ترجمة: عبد الحميد فحام
بقلم: كايتي دو-ديفور (أستاذ جامعي)
من الأهمية بمكان التساؤل عن مشاركة الولايات المتحدة في الدول الأجنبية وعن المسؤوليات اللاحقة التي تتحملها الدولة لمساعدة اللاجئين. يفر الناس من إفريقيا والشرق الأوسط وأمريكا الوسطى من الحروب والكوارث التي كان للولايات المتحدة دور في تشكيلها.
ومع ذلك، عندما يُشوّه الإعلام الغربي تصوير النزاعات اعتماداً على السرد الذي يناسب مشاركة الولايات المتحدة في هذه الشؤون، فإنه يؤثر بشكل مباشر على مواقفنا تجاه اللاجئين.
الموافقة العامة على اللاجئين من الأزمة الأوكرانية الحالية تقف في تناقض صارخ مع الدعم العامّ للاجئين السوريين على مدى السنوات الإحدى عشرة الماضية.
فابتداءً من عام 2011، أجبرت الحرب السورية ما يقرب من 11 مليون شخص على الفرار من ديارهم، وتوجد الغالبية العظمى من اللاجئين في لبنان، وتركيا ومصر والأردن.
ومع ذلك، فإن هذه الدول تكافح مع نقص البِنْية التحتية اللازمة لدعم العدد الهائل من الناس. وخلال فترة إدارته، وعد الرئيس السابق باراك أوباما بقبول 10000 لاجئ في عام 2016.
وقد أصدرت قناة فوكس نيوز عدة مقالات بين عامَيْ 2016 و2017 تكرّس فيها أفكاراً خطيرة مفادها أن اللاجئين يمكن أن يكونوا مشاريع محتملة لداعش وأن يكونوا إرهابيين.
وبينما أبدت العديد من وسائل الإعلام تعاطُفها مع الأزمة السورية، إلا أن دول تلك الوسائل لم تكن لديها رغبة كبيرة في جلب أكثر من الحصة المعلنة إلى البلاد. وفي عام 2015، أصدرت بلومبيرج بوليتيكس استطلاعاً أظهر أن 53٪ من الأمريكيين يعارضون تماماً قبول أي لاجئين سوريين.
ومع ذلك، لم يكن الأمريكيون وحدهم من لديهم تصوّر سلبي حول قبول اللاجئين السوريين. فقد قامت المجر بإغلاق حدودها تماماً أمام اللاجئين السوريين، وألغت الدنمارك مؤخراً إقامات للاجئين السوريين.
إن تصوير وسائل الإعلام الغربية لسورية والتقارير العامة للوضع مختلف تماماً عما نسمعه عن أوكرانيا حيث يغوص مقال حديث في الواشنطن بوست عميقاً للحديث عن الخلافات والأخطار التي تختلف في تصويرها عن موقفنا العامّ تجاه الموقف في سورية.
قال تشارلي داغات، مراسل شبكة “سي بي إس”: “[أوكرانيا] ليست مكاناً، مع كل الاحترام الواجب، مثل العراق أو أفغانستان، الذي شهد صراعاً مستعراً لعقود”.
“هذه مدينة حضارية نسبياً، ومدينة أوروبية نسبياً -لا بد لي من اختيار هذه الكلمات بعناية أيضاً- حيث لا تتوقع أو تأمل أن يحدث لها ما حدث”.
إن من أوضح الفروق في التقارير الصحافية بين أوكرانيا وسورية هو طول فترة التغطية التي يلجأ إليه الصحافيون لضمان رؤية الأوكرانيين في ضوء إنساني. إن عدم قدرة، أو ربما رفض، وسائل الإعلام لتصوير الصراعات في الشرق الأوسط وأماكن أخرى بنفس الطريقة تؤثر بشكل كبير على كيفية فهمنا للصراعات والمواقف تجاه الفارين.
من الواضح أن الغزو الروسي لأوكرانيا يمثل أزمة إنسانية. فاعتباراً من هذا الأسبوع، قام أكثر من 3.6 مليون أوكراني بالفرار من أوكرانيا.
ويذهب غالبية الأوكرانيين إلى البلدان المجاورة مثل بولندا ومولدوفا، وسيبقى معظمهم داخل الاتحاد الأوروبي.
قال الرئيس بايدن في مؤتمر صحافي “سأرحب باللاجئين الأوكرانيين”. “يجب أن نرحب بهم هنا بأذرع مفتوحة إذا كانوا بحاجة إلى الوصول”.
كانت هناك استجابة ودعم واضح وموحَّد حتى داخل حرم جامعتنا. أرسلت كلية الشرف بجامعة مين مؤخراً رسالة بريد إلكتروني لإرشاد الطلاب حول أفضل طريقة لإظهار دعمهم لأوكرانيا خلال هذا الوقت.
يحتاج القراء والمواطنون إلى التعرُّف على العنصرية الصارخة الموجودة بين التغطية الإعلامية للأحداث في مواقع جغرافية مختلفة ومدى تأثيرها على الموقف تجاه اللاجئين.
إن مهمة المواطن هي أن يكون على دراية بالانحياز العالمي والمساواة -أو عدم وجودهما- في السياسات التي تعتمدها بلدنا.
ومع ذلك، فإن القضية تمتد إلى ما هو أبعد من كيفية تغطية وسائل الإعلام للأحداث الدولية. إن غياب التاريخ غير الغربي عن نظام التعليم العامّ لدينا هو فشل في الاعتراف بالدور الذي تلعبه أمتنا على المسرح العالمي. في النهاية، ما يفعله المرء بالمعلومات التي يستهلكها من مصادر مختلفة يمكن أن يؤثر على قرارات التصويت في الانتخابات التي نشارك فيها.
“نداء بوست”