في عملية تشكل تغييرا نوعيا في طريقة تعامل الولايات المتحدة مع سوريا للمرة الاولى منذ الغزو الاميركي للعراق عام 2003، أطلقت مروحيات اميركية النار على قرية في شمال شرق سوريا محاذية للحدود السورية – العراقية بعدما نفذت إنزالا فيها، مما أدى الى مقتل ثمانية مدنيين بحسب السلطات السورية التي استدعت القائمين بالاعمال الاميركي والعراقي في دمشق لديها للاحتجاج على "الاعتداء الخطير". أما واشنطن، فقالت ان الهجوم استهدف عناصر تعمل في شبكة مهمتها ارسال المقاتلين من شمال افريقيا والشرق الاوسط الى سوريا ومن ثم التسلل الى العراق، وأكدت ان القوات الاميركية اضطرت الى تولي الامور بنفسها نظرا الى تجاهل سوريا الدعوات الاميركية الى ضبط حدودها مع العراق.
ونقلت الوكالة العربية السورية للأنباء "سانا" عن مصدر سوري مسؤول "أن أربع طائرات مروحية أميركية آتية من العراق، قامت اليوم (أمس) بانتهاك الاجواء السورية في منطقة البوكمال "مزرعة السكرية"، واستهدفت مبنى مدنيا مما أدى الى مقتل ثمانية مواطنين هم المواطن داود محمد العبدالله وأولاده الاربعة والمواطن احمد خليفة والمواطن علي عباس الحسن وزوجته وجرح مواطن آخر. وعادت الحوامات الاميركية الى الاجواء العراقية".
وأضاف المصدر: “ان سوريا اذ تستنكر وتدين هذا العمل العدواني فانها تحمّل القوات الاميركية مسؤولية هذا العدوان وكل تبعاته. كما تطالب سوريا الحكومة العراقية بتحمل مسؤولياتها وبالتحقيق الفوري في هذا الانتهاك الخطير ومنع استخدام الاراضي العراقية للعدوان على سوريا".
وأوضحت الوكالة أن العملية نفذت قرابة الساعة 4:45 بعد الظهر بالتوقيت المحلي (13:45 بتوقيت غرينيتش) على عمق ثمانية كيلومترات من الحدود".
وبث التلفزيون السوري انه عقب الانزال "اقتحم جنود أميركيون مبنى مدنيا قيد الانشاء وأطلقوا النار على العمال داخل المبنى مما أدى الى سقوط ثمانية شهداء بينهم زوجة حارس المبنى".
ونقل رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الانسان في سوريا عمار القربي عن شهود عيان في قرية مزرعة السكرية ان "أربع حوامات اميركية" دخلت الاجواء السورية، وأن "مروحيتين حطتا في القرية وقصفتا بناء قيد الانشاء مما اوقع تسعة قتلى". واوضح ان "مروحيتين ظلتا تحلقان في الاجواء بينما كانت المروحيتان الاخريان تنفذان الانزال". واضاف ان "المساجد في منطقة البوكمال اطلقت نداء للتبرع بالدم".
وتحدثت قناة "الدنيا" السورية الخاصة للتلفزيون عن"سقوط تسعة شهداء واصابة 14 آخرين"، مؤكدة ان "الشهداء والجرحى كلهم من المدنيين".
ولاحقا استدعى نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد القائمة بالاعمال الاميركية في دمشق مورا كونيلي وابلغ اليها "احتجاج سوريا وادانتها لهذا الاعتداء الخطير وتحميل الادارة الاميركية المسؤولية الكاملة عنه". كما استدعى القائم بالاعمال العراقي الى وزارة الخارجية للغرض ذاته.
واكد مسؤول عسكري اميركي في واشنطن حصول الغارة الاميركية. وقال انها استهدفت عناصر من شبكة ترسل المقاتلين من شمال افريقيا وانحاء اخرى من الشرق الاوسط الى سوريا، حيث ثمة علاقة لعناصر من القوات المسلحة السورية وعناصر من "القاعدة" ومقاتلين آخرين. واضاف انه بينما حققت القوات الاميركية نجاحا مهماً في اقفال "خط الفئران" في العراق بمساعدة العراق وحكومات في شمال افريقيا، فان الجزء السوري من الشبكة ظل بعيدا من المتناول و"الجزء الوحيد من اللغز الذي لم نحقق فيه نجاحا هو صلة الوصل في سوريا… اننا نعالج الامور بانفسنا".
ويذكر ان البيت الابيض وافق في آب الماضي على تنفيذ عمليات مشابهة للقوات الخاصة عبر الحدود مع باكستان لمهاجمة ناشطي "القاعدة" و"طالبان".
وهذه العملية الاولى من نوعها تنفذها القوات الاميركية داخل الاراضي السورية منذ الغزو الاميركي للعراق عام 2003، علما بأن الجيش الاميركي نفذ خلال السنوات الخمس الاخيرة عمليات عسكرية عدة في مناطق عراقية مجاورة للحدود السورية. وتتهم واشنطن سوريا بعدم اتخاذ ما يكفي من الاجراءات لمنع تسلل المقاتلين الاجانب الى العراق.
(سانا، أ ب، أ. ف. ب، ي ب أ)