يحذر السلفيون المناهضون لهيئة تحرير الشام من غدر الأخيرة بالفصائل المعارضة والالتفاف عليها مجدداً في معاقلها في مدينة أعزاز شمالي حلب، وعموم المناطق المتاخمة لريف إدلب الشمالي، ومحاولتها التوغل مرة أخرى في حال هدأت التحركات العسكرية التركية في المنطقة، وإذا ما وقعت الفصائل في فخ تصفية الحسابات في ما بينها بسبب الانقسامات والاصطفافات التي اتسمت بها المواجهات العسكرية مع تحرير الشام في كفرجنة وعلى مشارف أعزاز منتصف تشرين الأول/أكتوبر.
إرسال انغماسيين
وقال السلفي المنشق السابق عن تحرير الشام أبو علاء الشامي على “تلغرام”، إنه لا يستبعد “أن يقوم أبو محمد الجولاني الذي يعشق سفك الدِماء بالتجهيز لأعمال عسكرية خلف الخطوط، بحيث يدخل مجموعات من الانغماسيين المغرر بهم للتسلل إلى داخل مدينة أعزاز للسيطرة عليها وسفك دماء الفصائل فيها وإدخال المرتزقة الأمنيين لاحقاً ليعيثوا في المدينة اعتقالاً وفساداً وإجراماً”.
السلفيون ليسوا وحدهم من يتوقعون غدر تحرير الشام بفصائل الجيش الوطني ونقض الاتفاق. وقال عضو مكتب العلاقات العامة في الفيلق الثالث هشام سكيف ل”المدن”، إن “الفيلق يتوقع الغدر في أي لحظة من قبل تحرير الشام، فالأخيرة لن تتخلى عن أطماعها هكذا ببساطة”. وأضاف أن “قرار إخراج تحرير الشام من منطقة عفرين جاء بناءً على تدخل حازم من الجيش التركي، لكن هناك مراوغة من قبل تحرير الشام التي لا تتقيد بتنفيذ التعليمات، والانسحاب الكامل، وتحاول إخفاء عناصرها مع حلفائها من الفصائل الذين قاتلوا معها”
وأوضح سكاف أن “التحركات والإجراءات العسكرية التركية في عفرين وفي المنطقة المتاخمة لمناطق سيطرة تحرير الشام شمال إدلب مهمة، ولكن هذا لا يعني انتهاء طموح أبو محمد الجولاني، لذا لا نستبعد أن تكون هناك محاولات أخرى، بأساليب وأدوات مختلفة ربما”.
وللحفاظ على بقاء أطول داخل منطقة عفرين، لا تعول تحرير الشام على حلفائها من الفصائل الذين تتخفى في مقراتهم وحسب، إنما تمتلك أيضاَ ورقة رابحة، وهي الجماعات السلفية الكردية المتحالفة معها، والتي تسهّل عليها التغلغل في الأوساط الاجتماعية ذات الغالبية الكردية في عفرين وريفها.
الجماعات الكردية
كما عملت تحرير الشام منذ أن دخلت عفرين بداية شهر تشرين الأول/أكتوبر، ومن خلال الجماعات السلفية الكردية، على الظهور بمظهر المخلص للأهالي الأكراد الذين يتعرضون هم وأملاكهم (عقارات وبساتين) لانتهاكات وتعديات مستمرة من قبل الفصائل.
وكان للجماعات السلفية الكردية دورٌ مهمٌ في القتال إلى جانب تحرير الشام أثناء توغلها في عفرين وصولاً إلى كفرجنة ومشارف أعزاز شمالي حلب، وذلك لأسباب عديدة، وهي أن الجماعات السلفية الكردية تتحدث اللغة التي يتحدث بها معظم سكان منطقة عفرين، ومعرفة معظمهم بطبيعة المنطقة والطرق فيها، بالإضافة إلى التكتيكات القتالية التي يفترض اتباعها في منطقة عفرين التي تشتهر بوعورة أراضيها، وكثرة المرتفعات والأحراج فيها.
ويضاف إلى ذلك تعاطف الجماعات الكردية مع مظلومية الأكراد في منطقة عفرين، وعموم مناطق سيطرة الفصائل في ريف حلب، ويتبنى طيف واسع من مقاتليها مشروع تحرير الشام الذي يرفع شعار التوحد، وخطابها الذي يتهم الفصائل بأنها تشكيلات عسكرية فاسدة تعمل على نشر الفوضى في مناطق سيطرتها التي ينعدم الأمن والأمان فيها إلى جانب غياب العدالة.
وتنقسم الجماعات السلفية الكردية في إدلب إلى أربع جماعات هي “حركة مهاجري أهل سنة إيران الكردية”، وهي تتبع لتحرير الشام، وينحدر معظم مقاتليها من مناطق شمال العراق وشمال إيران، وينتشرون في منطقة كبانة والمرتفعات بريف اللاذقية الشمالي، ويتزعم الحركة أبو صفية الكردي. أما الجماعة الثانية فهي “حركة صلاح الدين الكردي”، وينتشر مقاتلوها في منطقة جبل الأكراد بريف اللاذقية الشمالي، ومعظم مقاتليها ينحدرون من مناطق شرقي تركيا وشمال شرق سوريا، وهي من الجماعات المقربة جداً من تحرير الشام.
والجماعة الثالثة هي “الجبهة الإسلامية الكردية”، وهي جبهة مفتتة تضم مجموعة من الكتائب الصغيرة والتي كانت جزءاً من حركة أحرار الشام. ويتواجد حالياً قسم من مقاتليها في إدلب، وقسم آخر يتبع للقاطع الشرقي في أحرار الشام الذين ينتشر مقاتلوه في ريف مدينة الباب شمال شرق حلب.
والجماعة الرابعة هي جماعة “أنصار الإسلام”، وتضم في صفوفها سلفيين أكراد متشددين، وأشداء في القتال، وكانت قيادة الجماعة من المقربين من تنظيم “حراس الدين” ومن المعادين لتحرير الشام. وفي الغالب لم تشترك جماعة “أنصار الإسلام” في معارك تحرير الشام بمنطقة عفرين ضد الفيلق الثالث.
يبدو أن مخطط التوسع على حساب الفصائل المعارضة بريف حلب، ودمج المنطقة مع إدلب وإلحاقها بها مدنياً وعسكرياً ليس وليد الفترة الحالية، فتحرير الشام بدأت تروج للتوسع منذ منتصف 2021، وكان إعلام الجماعات السلفية الكردية، يروج لضرورة التوسع لرفع الظلم عن الأهالي المضطهدين ومنع الفوضى والفلتان الأمني.
“المدن”