لجنة التحقيق الرسمية في “كارثة ميرون” (الجرمق) لم تحقق في كارثة مذبحة 7 أكتوبر، لكن هناك ارتباطاً مباشراً بين نتائجها والمذبحة. فالإخفاق يكاد يكون واحداً، والمسؤول واحد: رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الذي قبع إهماله بأساس كارثة الكرمل، كارثة جبل ميرون وكارثة 7 أكتوبر، ليس صدفة أنه سارع للمهاجمة ويقول إن اللجنة سياسية، لأن من عينها هي حكومة بينيت- لبيد.
فعل نتنياهو هذا بأسلوب البيبيين لعصر البيبية. عندما يفتقد لجواب موضوعي، يتناول الأشخاص. لا يملك أجوبة على الأدلة التي تفصلها اللجنة في تقريرها. أدلة تدل على ثقافة كذب واستسلام لإملاءات سياسية من الأحزاب الحريدية على حساب المصالح العامة والأكثر أهمية، بما فيها حفظ الحياة، وأساساً إلى رئيس وزراء يفعل كل شيء كي يمتنع عن القرارات ويؤجلها ويطمسها.
“لم يشدوا طرف معطفي” كانت ذريعته البائسة في لجنة التحقيق في الرد على أسئلة لماذا لم يفعل شيئاً ليمنع الكارثة المعروفة مسبقاً وبعد عشرات التحذيرات التي وصلت في هذا الشأن إلى مكتبه على مدى السنين. تقريران خطيران لمراقب الدولة، وثلاثة قرارات حكومية للهيئة التي يفترض أن تكون مسؤولة عن إدارة “الهالولا”، ولكن أياً منها لم يطبق. كتب تضمنت تحذيرات خطيرة من المفتش العام للشرطة ولجان الكنيست لم يكن فيها ما يكفي نتنياهو كي يشخص وجود خطر رهيب بـ “الهالولا” في ميرون ليمنع ذلك.
نتنياهو رئيس وزراء لا يتخذ القرارات أبداً، إنما يتحلل من المسؤولية ويحرص على بقائه السياسي ويدفع قدماً بثقافة التسيب والانفلات التي تؤدي إلى الكارثة
تواصلت الخلافات الحكومية إزاء “الهالولا” طوال سنين، وامتنع نتنياهو عن حسمها وتحديد هيئة مسؤولة واحدة وإعطائها الصلاحيات لاتخاذ القرارات التي لن تعجب المجتمع الحريدي. روح القائد كانت دوماً هي الاستسلام لمطالب المؤسسة الحريدية التي أدت إلى إتاحة التسيب في “الهالولا”؛ لأن الجبل كان يزود الحريديم بالمال والوظائف والقوة السياسية.
لقد أرادت المؤسسة الحريدية مئات آلاف المحتفلين في الجبل وإلى الجحيم بالأمان، وهكذا ساهمت بيديها في موت 45 من أبنائها. نتنياهو هو الذي سمح لهذا أن يحصل.
لو كنا في دولة سليمة النظام لاستقال نتنياهو أمس
امتنع نتنياهو عن اتخاذ القرارات حول “ميرون” لأنه أراد أن يخدم المصالح الحريدية، بحيث يتاح له البقاء سياسياً ولكي يبعد نفسه عن اتخاذ القرارات ما لا يسمح بإلقاء مسؤولية الأمر عليه. وهكذا تصرف أيضاً قبل كارثة الكرمل عندما امتنع عن اتخاذ القرارات حول منظومة الإطفائية وإخفاقاتها، وكذا قبل كارثة 7 أكتوبر. نتنياهو رئيس وزراء لا يتخذ القرارات أبداً، إنما يتحلل من المسؤولية ويحرص على بقائه السياسي ويدفع قدماً بثقافة التسيب والانفلات التي تؤدي إلى الكارثة. لو كنا في دولة سليمة النظام لاستقال نتنياهو أمس.
أسرة تحرير هآرتس