“ما نزال نعتقد أن هناك وقتا ومساحة لحل دبلوماسي. الحرب ليست حتمية. وسنواصل بذل كل ما في وسعنا لمحاولة منعها”.
- جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، 20 أيلول (سبتمبر) 2024
”أصبح من الواضح بشكل مروع أن تقنيتنا تجاوزت إنسانيتنا”.
- ألبرت أينشتاين، عالم فيزياء نظرية ألماني المولد، 1879-1955
”كم مرة يمكن للرجل أن يدير رأسه/ ويتظاهر بأنه لا يرى”.
- بوب ديلان، “في مهب الريح”، 1962
****
لم تكن أي إدارة ديمقراطية راغبة في تحدي تجاوزات السياسة الإسرائيلية، وإدارة بايدن ليست استثناء. وقد أشار عناق الرئيس جو بايدن لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد أيام عدة من هجوم حماس في 7 تشرين الأول (أكتوبر) إلى أن السياسة الأميركية ستكون أحادية الجانب.
والأسوأ من ذلك أن وزير الخارجية أنتوني بلينكن وصل إلى إسرائيل في 12 تشرين الأول (أكتوبر)، وقال إنه لم يكن هناك كوزير للخارجية فحسب، بل “كيهودي”. وبذلك، كانت الولايات المتحدة متواطئة في كل جانب تقريبا من جوانب حملة الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل في غزة، فضلا عن لامبالاتها الواضحة المتجسدة في قبول سياسات إسرائيل الوحشية ضد الفلسطينيين الأبرياء في الضفة الغربية.
يشكل صمت الولايات المتحدة في أعقاب الانفجارات المميتة لأجهزة الاستدعاء وأجهزة الاتصال اللاسلكي التي حدثت في جميع أنحاء لبنان مؤشرًا آخر على عدم رغبة الولايات المتحدة في إدانة أعمال الإرهاب الإسرائيلية الشنيعة. ويواصل الدبلوماسيون الأميركيون والمتحدث باسم مجلس الأمن القومي، جون كيربي، الادعاء بأن جهودهم حالت دون نشوب “حرب شاملة” بين إسرائيل ولبنان، لكن هذا ببساطة لم يكن واقع الحال.
ولا يبدو أن حقيقة مقتل وإصابة مئات اللبنانيين الأبرياء، بمن فيهم الأطفال والعاملون في مجال الرعاية الصحية، تعد “أعمال حرب”. وفي الوقت نفسه، يحث بلينكن في مصر “جميع الأطراف” على تجنب الخطوات التي يمكن أن “تزيد من تصعيد الصراع الذي نحاول حله”. ومن الواضح أن بلينكن يبدو وكأنه ليست لديه فكرة عن تجاهل الإسرائيليين له، وأن تصريحاته العقيمة لم تؤد إلا إلى إحراج الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وكذلك على المسرح العالمي الأوسع.في الوقت نفسه، توشك هيئات الرقابة الحكومية في وزارتي الخارجية والدفاع الأميركيتين على إصدار بيانات تصادق على تصدير ما قيمته مليارات الدولارات من الأسلحة الأميركية التي تنتهك القوانين التي تحظر نقل المساعدات العسكرية إلى البلدان التي ترتكب انتهاكات لحقوق الإنسان وتمنع حركة المساعدات الإنسانية.
وتوثق بيانات “محكمة العدل الدولية” و”المحكمة الجنائية الدولية هذه الانتهاكات”، وهو ما شرعت نتيجة له بعض الدول (مثل بلجيكا وبريطانيا وكندا واليابان وهولندا وإسبانيا) في تقييد تدفق الأسلحة إلى إسرائيل. وبصرف النظر عن التوقف المؤقت في شحنة واحدة من قنابل MK-84 هائلة التدمير التي يبلغ وزنها 2.000 رطل في حزيران (يونيو)، والتي لم يكن ينبغي تقديمها إلى إسرائيل في المقام الأول، لم تتخذ إدارة بايدن أي إجراء لتقييد زيادة تدفق الأسلحة الأميركية إلى إسرائيل. وكان ما يقرب من 70 في المائة من الأسلحة المستخدمة ضد غزة ولبنان قد جاء من مخزونات الولايات المتحدة.قبل خمسة أشهر، انتقد تقرير صادر عن وزارة الخارجية إسرائيل لفشلها في حماية المدنيين في غزة، لكن التقرير تجنب استنتاج أن إسرائيل انتهكت أي قوانين، وبالتالي لم يضغط على إدارة بايدن لتقييد إرسال الأسلحة إلى إسرائيل. ووصف المحامي السابق في وزارة الخارجية، بريان فينوكين، التقرير بأنه “مخفف جداً” و”معالج قانونياً” بشكل كبير.ووصفت فرقة عمل مستقلة التقرير بأنه “مضلل عمدًا في دفاعه عن أفعال وسلوكيات من المحتمل أنها تنتهك القانون الإنساني الدولي والتي قد ترقى إلى جرائم حرب”.
وتم تسليم التقرير إلى الكونغرس في وقت متأخر من بعد ظهر يوم الجمعة، وهي وسيلة تستخدمها الوكالات الحكومية عادة لتقليل التأثير العام للإعلان.
ونفى المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، كيربي، الذي يذعن باستمرار لإسرائيل، كما هو متوقع أن يكون للتأخير في التوقيت أي دافع “خبيث”.
ولم يشر التقرير إلى أن نمط الهجمات الإسرائيلية على قوافل المعونة الإنسانية كان إما متعمدا أو مؤشرا على عدم الكفاءة المتهورة. والإسرائيليون ليسوا غير أكفياء، ويمكنك استخلاص استنتاجاتك الخاصة.السناتور كريس فان هولين (ديمقراطي / مقاطعة ميريلاند) هو أحد أعضاء مجلس الشيوخ القلائل الذين يشددون على الحاجة إلى محاسبة إسرائيل.
وقال فان هولين: “إذا كان السلوك الإسرائيلي يتوافق مع المعايير الدولية، فليساعدنا الله جميعا”. ويحظر “قانون المساعدة الخارجية” بوضوح تقديم المساعدة العسكرية إلى أي بلد يقيد المساعدات الإنسانية، وهو ما تم توثيقه بما يكفي.كان استمرار الاضطهاد الإسرائيلي للمجتمعات الفلسطينية والعربية واضحا منذ البداية. وتم التخطيط لتهجير المجتمع الفلسطيني حتى قبل إعلان قيام دولة إسرائيل.
وأظهر تورط إسرائيل السري في حرب السويس في العام 1956 للدول العربية أن إسرائيل كانت جزءا من التجربة الاستعمارية البريطانية والفرنسية في الشرق الأوسط.
ولم تكن هناك جهود إسرائيلية للإشارة إلى أي اهتمام بجعل إسرائيل جارة شرعية للمجتمع العربي. ولم تكن حرب الأيام الستة العام 1967 أبدا ذلك الهجوم الوقائي الذي يشكل الحديث عنه جزءا من المزاعم المتداولة بين النقاد والسياسيين.أنتج الغزو الإسرائيلي للبنان في العام 1982 كابوسا استراتيجيا لإسرائيل لما يقرب من عقدين من الزمن. وفي محاولة لسحب حبات الكستناء الإسرائيلية من النار التي أشعلتها، عانت الولايات المتحدة من فقدان مئات عدة من الجنود والدبلوماسيين الأميركيين.
ووضع الرئيس رونالد ريغان القوات في طريق الأذى من دون حماية كافية ثم فشل في الانتقام من العمل الإرهابي على الرغم من المعلومات الاستخباراتية الحساسة التي حددت الجناة. وقبل نائب مستشار الأمن القومي في عهد ريغان، الكولونيل روبرت ماكفرلين، علنًا اللوم على الافتقار إلى تدابير الحماية.للأعمال العدائية الحالية في غزة والضفة الغربية أبعادها ومقدماتها الخاصة. فقد أكد الإسرائيليون دائما أن فلسطين كانت “أرضًا بلا شعب لشعب بلا أرض”، مما جعل من المحتم أن يحدث صراع عرقي وحشي. وأشار الكاتب الإسرائيلي، ديفيد شولمان، الذي كتب في “نيويورك ريفيو أوف بوكس”، إلى أن الإسرائيليين أنكروا “وجود شعب فلسطيني يتقاسم الأرض مع اليهود ولكنه محروم من حقوقه، من دون ملجأ في القانون، بل من دون أي حقوق إنسانية أساسية، الأمر الذي يولد حتما العنف والعدوان”. وما يزال هذا الإنكار الإسرائيلي مرضًا لا يبدو أن له علاج.من الواضح تماما أن استراتيجية نتنياهو هي القضاء على كل من “حماس” و”حزب الله” بغض النظر عن التكلفة التي يتحملها الرهائن الإسرائيليون أو المدنيون الفلسطينيون واللبنانيون.
وتواصل وسائل الإعلام الرئيسية الإصرار على أن الولايات المتحدة ليس لها تأثير يذكر على إيران و”حزب الله”، لكنها تملك نفوذا كبيرا على إسرائيل. وسينطوي استخدام هذا النفوذ على الحد من نطاق ووتيرة شحنات الأسلحة الأميركية في أقرب وقت ممكن، ولكن ليس هناك ما يشير إلى أن إدارة بايدن ستتخذ مثل هذه الخطوة.
*ملفين غودمان Melvin A. Goodman: زميل أقدم في “مركز السياسة الدولية” وأستاذ الحوكمة في جامعة جونز هوبكنز. محلل سابق في وكالة المخابرات المركزية، ومؤلف كتابي “فشل الاستخبارات: تراجع وسقوط وكالة المخابرات المركزية”؛ و”انعدام الأمن القومي: تكلفة النزعة العسكرية الأميركية”.
وهو مبلغ عن المخالفات في وكالة المخابرات المركزية. أحدث كتبه هي “المذبحة الأميركية: حروب دونالد ترامب”، (منشورات أوبس، 2019)؛ و”احتواء دولة الأمن القومي” (منشورات أوبس، 2021). وهو كاتب عمود الأمن القومي في “كاونتربنش”.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: No End to Israel’s Killing Machine and U.S. Complicity
- الغد