كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” وفي تقرير أعده سومر سعيد وجارد ماسلين عن رفض مصر، طلب الولايات المتحدة بعدم السماح للطيران الروسي استخدام المجال الجوي المصري، وذلك نقلا عن مسؤولين أمريكيين ومصريين.
ويشير التقرير إلى أن الولايات المتحدة وأوكرانيا أقنعت دولا بما فيها تركيا والعراق الحد من وصول الطيران الروسي العام الماضي بعد الغزو في أوكرانيا، مما أجبر موسكو للطيران مسافة 2.000 ميلا إضافية أي مسافة خمس ساعات أخرى لكي تصل إلى قواعدها الإستراتيجية في سوريا. لكن مصر سمحت للطيران الروسي مما منح موسكو طريقا ملتويا وإن كان مؤكدا لكي تصل إلى قواعدها العسكرية في سوريا.
وقال مسؤولون أمريكيون ومصريون إن عددا من المسؤولين الأمريكيين طلبوا من مصر في شباط/فبراير وآذار/مارس منع الطيران الروسي الوصول إلى سوريا، لكن مصر لم ترد على الطلبات، حسبما قال المسؤولون وواصلت السماح للطيران الروسي. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ردا على سؤال من الصحيفة “لا نعلق على المحادثات الدبلوماسية الخاصة”، ولم ترد وزارة الخارجية المصرية على طلب للتعليق. في وقت سمحت فيه دول أخرى مثل السعودية للطيران الروسي استخدام أجوائها الجوية، فإن الدور المصري مهم بسبب مكانها الإستراتيجي كنقطة اختناق مرور تربط أفريقيا بآسيا.
ويعتبر المجال الجوي المصري قريب من اليونان، الدولة العضو في حلف الناتو والتي منعت الطيران الروسي. وتقول الصحيفة إن مصر سمحت لمزيد من الطيران الروسي كي يحلق فوق المجال الجوي المصري إلى سوريا في الأسابيع الأخيرة، حسب السجلات التي راجعتها “وول ستريت جورنال”، وتعتبر القواعد العسكرية الروسية هي القواعد الدائمة الوحيدة خارج الإتحاد السوفييتي السابق وتخدم كنقطة انطلاق للطيران إلى أفريقيا والكاريبي وما بعدها. وحلقت سبع طائرات عسكرية روسية في مدى أسبوعين بنهاية نيسان/إبريل وأيار/مايو وتظهر رحلتين بطائرتي أنطونوف- 124 من جنوب روسيا إلى سوريا وعادت إلى جنوب روسيا في البحر الأسود قرب شبه جزيرة القرم المحتلة. ثم طائرة إي أن-124 الضخمة التي تستطيع حمل عربات عسكرية ودبابات.
وتحركت تركيا والعراق والأردن لكي تمنع بعض الطائرات الروسية مما زاد ألفي ميل إلى الرحلة والتي تطير عبر بحر قزوين ثم إيران والسعودية ومصر وفي النهاية إلى البحر المتوسط لكي تصل إلى القواعد العسكرية في سوريا، حسب سجلات شاهدتها الصحيفة. ويمتد الطريق الجديد على طول ست ساعات من جنوب روسيا إلى سوريا، أعلى من ساعتين في الطريق الأقصر.
ولدى روسيا، ذخيرة وعربات جنود ودفاعات جوية وقطع غيار وجنودا في سوريا التي يمكن أن تستخدم في أوكرانيا حسب التحليلات العسكرية. ويقول ماثيو روليغو، الزميل في معهد تشاتام هاوس هو “تكيف تكتيكي” وهم “إنهم ينقلون هذه الأمور وشاهدنا انتشارا مماثلا ونفس المنطق في المناطق العسكرية في روسيا حيث يستخدمون نفس قاعدة البيانات في أي وقت”.
وتعاني روسيا من قيود على عملياتها بالمنطقة عبر البحر. واستخدمت تركيا حقها في معاهدة العام الماضي لمنع السفن الروسية من المرور إلى البحر الأسود عبر البسفور، مما أعاق قدرة روسيا لكي تحرك قواربها وأسلحتها التي تحتاجها في هجومها على أوكرانيا.
وفي العام الماضي اتهمت أوكرانيا روسيا باستخدام السفن التجارية لنقل نظام أس-300 الصاروخي من سوريا إلى روسيا عبر المضائق التركية، مستخدمة ثغرة في معاهدة مونتيرو، والتي تغطي استخدام المعابر البحرية الإستراتيجية. وأغلقت تركيا المنفذ إلى البحر الأسود أمام البوارج الروسية. ويقول يورك إسيك، مدير بوسفورس أوبزيرفر “الزيادة في الطيران الجوي يظهر أهمية إغلاق المضائق التركية، مما أجبرهم على نقل كل شيء جوا” و “يظهر أنهم ينقلون معدات ثمينة لا يريدون أن يراها احدا”. وتعتبر مصر ثاني أكبر متلق للمساعدات الأمريكية وتحصل على 1.3 مليار دولار في العام من واشنطن، لكن القاهرة عادة ما تكون حليفا مثيرا للمشاكل. فقد دعمت حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي جاء بانقلاب عام 2013 أمير الحرب الليبي المدعوم من روسيا، خليفة حفتر وسجنت مواطنين أمريكيين. وكشفت صحيفة “واشنطن بوست” في تسريبات ديسكورد عن تفكير مصري لإنتاج صواريخ لروسيا كي تستخدمها في حرب أوكرانيا. وجاء الطلب الأمريكي من مصر وإمكانية إغلاق مجالها الجوي أمام الطيران الروسي أثناء مناقشات داخل وكالات حكومية أمريكية.
“القدس العربي”