رام الله – من محمد هواش والوكالات:
أبلغت امس وزيرة الخارجية الاسرائيلية زعيمة حزب "كاديما" الحاكم تسيبي ليفني رسمياً الى الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريس تخليها عن محاولات تأليف حكومة جديدة تخلف حكومة تصريف الاعمال برئاسة ايهود اولمرت، واوصته باجراء انتخابات مبكرة، بعدما وصلت مفاوضاتها الى طريق مسدود مع حزب "شاس" لليهود الشرقيين المتشددين الذي كان يطالب بزيادة مخصصات الاولاد في الموازنة وبعدم اجراء مفاوضات في شأن مدينة القدس.
والتقت ليفني بيريس في مقر رؤساء اسرائيل واعلمته بفشل مساعيها لتأليف حكومة برئاستها وطلبت منه تقديم موعد الانتخابات.
واوضحت له انها "كانت على استعداد لدفع ثمن مقابل تشكيل الائتلاف الحكومي، ولكن من دون المراهنة على مستقبل دولة اسرائيل سياسياً واقتصادياً ومن دون تبديد الامل في تغيير وجه اللعبة السياسية المتبعة حالياً". وشددت على ان "هنالك ثمناً لا يمكنها ان تدفعه لمجرد سعيها الى تولي منصب رئاسة الوزراء في حكومة مصابة بالشلل، وخصوصاً اذا جاء ذلك على حساب الدولة ومواطنيها". وأضافت انه "اذا كان هناك من يوافق على بيع معتقداته الايديولوجية في مقابل كرسي فهو لا يستحق الجلوس عليه". ورأت انه من المستحسن اجراء الانتخابات في أسرع وقت ممكن، مشيرة الى انها أصدرت تعليماتها الى حزب "كاديما" ليتخذ خطواته في هذا المجال.
وأعلن الرئيس الاسرائيلي انه "سيدعو ممثلي مختلف الكتل السياسية لغرض التشاور معهم، فالتحقق مما اذا كانت ثمة فرصة لاسناد مهمة تأليف الحكومة الى شخصية سياسية قادرة على ذلك او عوض ذلك يجب تقديم موعد الانتخابات". وذكر بأن "القانون يمنحه ثلاثة أيام للتشاور"، مشيرا الى "أنه لا يستبعد ألا يستغل هذه المدة بكاملها". وأكد ان "الانتخابات ليست مأساة والمشكلة تكمن في التوقيت والاسلوب".
واذا لم يتم الاتفاق على مرشح متفق عليه، يعلن بيريس اجراء انتخابات عامة خلال 90 يوما. والموعد في هذه الحال هو 17 شباط 2009. وحتى ذلك الوقت تواصل حكومة تصريف الاعمال برئاسة أولمرت عملها.
واعتبر مراقبون أن من الصعب تأليف حكومة مستقرة من دون مشاركة واحد أو أكثر من الاحزاب الاسرائيلية الكبرى اليوم (كاديما، العمل، "شاس") ولذلك من الصعب ان يجمع أي رئيس حزب تأييد 61 نائبا في الكنيست ليحصل على تكليف من بيريس لتأليف حكومة.
ومارس اليمين الاسرائيلي بقيادة تكتل "ليكود" الذي يرئسه بنيامين نتنياهو ضغوطا لمنع ليفني من تأليف حكومة، فهو يريد ان تجرى انتخابات على أمل ان يحصل فيها على نتائج مشابهة لما تعطيه اياه استطلاعات الرأي في اسرائيل، اذ تظهر هذه الاستطلاعات ان "الليكود" سيتقدم حزب "كاديما"، باستثناء بعض الاستطلاعات التي أعطت "كاديما" بزعامة ليفني تقدما قبل ان تقرر تقديم موعد الانتخابات، وقد يعود قرارها بالفائدة على حزبها على خلفية الاصلاحات التي قام بها (استقالة أولمرت) وعدم خضوع ليفني لابتزاز الاحزاب ماليا وسياسيا.
وكانت ليفني أفادت خلال اجتماع لوزراء "كاديما" انها "حددت امام الشركاء المحتملين خطوطا حمرا لا يجوز تجاوزها، ولذا قررت توصية رئيس الدولة بتقديم موعد الانتخابات بعد فشلها في تشكيل الائتلاف الحكومي"، وأعربت عن ثقتها بأن "حزب كاديما سيؤلف الحكومة المقبلة التي ستكون مستقرة وتستمر ولايتها أربع سنوات".
وقالت ان "المطالب التي قدمتها الاحزاب الاعضاء في الائتلاف الحكومي في الايام الاخيرة باتت مستحيلة مما حملها على وضع حد لها". واضافت: "انها كانت على استعداد للتكريم والاكرام وخصوصا تحويل اعتمادات لمصلحة العائلات المعوزة، الا انها قررت وقف المفاوضات الائتلافية وخوض انتخابات". وقد "اتخذت قرارها هذا عندما تبين ان الاحزاب تطرح مطالب غير مشروعة في المجالين الاقتصادي والسياسي على حد سواء". واعربت مع ذلك عن ثقتها بان "حزب كاديما سيخوض الانتخابات موحداً ويحقق انتصاراً فيها".
وقال رئيس الوزراء المستقيل خلال الاجتماع قبل بدء الجلسة الاسبوعية لمجلس الوزراء انه "كان يأمل في ان تفتتح السيدة تسيبي ليفني الدورة الشتوية للكنيست الاثنين (اليوم) بالادلاء ببيان سياسي عن تأليف الحكومة الجديدة". واضاف ان الظروف التي تكونت تحتم عليه الادلاء بالبيان امام الكنيست بهيئتها العامة، لكنه لا ينوي التطرق الى الشؤون السياسية وانما التحدث عن الملفين الاقتصادي والاجتماعي فقط.
اما حزب "شاس"، فحمّل ليفني تبعة فشل المفاوضات الائتلافية. وقال الوزير اريئيل اتياس ان "حزب كاديما لم يستجب لمطلب شاس زيادة المخصصات للعائلات الفقيرة بمبلغ يراوح بين 300 و500 شيقل".
وصرح للاذاعة الاسرائيلية "بأن ليفني لم تستجب ايضا، لمطلب شاس في ما يتعلق بموضوع القدس"، نافيا ان يكون شاس قد اجرى مفاوضات مع نتنياهو بالتوازي مع عملية التفاوض مع "كاديما".
وانتقد مسؤولون في "كاديما" بشدة اداء رئيس "شاس" الوزير ايلي يشائي، ذلك انه حجب عمدا عن المراجع الدينية للحزب المعلومات الصحيحة الخاصة بسير المفاوضات الائتلافية، لحملها على اتخاذ قرارها بعدم الانضمام الى حكومة برئاسة ليفني. واضافوا ان "كاديما ذهب الى ابعد الحدود للاستجابة لمطلب شاس".
"النهار"