البعث أصلاً لم يكن يوماً أكثر من قشرة خارجية لأمراض جوهرية لطالما عصفت بهذا المشرق، وهو لطالما أنجب مسوخه الإسلامية والقبلية، وهذا ما يعزز افتراض أننا في العراق وفي سوريا عرضة لاحتمالات البعث، أو ما بعد البعث، وما “جبهة النصرة” و”جيش الإسلام” و”داعش” والفصائل العراقية الشيعية المسلحة إلا من أعراض الـ”بوست بعث”.
دفع مقتدى الصدر مناصريه إلى التظاهر واحتلال المقار الحكومية الرسمية في بغداد، ثم عاد وقرعهم على ما أقدموا عليه، وطلب “الرحمة للشهداء” الذين فاق عددهم الثلاثين، سقطوا خلال مواجهات مع فصائل تدعمها وتسلحها إيران!
أقدمت تركيا على “خفض رواتب” أعضاء الائتلاف الوطني السوري من 4 آلاف دولار للعضو إلى ألفي دولار، وذلك تزامناً مع خطوات التقارب مع نظام دمشق!
لا تجمع بين الخبرين علاقة مباشرة، لكن المتأمل بأحوال العراق الذي يحكمه خصوم البعث من الأحزاب الشيعية، وبأحوال “البديل السني” للنظام في سوريا، لن يتمكن من مقاومة استنتاج مفاده أن البعث في البلدين أنجب خصومه، وقتل لدى ورثته أو الساعين إلى وراثته حساسية تحصنهم من السقوط بما سقط هو به من ارتهان وفساد واستبداد. البعث ليس حزباً، إنما هو اسم يتوج خراباً أحدثته الأنظمة العسكرية التي انقضّت على مجتمعاتنا في الخمسينات والستينات من القرن الفائت.