شككت صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” الروسية بما ذكرته صحيفة “حرييت” التركية حول نوايا أنقرة التقرب من نظام رئيس النظام السوري بشار الأسد، مستغلة إنشغال روسيا بحربها في أوكرانيا، من دون أن تخفي انزعاج موسكو من الأسد، وخوفها من تفلته من سلطتها مؤخراً.
وقالت الصحيفة في تقرير بعنوان: “عملية روسيا العسكرية الخاصة أعطت سبباً للصلح بين أردوغان والأسد”، إن السلطات التركية كثفت عملها على استعادة العلاقات مع سوريا على خلفية الأحداث حول أوكرانيا، فقد أفادت بذلك صحيفة “حرييت” نقلا عن مصادر رفيعة المستوى.
ومن بين الأولويات، كما ذكرت الصحيفة التركية، التصدي لنفوذ التشكيلات الكردية في المناطق الشمالية الشرقية وعودة اللاجئين السوريين الذين يعيشون في الأراضي التركية إلى ديارهم، والاعتقاد في أنقرة أن تراجع العامل الروسي والإيراني خلق بيئة مناسبة للتقارب.
ونقلت “نيزافيسيمايا غازيتا” عن الباحث الزائر في معهد الشرق الأوسط بواشنطن والخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية أنطون مارداسوف قوله: “يتبين أن المعلومات الواردة في صحيفة حرييت مبالغ فيها. وربما تهدف إلى جس النبض”.
وأضاف مارداسوف “أظن بأن هناك الآن لحظة مؤاتية لانتقال العلاقات بين تركيا وسوريا إلى مستوى جديد، ولكن ليس لأن روسيا قد ضعفت أو ليس لديها ما تفعله”، مشيراً إلى أن “نقطة التركيز انزاحت قليلاً، وتراجعت الإدارة المباشرة التي يمارسها الكرملين في سوريا. المسألة في أن قضية دمشق باتت الآن على هامش جدول الأعمال العالمي”.
وقال: “القتال يدور في أوروبا وهذا يقلق العالم الغربي أكثر من سوريا التي تعب منها الجميع بعد 11 عاما من الحرب. الانزياح الإعلامي من الشرق الأوسط إلى أوروبا يهيئ لإجراء اتصالات”.
ورأى مارداسوف أن الاتصالات بين الإمارات وتركيا وبين الإمارات والأسد يمكن أن تلعب دورا في التقارب. وأضاف “أكثر ما يزعج موسكو هو أن النظام السوري أصبح أكثر حرية في أفعاله، وأصبح من الصعب للغاية السيطرة على اتصالاته. حتى إننا لا نعرف كيف تم ضمان أمن الأسد أثناء رحلته إلى الإمارات. وعادة ما كانت هذه القضية حكراً على موسكو”.
وكانت صحيفة “حرييت” المقربة من الحكومة التركية، قالت إن أنقرة ترى أن دورها في الأشهر الأخيرة وخاصة تجاه حل الحرب الأوكرانية وتركيز روسيا هناك، قد يكون توقيتاً جيداً لحل المشكلة السورية.
ونقلت كاتبة التقرير نوراي باباجان عن مصادر في أنقرة أن سياسة التوازن الحالية لتركيا، مهمة للعديد من الدول لا سيما الأوروبية منها، مضيفة أن “السياسة القائمة على التصالح قد تسهم في اتخاذ خطوات جديدة في مناطق المشاكل، وفتح فصول جديدة مع أرمينيا وإسرائيل وسوريا”.
ورأت الصحيفة أنه إذا سارت الأجواء بشكل صحيح، فقد تكون لصالح تركيا، لافتة إلى أن “هناك فرصة لاستعادة العلاقات مع النظام السوري وضمان عودة اللاجئين إلى بلادهم”. وأشارت إلى أن لدى تركيا ثلاثة شروط وهي الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وضمان أمن اللاجئين العائدين إلى بلادهم، وحزب “العمال” الكردستاني.
لكن صحيفة “الوطن” التابعة للنظام السوري نقلت عن مصادر في وزارة الخارجية نفيها صحة ما ورد في “حرييت” التركية. وقالت المصادر إن “دمشق لا يمكن أن تفكر بأي حوار” مع أنقرة، مشترطة كخطوة أولى لتحقيق ذلك “سحب قوات الاحتلال التركي الموجودة بشكل غير شرعي على الأراضي السورية، ووقف دعم الإرهابيين والكف عن الانتهاكات المتكررة بحق السوريين”.
“المدن”