دمشق ـ «القدس العربي»: أحيا السوريون في إدلب الكبرى شمال غربي سوريا، أمس الجمعة، الذكرى الثالثة عشرة لانطلاقة الثورة السورية بمظاهرات جابت عدداً من شوارع إدلب الرئيسية، كما جاب متظاهرون شوارع ريف حلب رافعين أعلام الثورة، في وقت رفع أهالي دير الزور والسويداء شعارات تندد بالجرائم التي يرتكبها النظام السوري بحق المدنيين، وطالبوا المجتمع الدولي بضمان محاسبة الأسد ونظامه قانونياً.
الناشط الميداني عبد الكريم الثلجي من ريف إدلب، قال لـ “القدس العربي” إن آلاف السوريين شاركوا في مدينة إدلب والمناطق المحيطة بمظاهرات شعبية ضخمة بمناسبة الذكرى الثالثة عشرة لاندلاع الثورة السورية.
وأضاف: “أكد الآلاف من أبناء مناطق شمال سوريا الخاضعة لسيطرة المعارضة الالتزام بنهج الثورة السورية ومبادئها المعروفة منذ 13 عاماً، مرددين شعاراتهم الأولى التي انطلقوا لأجلها وعلى رأسهم الشعب يريد إسقاط النظام، وارحل عنا يا بشار”.
وعمت المظاهرات مدينة إدلب وأريافها في مدن بنش معرة مصرين وتفتناز وكفرتخاريم وجسر الشغور ودير حسان، إضافة إلى الأتارب بريف حلب الغربي ومدن عفرين وعزاز والباب ودارة عزة ومارع بريف حلب، ودير الزور شرقاً، حيث “رفعت أعداد ضخمة من المتظاهرين أعلام الثورة مؤكدون مطالبهم بإسقاط الأسد واستمرارية الثورة من الشمال إلى الجنوب”.
وقال الثلجي إنه حملت المظاهرات عنوان “ثورة لكل السوريين”، ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها “وحدها ساحات التظاهر من تحدد الخطوط الحمراء” و “من ذاق طعم الحرية لن يرضى بطعم العبودية” و”ثورة حرية وكرامة وليست ثورة جياع” و”ما أرهبتنا الدبابات لترهبنا الأقنعة” و”كل المشاريع لا تعنينا سوى مشروعنا الوطني” و”سوريا لكل السوريين” و”مازالت السجون هي المكان الأوسع لتعارف السوريين” و”الخط الأحمر الوحيد هو إرادة الشعب”.
ومنذ أيام، تحضر الفعاليات المدنية الساحات العامة والشوارع استعداداً لإحياء ذكرى الثورة بالأعلام واللافتات التي حملت شعارات إسقاط النظام، والمطالبة بالحرية والعدالة، وإخراج المعتقلين من سجون النظام.
الناشط محمد الخطيب من ريف حلب، قال لـ “القدس العربي” إن هذه التظاهرات تأتي في وقت تشهد فيه عموم مناطق أرياف إدلب وحلب تظاهرات احتجاجية ضد قيادة “هيئة تحرير الشام”، مطالبين بعزل قائدها أبو محمد الجولاني وحل جهاز الأمن العام ومجلس الشورى وتبييض السجون.
وخرجت مظاهرة شعبية في 14 آذار/مارس الجاري في مخيمات الكرامة بريف إدلب ضد هيئة تحرير الشام وزعيمها أبو محمد الجولاني، وطالب المتظاهرون بالإفراج عن المعتقلين في سجون الهيئة.
وهتفوا بأهازيج الثورة التي رافقت السوريين منذ انطلاقها عام 2011، “يالله ارحل يا مجهول” ضد زعيم الهيئة وجهاز الأمن العام.
المرصد السوري لحقوق الإنسان، قال إن المتظاهرين حملوا لافتات تؤكد على مبادئ الثورة السورية، كما نادوا بشعارات تطالب بإسقاط “الأسد والجولاني”.
وقال المرصد: “تشهد مناطق نفوذ “هيئة تحرير الشام” مظاهرات غاضبة في مناطق عدة، حيث خرج الجمعة، أهالي بنش ومعرة مصرين ودير حسان وأريحا بريف إدلب، ودارة عزة بريف حلب الغربي، بتظاهرة إحياءً لذكرى الثورة السورية في عامها الثالث عشر، وتنديداً بانتهاكات الهيئة وزعميها أبو محمد الجولاني”.
وتزامن ذلك مع انتشار عناصر أمنية لجهاز الأمن العام التابع لـ هيئة تحرير الشام في مساجد مدينة إدلب.
وإلى الجنوب، تظاهر المئات الجمعة، في ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء، للمطالبة بالتغيير السياسي، في تاريخ يحمل رمزية للمعارضة في سوريا.
ووفقاً لشبكة “السويداء 24” المحلية، فقد أحيا المتظاهرون الذكرى الثالثة عشرة في مظاهرة طغى عليها طابع كرنفالي، “تأتي في سياق المظاهرات الأسبوعية المعتادة منذ آب/أغسطس الماضي”.
تخلل المظاهرة فعاليات متنوعة، منها إزاحة الستار عن مجسم يخلّد هذا اليوم، ولافتات وصور تحمل الخارطة السورية كاملة، مع أسماء المحافظات، وفعالياتٌ تحمل رسائل للسوريين وتحثّهم على مواصلة مسيرة التغيير والتحرر.
كما ارتفعت في الساحة الأعلام السورية إلى جانب الرايات ذات الخمسة ألوان “البيارق” الخاصة بالسويداء، وهتف المتظاهرون للحرية، والديمقراطية، ولإسقاط النظام.
وفي الأثناء، قال المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا غِير بيدرسون، الجمعة، في بيان نشره بمناسبة ذكرى الثورة: “تتواكب الذكرى السنوية المهيبة للصراع السوري مع تصاعد التوترات على الصعيد الإقليمي وكذلك في جميع أنحاء البلاد، حيث يدخل الصراع عامه الرابع عشر دون أن يلوح حل سياسي في الأفق”.
وأضاف: “عانى السوريون لفترة طويلة من العنف والدمار الذي لا يمكن وصفه، والذي أثّر دون تمييز على الصغار والكبار، والرجال والنساء، وجميع شرائح المجتمع”.
ولفت بيدرسون، إلى استمرار الأزمة الإنسانية بسوريا في التفاقم، قائلاً: “يحتاج 16.7 ملايين شخص إلى المساعدة الإنسانية، وهو أكبر عدد من المحتاجين منذ بدء الصراع”. وأكد أن هناك أكثر من 5 ملايين لاجئ يعيشون في الدول المجاورة، وأكثر من 7 ملايين نازح داخل سوريا التي انهار اقتصادها أيضاً.
ودعا بيدرسون، جميع أطراف الصراع إلى الوقف الفوري للعنف، والوفاء بالتزاماتهم بموجب القانون الدولي الإنساني لحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية، فضلاً عن الإفراج الفوري وغير المشروط عن الأشخاص المحتجزين بشكل تعسفي. وتابع: “لا يزال اللاجئون والنازحون يفتقرون إلى الظروف اللازمة لعودة آمنة وكريمة وطوعية، ولا تزال مخاوفهم البالغة الأهمية فيما يتعلق بالحماية وسبل العيش، وهي أمور أساسية، دون حل”.
وأوضح بيدرسون، أنه يتعين على المجتمع الدولي أن يوحد جهوده للدفع باتجاه العملية السياسية وفقاً لقرار مجلس الأمن 2254 (2015)، بما في ذلك تدابير بناء الثقة، واستئناف عمل اللجنة الدستورية، وفي نهاية المطاف المعالجة الشاملة لمجموعة كاملة من القضايا التي يجب حلها لإنهاء هذا الصراع.