انفجرت الازمة العراقية في الشارع، وتحولت المحافظات العراقية الى ساحة صراع أدت الى مقتل 12 شخصاً على الأقل، رغم الدعوات لضبط النفس، أبرزها من الولايات المتحدة والامم المتحدة والجامعة العربية، فيما تصاعدت التحذيرات من انزلاق البلاد الى حرب أهلية.
ولم يحل فرض حظر التجول الذي دخل حيز التطبيق في الساحة السابعة والنصف من مساء الاثنين، دون ارتفاع وتيرة العنف، واغلاق مواقع حيوية. واندلعت الاشتباكات بين المتظاهرين من أنصار زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر والقوى الأمنية، فيما أظهرت صور ومقاطع فيديو آليات تحمل مسلحين، قال ناشطون موالون لايران إنها عائدة لأنصار الصدر.
وحلت أجواء من الفوضى، عقب إعلان زعيم هذا التيار مقتدى الصدر استقالته من الحياة السياسية، إذ خرج أنصاره الى الشارع واقتحموا القصر الجمهوري ومقرات حكومية، فيما أعلن الجيش فرض حظر التجول في جميع أنحاء البلاد، بعد ساعات قليلة من حصره في العاصمة فقط.
وتدهور الوضع في وسط العاصمة العراقية بعد ساعة على اعلان الصدر اعتزاله. واقتحم المئات من أنصار التيار الصدري بعد الظهر مقر رئاسة الوزراء، وقال مصدر أمني لوكالة “فرانس برس” إن قوات الأمن تدخلت وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين عند مداخل المنطقة الخضراء المحصنة، فيما اجتاح أنصار الصدر غرف المكاتب وجلسوا على الأرائك أو قفزوا في المسبح أو راحوا يلتقطون صور “سيلفي”.
واشتبك شبان موالون للصدر خرجوا إلى الشوارع احتجاجا على قراره، مع أنصار جماعات مدعومة من طهران. وتبادل الطرفان الرشق بالحجارة خارج المنطقة الخضراء ببغداد التي تضم العديد من مقرات الوزارات والسفارات. وتحدث شهود لـ”فرانس برس” عن تبادل لإطلاق النار بين أنصار التيار الصدري وخصومهم في “الإطار التنسيقي” الذي يعد موالياً لإيران.
وقال مراسلون إن دوي إطلاق النار تردد في أنحاء وسط بغداد. وبدا أن بعضه نتج عن إطلاق أعيرة في الهواء، على الرغم من أن مصدر إطلاق النار لم يتضح بعد في بلد يعج بالأسلحة.
تصعيد خطير
ووصف المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ما يحدث في العراق بالتصعيد الخطير للغاية، ودعت بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) في بيان، المتظاهرين في المنطقة الخضراء في بغداد، الى إخلاء كافة المباني الحكومية فوراً، والسماح للحكومة بالاستمرار في مسؤولياتها بإدارة الدولة “خدمةً لشعب العراق”.
وحذرت من أن التطورات اليوم تصعيد بالغ الخطورة، وحثت الجميع على الاستمرار في السلمية والتعاون مع قوات الأمن والإحجام عن الأعمال التي قد تؤدي إلى سلسلة أحداث لا يمكن إيقافها.
وحثت البعثة الأممية الأطراف السياسية في العراق إلى العمل نحو تهدئة التوترات، واللجوء إلى الحوار باعتباره الوسيلة الوحيدة لحل الخلافات.
وضع مقلق
ووصف البيت الأبيض الوضع بأنه “مقلق” ودعا إلى الهدوء والحوار. كما وصرح جون كيربي، مسؤول الإعلام في مجلس الأمن القومي في البيت الابيض الاثنين بأن الولايات المتحدة تبدي “قلقها” حيال المعلومات عن تصاعد العنف في بغداد وتدعو الى “الهدوء” و”الحوار”.
ووصفت الجامعة العربية الوضع في العراق بالخطير ودعت لتغليب المصلحة الوطنية.
وقال القائم بأعمال السفارة البريطانية في بغداد جيمس داونر إن بلاده “قلقة من الأحداث التي يشهدها العراق، خاصة الأنباء عن وقوع ضحايا”، مضيفاً أنه “يجب الحفاظ على سلمية المظاهرات وعدم جر البلاد نحو العنف”، و”امتناع المتظاهرين عن اقتحام المباني الحكومية”.
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني صرح في وقت سابق اليوم بأن “الطريقة الوحيدة لتخطي الظروف التي يشهدها العراق هو الحوار والاعتماد على الدستور العراقي”، وأضاف المتحدث أن للعراقيين “الخبرة والأدوات القانونية للتغلب على الظروف الحالية”.
وأوردت وكالة الأنباء الإيرانية عن وزارة الداخلية الإيرانية أنه جرى إغلاق جميع المنافذ الحدودية مع العراق أمام المسافرين حتى إشعار آخر، وقال مطار الخميني الدولي في إيران إنه علق كل رحلات الطيران من طهران إلى بغداد حتى إعلان آخر.
ويشهد العراق أزمة سياسية زادت حدتها منذ 30 تموز/يوليو، حين بدأ أتباع التيار الصدري اعتصاماً لا يزال متواصلاً داخل المنطقة الخضراء، رفضاً لترشيح الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني لمنصب رئاسة الوزراء، وللمطالبة بحل مجلس النواب وإجراء انتخابات مبكرة.
“المدن”