرئيس باراك أوباما الثانية، أو حتى عام 2021. وحتى عندما غزت روسيا أوكرانيا في أواخر شباط/فبراير، شرع دبلوماسيوها ونظرائهم الغربيون في إجراء محادثات فيينا، التي كانت تهدف إلى استعادة الاتفاق النووي الإيراني، والتي كانت تسير بلا انقطاع إلى حد كبير. وقد كان استمرار هذا العزل موضع شك عندما فاجأت موسكو واشنطن وأغضبت إيران بمطالبة الولايات المتحدة بضمانات مكتوبة بأن التجارة والاستثمار والتعاون العسكري التقني الروسي مع طهران لن تعرقله العقوبات المفروضة عليها بسبب أوكرانيا. يبدو أن روسيا تراجعت عن خطابها الضاغط منذ ذلك الحين، لكن استعادة الاتفاق النووي لا تزال مُعلقّة. حتى لو تمكنت روسيا ونظراؤها من دفع هذه الصفقة بقصد إتمامها، فإن التوترات في أوروبا يمكن أن تؤثر على رغبة جميع الأطراف لمنع المزيد من الانتشار النووي أو الصاروخي في الشرق الأوسط.
في الماضي، كان التعاون بين الولايات المتحدة وروسيا مفيداً لتحقيق مكاسب في الحدّ من التسلّح في المنطقة. وعلى الرغم من أن موسكو وواشنطن غالباً ما اختلفتا حول التوازن الصحيح بين مبدأَي العصا والجزرة في التعامل مع اللاعبين الرافضين لعدم انتشار التسلّح، إلا أن المبادرات السابقة -مثل مجموعة عمل الحدّ من التسلّح والأمن الإقليمي في التسعينيات، أو مشاورات غليون/ جنيف في عامَيْ 2013 و 2014- استفادوا من القيادة الأمريكية والدعم الروسي. وفي غياب القيادة الأمريكية، كانت المبادرات عادةً ما تكافح من أجل أن تكون ملائمة. ومن الأمثلة على ذلك مؤتمر الأمم المتحدة بشأن إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط.
وسط مواجهة جديدة في أوروبا، قد تكون روسيا أقلّ ميلاً لدعم المبادرات التي يقودها الغرب للحدّ من التسلّح في الشرق الأوسط. ومن المؤكد أن موقفها المتضارب من التهديدات الصاروخية والوكيلة الإيرانية ليس بالأمر الجديد، وقد ترسخ في الحسابات القائلة بأن هذه التهديدات يمكن أن تصبّ في مصلحة موسكو. وقد اعتبر الكرملين إستراتيجية “الدفاع الهجومي” لطهران ملائمة، من حيث إنها تثير مخاوف الولايات المتحدة بينما تسمح لموسكو بالظهور كوسيط إقليمي رئيسي. إن تجاوز إيران أو وكلائها ودعوتهم إلى التصعيد العسكري الصريح لن يكون في مصلحة روسيا الآن، في حين أن مواردها الدبلوماسية والعسكرية تستهلك في مناورة بوتين في أوكرانيا. في الوقت نفسه، سترى موسكو حافزاً ضئيلاً للغاية للعمل مع الغرب تجاه أكثر عمليات الحد من التسلّح الإقليمية تواضعاً وتزايداً في أي وقت قريب.
على خلفية حرب أوكرانيا، يمكن أن تتضاعف نزعة روسيا الفاترة تجاه دعم الحدّ من التسلّح في الشرق الأوسط بسبب انخفاض تواجد الولايات المتحدة. بالفعل في السنوات الأخيرة، كانت جهود الدول الإقليمية لتحقيق التوازن بين الولايات المتحدة وروسيا والصين مدفوعة إلى حد كبير بتصورات عن اهتمام الولايات المتحدة المحدود بالشرق الأوسط أو السياسات غير المتوقعة في الشرق الأوسط. وقد أثار تعامل واشنطن الملحوظ مع الملف النووي الإيراني وعدم قدرتها على صدّ الوكلاء الإيرانيين، فضلاً عن فشلها في قلب الموازيين في الحرب السورية، قلق دول الخليج العربي وإسرائيل. وقد أدّى الانسحاب العسكري الأمريكي من أفغانستان والخليج والعراق إلى زيادة تضخيم تصوّر وجود محور أمريكي في الشرق. بعد أن سعت طويلاً إلى فرص تحرير الموارد لمسرح المحيطين الهندي والهادئ، قد تشعر الولايات المتحدة بدافع أكبر لتحقيق موقف منخفض التكلفة في الشرق الأوسط، الآن بعد أن أشعلت الحرب في أوكرانيا منافسة القوى العظمى في أوروبا.
هل يمكن لمزيج من المراوغة الروسية وصرف انتباه الولايات المتحدة أن يجبر الخصوم الإقليميين على متابعة الحدّ من التسلّح وبناء الثقة بشكل أكثر استباقية؟ كان تصوّر انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة هو الدافع جزئياً للعديد من الدول العربية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية.
وقد كان مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة في آب/ أغسطس الماضي والمحادثات الإيرانية السعودية بمثابة مؤشرات أخرى على الإدراك المتزايد بين دول المنطقة بأنها بحاجة إلى التحدث مع خصومها بدلاً من مجرّد تعزيز قدرات الردع. غير أن التطورات التي حدثت منذ غزو أوكرانيا تثير الشكوك حول مدى قوة هذا الإدراك سواء كانت الضربات الإيرانية الأخيرة على أهداف إسرائيلية في أربيل، أو تعليق المحادثات الإيرانية السعودية، أو هجوم الحوثيين يوم الجمعة على مستودع نفط في مدينة جدة السعودية. وفي غضون ذلك، تُحذّر الولايات المتحدة من أن روسيا (والصين) ستسعيان إلى الاستفادة من أي فرص تتيحها تصورات الولايات المتحدة عن فك الارتباط عن الشرق الأوسط وسط مواجهة مكثّفة بين القوى العظمى.
لا تكن متفائلاً
بافتراض أن روسيا والغرب قد دخلوا حقبة جديدة من المواجهة المُطوّلة والمُتصاعدة، فإن شهيتهم لأخذ هذه المنافسة إلى الشرق الأوسط، وعزل التعاون في الأمور المُلحّة هناك، وتحرير الموارد للبقاء في المنطقة ستؤثر على الاستقرار من أجل أن يكون أفضل أو أسوأ. في هذا السياق، تقدم سورية وإيران حالات اختبار مفيدة لتقييم ما يمكن توقعه. ففي سورية، ينبغي للمخاوف الروسية من “الإرهاق” أن تدفع جيشها إلى الامتناع عن تصعيد التوترات في المستقبل المنظور. ومع ذلك، فإن تدفقات المساعدات الإنسانية، وجهود الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب، وكلّ ما تبقّى من العملية السياسية، يمكن أن تعاني جميعها مع تحوّل سورية إلى ساحة من المنافسة الروسية الغربية المتزايدة. فيما يتعلق بإيران، فإن المصير الذي سيتمّ تحديده قريباً للاتفاق النووي سيكون مؤشراً على قدرة “روسية-غربية” مشتركة على عزل الحدّ من التسلّح الإقليمي ومنع الانتشار في المستقبل.
“نداء بوست”