كان متوقعاً أن يُحدث لقاء الإدارة السورية الجديد مع الوفد الروسي في دمشق، أمس الثلاثاء، عاصفة من التناقضات بين السوريين، بين مؤيد ومعارض، ذلك أن المعارضين يرون أن الروس هم شريك نظام الأسد المخلوع في دم السوريين، بينما يرى المؤيدون أن اللقاء هو جزء من سياسة انفتاح سوريا الجديدة على الشرق، والموازنة مع الانفتاح الجاري على الغرب.
إلى جانب ذلك، سيطرت الدبلوماسية إلى حد ما على البيانات الرسمية الصادرة عن الجانبين، لكن مصادر كشفت لـ”المدن”، عن بعض الخطوط العريضة لما تناوله الاجتماع المطول، أبرزها كان المطالبة بتسليم بشار الأسد وكبار مسؤوليه للشعب السوري.
والتقى قائد الإدارة السياسية الجديدة أحمد الشرع، أمس، مع وفد روسي يرؤسه مبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط، ونائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف. وهي أول زيارة لوفد روسي منذ الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.
لقاء رسمي
وقالت المصادر إن اللقاء بين الجانبين كان رسمياً إلى حد كبير، ودام نحو 3 ساعات، وكان الجانبان متحفظين وحذرين في جميع النقاشات التي طُرحت على الطاولة. وتناولت النقاشات جميع الملفات بين سوريا وروسيا، بما في ذلك بقاء القواعد الروسية.
وتوجه الشرع بما يشبه العتاب إلى الجانب الروسي، بسبب تدخله إلى جانب نظام الأسد في حربه ضد السوريين، قائلاً إن الشعب السوري لديه تجربة قاسية مع الروس وكان يتأمل من موسكو أن تقف بجانبهم، لا ضدهم، نظراً للمكانة الكبيرة لروسيا في قلوب السوريين خصوصاً، والعرب والمسلمين عموماً.
من جانبه، كان بوغدانوف والوفد الروسي مستمعاً، أكثر منه متكلماً، وكرر على مسامع الشرع نفس روايته الرسمية، أن روسيا لم تكن تدعم نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، إنما كانت تحارب الإرهاب، وأرادت الحفاظ على وحدة واستقرار سوريا، لكنه شدد على أن موسكو تريد فتح صفحة جديدة.
تسليم الأسد
واعتبر الشرع أن استعادة موسكو لمكانتها بين السوريين كما كانت سابقاً، لن تتحقق بدون مشاركة فاعلة من روسيا في تحقيق محاسبة المجرمين من نظام الأسد، وتقدم لهم تعويضات، وتساهم في تحقيق استقرار الأمن والاقتصاد في البلاد.
كما دعا روسيا للمساهمة بشكل فعّال في تحقيق العدالة الانتقالية، حتى تستعيد مكانتها السابقة، وعلى رأسها تسليم بشار الأسد وكبار ضباطه ومسؤوليه الأمنيين والعسكريين الذين فروا معه أو لاحقاً إلى روسيا، كما دعا بوغدانوف إلى مساهمة روسيا في ملاحقة الباقين أينما كانوا، حسب المصادر.
الكرملين يرفض التعليق
في الأثناء، رفض المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف، اليوم الأربعاء، التعليق على مسألة مطالبة الإدارة السورية الجديدة بالتعويضات لاستعادة الثقة، وتسليم بشار الأسد. وقال إن الكرملين يعتبر أن الاتصالات بين موسكو ودمشق مهمة، مؤكداً على أنه من الضروري الحفاظ على حوار دائم مع السلطات السورية، “وروسيا ستواصل القيام بذلك”.
من جانبها، قالت القيادة العامة للإدارة السورية الجديدة في بيان، إن المناقشات خلال الاجتماع ركزت على قضايا رئيسية، بما في ذلك احترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها، فيما “أكد الجانب الروسي دعمه للتغييرات الإيجابية الجارية حاليا في سوريا”.
وسلط الحوار الضوء على دور روسيا في إعادة بناء الثقة مع الشعب السوري من خلال تدابير ملموسة مثل التعويضات وإعادة الإعمار والتعافي، كما شارك الجانبان في مناقشات حول آليات العدالة الانتقالية التي تهدف إلى ضمان المساءلة وتحقيق العدالة لضحايا الحرب الوحشية التي شنها نظام الأسد، حسب البيان.
وأكدت الإدارة السورية التزامها بالتعامل مع جميع أصحاب المصلحة بطريقة مبدئية لبناء مستقبل لسوريا متجذر في العدالة والكرامة والسيادة، كما شددت على أن استعادة العلاقات يجب أن تعالج أخطاء الماضي وتحترم إرادة الشعب السوري وتخدم مصالحه.
– المدن